Thursday 9th January,2003 11060العدد الخميس 6 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

العمالة السورية الرخيصة تغزو لبنان العمالة السورية الرخيصة تغزو لبنان

* بيروت جوزيف لوجان رويترز:
يصفهم بعض اللبنانيين بالجيش.. إنهم حشود من العمال السوريين الذين يتولون الأعمال المتدنية في لبنان.
لكن لا يتعجل الكثير من اللبنانيين في انتزاع حريتهم والعودة لجمع البطاطس وحمل الطوب وهي الأعمال التي يقوم بها السوريون باعتبارها فرص عمل غير متوافرة في بلادهم.
يقول فيصل وهو مقاول سباكة لبناني «إنهم ينامون في المباني المهدمة ويرتدون الملابس نفسها لأيام ويعيشون بأقل القليل، لا يمكن لأحد منافستهم.. ولا أحد يريد ذلك حقيقة».
لكن الإحصاءات حساسة في أغلب الأحيان في لبنان، إذ لا يمكن عمل تعداد لأن من شأنه زعزعة استقرار توازنات القوى بين المجموعات الطائفية التي تقاتلت في الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 ولا يختلف الأمر فيما يتعلق بالعمال الذين يمثلون أحد أوجه العلاقات اللبنانية السورية.
وتقدر وزارة العمل اللبنانية أنه كان هناك نحو 54 ألف عامل أجنبي مسجلين في عام 2000.
وتقدر الجماعات المسيحية المحافظة المعارض الرئيسي للوجود السوري في لبنان عددهم بنحو مليون أو أكثر عامل من أصل سوري في بلد تعداده أربعة ملايين.
لكن المحللين يقولون إن العدد الحقيقي يقع عند منتصف النطاق بين هذين التقديرين ويظهر أن حتى اللبنانيين الغاضبين من العلاقات التي تصفها سوريا بأنها «شعب واحد في بلدين» فإن مصالحهم الاقتصادية مستقلة عن مشاعرهم الوطنية.
وقال أحد المحللين طلب عدم نشر اسمه عن عمال الزراعة والبناء القادمين من سوريا التي يعادل إجمالي ناتجها المحلي مستواه في لبنان لكن مع عدد سكان أربع أمثال عدد سكان لبنان «ليست هذه قصة حب من طرف واحد».
وأضاف «أعتقد أن هناك ما بين 300 و350 ألف عامل سوري بعضهم يأتي لعمل موسمي وبعضهم يبقى للعمل في مشروعات البناء ونسبة صغيرة تعمل في قطاع الخدمات من فنادق وخدمات شخصية... إنها علاقة بين صاحب العمل اللبناني والعامل الأجنبي وما يحافظ على استمرارها هو رغبة صاحب العمل في خفض تكاليفه». وتشمل قواعد تشغيل العمال اللبنانيين ضرائب وإسهامات في التأمينات الاجتماعية تجعل جميع المراقبين يتفقون على أنها تعطي مبرراً لصاحب العمل لتجنب تشغيلهم، لكن هناك عوامل أخرى غير القوانين تجعل اللبنانيين يرفضون القيام بهذا النوع من الأعمال.
ويقول كمال حمدان الاقتصادي الذي درس هجرة العمالة في لبنان «المسألة تتعقد سريعاً عندما يبدأ الحديث عن مدى استعداد اللبنانيين لشغل وظائف كان يشغلها غير اللبنانيين من قبل».
يضيف «أنهم ليسوا مستعدين لدخول هذه المجالات التي ينظرون إليها بأنفة والمسألة تتعلق بالمجتمع ككل ومدى استعداده لدخول هذه المجالات التي يتعالى عليها». وتاريخياً يقول حمدان إن هذا النوع من الأعمال التي يقوم بها السوريون الآن كان غالباً من نصيب الأجانب وحتى ارتفاع معدل البطالة الذي قدرته الأمم المتحدة بنحو 29 في المئة في عام 2000 لم يكن كافياً لتغيير هذا الوضع.
والنتيجة هي المشهد المعتاد في لبنان... عمال سوريون يقيمون في المباني المهدمة في بيروت أو في مواقع المشروعات الإنشائية التي يعملون بها أو في أكواخ وخيام وسط الحقول في سهل البقاع.
ولكن البعض يعد ذلك استفزازاً لا يطاق، وقتل عدد من العمال السوريين في عام 2001 في تبادل لاطلاق النار أو هجمات بقنابل يدوية رغم أن المسؤولين اللبنانيين وصفوا بعض هذه الهجمات بأنها حوادث. وفسرت هذه الأحداث على نطاق واسع في لبنان على أنها دليل على الغضب إزاء تعزيز سوريا لنفوذها في لبنان بعد الحرب حيث تبقي على قوات قوامها نحو 20 ألف جندي ونفوذ واسع النطاق على الرئاسة والقضاء والجيش والأجهزة الأمنية.
ويرجع الوجود العسكري السوري إلى بدايات الحرب الأهلية عندما تدخلت لحماية الميليشيات المسيحية من المقاتلين المسلمين والفلسطينيين، لكن دمشق انقلبت على المسيحيين بعد ذلك عندما مالوا إلى جانب عدوتها إسرائيل.
ورعت سوريا بعد ذلك اتفاقا لإنهاء الحرب يبرر مؤقتاً على الأقل وجودها العسكري في لبنان الذي يقول معارضوه إنه أحد أعراض علاقة قوة غير صحية بين البلدين.
ويقول سمير مشعلاني وهو مهندس مدني ومنظم جماعة معارضة ذات قاعدة مسيحية تريد إخراج سوريا من لبنان أن ظاهرة العمالة السورية توضح تماماً أن البلدين يجب أن يعيدا النظر في علاقاتهما.
وأضاف «الجميع يعلم أن هناك عيوباً في العلاقات اللبنانية السورية ونحن نريد تحقيق أفضل علاقة ممكنة مع سوريا... فيما يتعلق بالعمال فإننا نحتاج إليهم لكن نحتاج إليهم دون أن يحلوا محل اللبنانيين الذين يدفعون الضرائب».
ويأسف مشعلاني لأن العديد من اللبنانيين مهما كان استياؤهم من العمالة السورية لن يقبلوا أبداً أن يقوموا بالأعمال التي تدر عائداً يتراوح بين 15 و 25 دولاراً يومياً وهو أعلى بكثير مما يحصل عليه موظف حكومي في سوريا ناهيك عن العامل. ويقول «صاحب العمل اللبناني والمقاولون يقومون بدور كبير وعليهم مسؤولية لكن اللبناني الورشة الذي كان يقوم بالعمل بيديه اعتاد على تشغيل سوري للقيام بهذه الأعمال بدلاً منه».
وقال أشار غازي إبراهيم «28 عاماً» وهو سوري عمل بشكل متقطع في لبنان بعد أن أدى خدمته العسكرية فيه وهو يجلس في مكان في وسط بيروت يرتاده المقاولون لتشغيل العمالة اليومية وجميعها تقريباً من السوريين «في كل مكان عملت فيه كنت أرى الشيء نفسه.. إذا كان هناك عامل سوري خاصة في الأعمال التي تحتاج قوة بدنية فإن العمل يتم بشكل أسرع ودون تلكؤ وهو ما يحدث عادة إذا كان العامل لبنانياً».
وتابع «بالنسبة لي فإني أتحمل بعض الظروف المتعبة مقابل المكسب وبالنسبة لهم فأنا لا أكلفهم شيئاً يذكر ويحصلون على النتيجة المطلوبة».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved