** مشكلتنا.. أن لدينا بعضاً من التصرفات أو التقليعات أو «الوسوسات» التي لا نفهمها أو لا نفهم.. لماذا نعملها.. لكننا نعملها دائماً.. دون أن يكون هناك سبب مقنع لهذا العمل أوذاك..
** خذوا مثالاً واحداً.. نبني سور الفيلا بارتفاع ثلاثة أمتار تحوّطاً.. كأطول سور فيلا في العالم كله.. ثم نذهب للحدادين ونقاول على عمل حدايد أخرى وستاير «شينكو» بارتفاع ثلاثة أمتار أخرى.. وربما أربعة.. ليصبح ارتفاع السور سبعة أمتار عل الأقل.. ونمنع عنَّا.. وبإرادتنا.. الضوء والهواء.. كما نمنعه عن الجيران أيضاً..
** بكل تأكيد.. السبب في وضع هذا السور.. هو حتى نحافظ على خصوصيتنا ونتستر من أعين الجيران.. وحتى نضمن.. ألا ينظر أحد من الجيران الى داخل السور.. مع أننا لا يمكن وبأي حال.. أن نجلس في فناء الفيلا أو حتى نمر معه مجرد مرور.. وأعرف الكثير من الناس.. رجالاً ونساءً.. لم يجلسوا طول عمرهم في فناء الفيلا أو حتى يعرفوا.. ماذا يجري خلف الفيلا داخل السور.. أو ماذا يحدث في غير مقدمة البيت.. لأنه طريقهم في الدخول والخروج.
** إذاً.. لماذا نضع هذا التشويه ونحن لا نحتاجه؟.
** لماذا نخسر كل هذه المبالغ في أمور لا نحتاجها؟.
** لماذا لا نفكر جيداً.. قبل أن نضع مثل هذه السواتر التي لا قيمة ولا نفع لها؟.
** لا يمكن أن نتخيل.. أن جاراً يتلصص أو «يطل» أو «يِوِيْقْ» على جاره أو يحاول سرقة أو اختلاس فرصة ليوجه عينيه الى داخل بيت جاره.
** يبدو لي أن هذا شيء بعيد للغاية.. عوضاً عن أن الناس عادة لا تجلس إلا داخل الفيلا إلا ما ندر.. كأن يكون هناك مسبح أو جلسة معدة أصلاً للجلوس.
** المشكلة الأخرى.. هي عندما تتحول هذه الممارسة إلى عادة.. فهذا يضع هذه السواتر وجاره يسارع لتقليده وخسائر بدون أدنى مبرر.
** إنني لا أقلل من قيمة وأهمية التستر والتحرز من الأعين المتلصصة.. ولا أقلل من قيمة المحافظة على الخصوصية وعدم السماح لأي أحد باقتحامها.. لكن إذا وصل الأمر إلى حد الشك لمجرد الشك.. أو افتراض شيء لا يمكن أن يحصل.. فهذا مجرد وسوسة لا مبرر لها.. وعند الوسوسة.. الخبر اليقين..!!
** الستر مطلوب.. نعم.. ونحن مجتمع مسلم محافظ.. ومجتمع يحرص على الفضيلة والأخلاق.. ومجتمع متمسك بدينه.. ومجتمع يصون المرأة ويحفظ لها كيانها وكرامتها وعفتها..
** ومجتمع يعرف قيمة الفضيلة ويحارب الرذيلة.. ومجتمع هو مضرب المثل في الأخلاق والالتزام ولكن.. يجب ألا نفترض أشياء لا يمكن وقوعها.. فنشوه
مساكننا بهذه الجدران الشاهقة من «الشينكو» لمجرد أننا نتوقع أن هناك نافذة تبعد عن الفيلا مائة متر.. وقد «يطل» أو «يِوِيْقْ» معها واحد.. ويشوف بعض الأماكن التي لا يمكن وبأي حال أن نرتادها داخل الفيلا.. بل إن الكثير يسكن في فلته منذ ثلاثين سنة.. وهناك أماكن داخل سور الفيلا.. لم يمر عليها ولو مرة واحدة.. وهكذا كل أفراد أسرته.. ومع ذلك.. يضع هذا «الشينكو» لتغطية هذه المنطقة.
** هذا.. رزق «مقسوم» لهؤلاء الحدادين ولمصانع الشينكو و«طوِّل سُورك.. وصِكْ المزلاج وسكِّر الدَّرايش».. ونم..!!
|