في بحر أسبوع انتقدت الولايات المتحدة إسرائيل مرتين، الأولى بسبب تدميرها المتواصل لمنازل الفلسطينيين، بينما كان الانتقاد ضمنياً في المرة الثانية رداً على منع إسرائيل وفداً فلسطينياً من التوجه إلى لندن حيث لم يتجاوز الانتقاد الاعراب عن الأسف.
وفي الواقعة الأخيرة انضمت بريطانيا إلى الولايات المتحدة في انتقاد إسرائيل، فرئيس وزراء بريطانيا هو من دعا الفلسطينيين للقدوم إلى لندن، ومن ثم فقد ارتفعت حرارة الجدل بين بلاده وإسرائيل وتبادل الاثنان الاتهامات بعرقلة جهود السلام.
لكن في ذات الأسبوع توجه وفد إسرائيلي إلى الولايات المتحدة لترتيب الحصول على مساعدات تبلغ أربعة مليارات دولار فضلاً عن قروض بمبلغ عشرة مليارات دولار تضمنها حكومة بوش.
ولم نسمع أن المحادثات الخاصة بهذه القروض أو المساعدات قد توقفت أو جرى تعليقها أو تأجلت رغم الانتقادات الأمريكية لإسرائيل.. وهكذا تظل هذه الانتقادات بعيداً عن التأثير على ما تقوم به إسرائيل وهي لن تثني الدولة الصهيونية عن ممارساتها القمعية اليومية وعلى سلوكها العسكري المنفلت الذي يتطور كل حين وآخر إلى أقصى درجات العنف.
فإسرائيل تظل، دائماً هكذا، بعيداً عن المساءلة والمحاسبة، ولا تتم معاقبتها، وكل ذلك يعني أن الدول الكبرى تعطيها الضوء الأخضر للمضي قدماً في ممارساتها اللاإسانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
ولا يستقيم هذا المسلك من قِبل الكبار تجاه إسرائيل مع ما يفترض أن تكون عليه حالة العالم من تعامل بين دوله، كما أن ذلك يرسخ قناعة بأن العلاقات الدولية ستواجه فترة حالكة تتهاوى فيها كل المبادئ التي تعارفت عليها الدول وتواضعت على اتباعها من أجل الحفاظ على استقرار العالم ومن أجل تلمس سُبُل تسوية بعض من شؤونه المضطربة.
والمطلوب دائماً تقديم أمثلة طيبة لكيفية التعامل مع حالة النشاز التي تمثلها إسرائيل على الساحة الدولية.. وإذا كانت الممارسات الإسرائيلية ترضي بعض الكبار فإنها تشكل استفزازاً للغالبية العظمى من دول العالم، بينما هي تدفع المتضررين منها، في المقام الأول، وهم الفلسطينيون إلى الذود عن أنفسهم ودفع الضرر بما يتوفر لديهم من وسائل بعد أن يئسوا من نصرة العالم لهم، وتقاعسه عن رد الظلم أو على الأقل اتخاذ موقف عادل وغير منحاز تجاه ما يجري.. ومع ذلك فإن دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم يغضب البعض الذين يصفونه بالإرهاب.
|