سؤال محير وسهل في الوقت نفسه.
حسب وجهة نظري هناك طريقتان للنظر في سؤال كهذا. هناك الطريقة المعتادة والمتداولة عندما يطرح مثل هذا السؤال، حيث يطرح بهدف تحسين وتمكين وتجذير القائم. عندها يكون سؤال وزارة المعارف كتب بطريقة ركيكة ومضللة بعض الشيء لأنه يجب أن يكتب بطريقة تكشف معناه ومبناه، وهو كيف نحسن الوضع القائم؟ أما الطريقة الثانية فهي النظر بشكل مختلف للأمور والنظر في الجذور التي تقوم عليها العملية التعليمية من أساسها. والطريقة الأخيرة ليست نظرة بالمعنى الدقيق ولكني أسميها كذلك لأننا تعودنا الابتعاد عن الواقع.
من حسن حظنا كأمة اننا لا نحتاج الى الخيال لنعرف ماذا نريد. فأمامنا نماذج شاخصة يمكن أن نسير لنصل اليها طبعا الحكي كثير وممكن. وكل توجه في البلد يقول إنه هو الذي سيأخذنا الى ذلك التقدم.
فتح الموضوع بهذه الطريقة وسؤال بهذا الحجم لابد ان يصاحبه فتح الباب كاملا حتى يتكلم الجميع. فإذا كانت وجهة النظر المطلوبة هي وجهة النظر القائمة فلا أظن ان وزارة المعارف في حاجة الى وجهة نظر الناس. فوجهة النظر القائمة قائمة وبين يدي الوزارة.. لأن الرأي الوحيد المسموح تداوله في الوقت الحاضر هو من سيتسيد الآراء وعندها نعود مرة أخرى الى المربع الأول أي أننا سوف نحظى بمدخلات موجودة ومتداولة ومطبقة. عندما تطرح عليَّ سؤالا مثل هذا يفترض أن أكون على مستوى واضح من الشفافية حتى أكون أمينا معك للاجابة عنه. السؤال هو: ما الذي نريد أن يكون عليه أبناؤنا في المستقبل؟ وبشكل أدق: ما الذي يجب أن تكون عليه بلادنا في المستقبل؟ سؤال يبحث في المستقبل وفي الوقت نفسه ينظر الى الماضي بنقد واضح.. إنه يعلن بطريقة غير مباشرة شكه في نهجنا التربوي في الماضي. أو على الأقل يعلن ان هناك مشكلة يجب حلها. إذا كانت الاجابة هي ماذا نريد أن يفعله لنا التربويون فالاجابة هنا سهلة جدا. نريد ان تكون بلادنا أكثر ازدهارا من اليابان وأكثر قوة من أمريكا وأكثر رفاهية من السويد. وأكثر جمالا من القمر وهكذا. ولكني أظن ان السؤال هو كيف يعمل التربويون وكيف ينظرون للعالم؟ ما الطريقة التي يجب أن يعملوا بها؟ المشكلة ليست فيما نريده المشكلة في الطريقة التي يجب أن نعمل بها.
أول خطوة لطرح مثل هذا السؤال هو تأمين الشفافية في تبادل الأفكار والسماح للجميع بطرح آرائهم بمستوى الوضوح نفسه. بعدها ننتقل إلى الخطوة الثانية وهي نقد النهج التربوي القائم ومناقشته على الصحف علنا حتى يكون المجتمع على بينة من الموقف التربوي السائد من وجهات النظر المختلفة عندها يستطيع الناس تقديم وجهات نظرهم حسبما تمليه عليهم عقولهم وضمائرهم. أما في الوقت الراهن ما يريده المجتمع من التربويين هو ما تزن به عليهم وسائل الاعلام المتدفق. فلا داعي للكلافة.
|