اطلعت على ما جاء في «جداول» سعادة الأستاذ الفاضل حمد بن عبدالله القاضي في جريدتنا لعددها رقم «11036» تحت عنوان «الأسماء بين عذراء وصالح». ولقد أشار سعادته مشكوراً إلى أهمية اختيار اسم الولد ذكراً كان أم أنثى وأن ذلك من حقوق الولد على والديه.
أقول.. لقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الأسماء «الغريبة» نطقاً.. والغامضة معنى وبالكاد تجد لبعضها تفسيراً جلياً أو معنى ظاهراً بل من غير المستغرب أن تُجمع بعض الحروف «لتصفيف» الكلمة وتشكيل الاسم علماً بأن تلك الأسماء وإن كانت تحمل معنى صحيحاً في الأصل إلا أنها أحوج ما تكون لقواميس اللغة.. ومعاجم الأسماء لفك رموزها وتوضيحها للآخرين والبعض الآخر منها وإن كان جلي المعنى.. وواضح العبارة إلا أنه أقرب ما يكون لإشراكه في «مسابقة» تعجيزية لترداد الاسم ونطقه بطلاقة وذلك عندما يحتوي الاسم على عدد من الحروف يثقل التفوه بها على كل لسان من حيث النطق السليم.. والتلفظ الحقيقي لها.
وإذا كان الشرع قد أتاح لنا الحرية في اختيار الاسم فهي محددة ومؤطرة بأطر شرعية. ومن تلك الحدود في قضية الأسماء.. ما كان منها محرماً شرعاً كالتسمي بأسماء الله.. تبارك وتعالى. أو الانتساب لغيره.
وغير ذلك. ومثلها تلك الأسماء المكروهة والتي تحمل معاني التزكية وألفاظ المدح البليغ.
وتأكيداً على ذلك فلقد غير النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسماء وحولها إلى النقيض منها حيث بدل اسم «حَرْبْ» إلى «سَلْم» وغير «حزن» ب«سهل» وغيرها من الأسماء المخالفة للشرع الحكيم.
وهذا دليل على أهمية اختيار الاسم وأن له أثراً ملموساً على حياة الفرد.. وتناغماً خفياً بين شكلية الاسم وحقيقة المسمى.. والمشاهد أن الناس عندما يسر أحدهم بموقف معين من شخص «ما» ويتبين له الاسم الموافق لطبيعة ذلك الموقف فسرعان ما يدعو له ويبادره بالعبارة المألوفة قائلاً: «أحسن الله إليك.. اسم على مسمى» والعكس صحيح.. والحق أن قضية الأسماء يجب أن تحظى بالاهتمام بدءاً من حرص الوالدين والرأي الصائب للمجتمع المحيط.. بل إن الجهات المنوط بها اعتماد الأسماء وتثبيتها في الأوراق الرسمية هي الأخرى تتحمل المسؤولية عند إقرار الاسم واعتماده فيما لو تمت المخالفة.
وإذا كانت بعض الأسماء معلومة التحريم وواضحة المخالفة. فإن ثمة أسماء لا تكون كذلك.. ونجد هذا عندما يعمد أحدنا لتسميته لابنه بأسماء أجنبية.. لأفراد وشرائح مخالفة لنا في الدين والعقيدة والآداب الإسلامية لا لشيء سوى الإعجاب.. والتقليد المقيت.. والأسوأ تلك العادات الجاهلية.. والأفكار المغلوطة حينما يسمى «المولود» بأسماء «غامضة» و «موحشة» تنفر منها الطباع السليمة.. كل ذلك تفادياً للأخطار.. أو دفعاً للأضرار.. وتلك ظنون واهية.
ويكفي أن شرعنا الحكيم أقر بعض الأخلاق والعادات الاجتماعية والأعراف السائدة الموافقة للشرع.. وما يخص الأسماء.. إنكار بعضها حينما «يشذ» الاسم.. ويستغرب في الوسط الاجتماعي المحافظ.إذن علينا حسن الاختيار.. وبساطة الاسم.. وتوخي الأسماء الفاضلة والمرضية منها.. تجنباً للوقوع في خلافها.
ولعل التوسع في هذه القضية.. والمبالغة فيها رغبة في التجديد وطمعاً في التغيير.. وسعياً للشهرة.. والغرابة.. يعد أحد أهم الأسباب التي من شأنها الوقوع في المحذور من حيث لا ندري.
والله من وراء القصد
خالد بن عايض البشري
|