Tuesday 7th January,2003 11058العدد الثلاثاء 4 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الصوت المحايد الصوت المحايد
د. سهام العيسى

هناك طريقان مجربان لتحقيق الشهرة في الغرب الطريق الأول يمر من خلال قدرات الفرد وتميزه وإنجازه الشخصي، أما الطريق الآخر فلا بد أن يمر عبر بوابة مهاجمة الإسلام، هذا الطريق الأخير يسلكه عادة بعض أهل الغرب الذين يرفضون الآخر عموماً أو من المسلمين الذين يبحثون عن أضواء وأمجاد جديدة في بلاد الغرب.
هاجم الكاتب والأكاديمي الإيراني جواد طباطبائي المقيم في باريس الإسلام والمجتمع الإسلامي وبيَّن في لقاء صحفي أجرته معه صحيفة لوتون السويسرية عدم قدرة المجتمع الإسلامي التعايش مع المجتمع الحديث، وأن الحضارة الإسلامية انتهت، بل ماتت حسب تعبيره منذ 4 أو 5 قرون، ودعا عامة المسلمين إلى الخروج عن الإسلام السياسي والعقائدي والتعامل مع الإسلام على أنه مجرد ديانة تعالج العبادة والأخلاق والآداب.
نشرت صحيفة ليبيريشن المغربية مقالاً بعنوان «هذا الرجل يكرهك» ردت به على مقال لكاتب فرنسي ورد بمجلة لير وصف الإسلام بأنه أغبى الأديان وحسب رأيه أنه لا توجد علاقة بين العرب والإسلام واتهم العقل العربي بالتخلف.
إن مسلسل الهجوم على الإسلام والعرب مسلسل متجدد فلا نزال نذكر ما أثاره كتاب «الغضب والغرور» للكاتبة الإيطالية اوريانا فلاتشي من موجة احتجاج وغضب لدى المثقف والشارع العربي.
تضمن الكتاب أفكاراً ودعوات بمنتهى التطرف والعنصرية، وبلغة أقرب إلى لغة الرعاع من لغة الأدب، فرضت من خلالها الكاتبة فكرة المواجهة بين الغرب والإسلام كحتمية تاريخية لاستحالة التعايش بين الحضارة الغربية والإسلامية، ووصفت المهاجرين العرب بالخنازير. وحتى الكاتب المغربي الطاهر بن جلون لم يسلم من لهجتها التحقيرية.. عنصرية لا يمكن نقاشها ولا ترتبط بمفهوم الحرب على الإرهاب، بل كراهية متعمقة لكل ما يمت للإسلام بصلة.
طبعت 800 ألف نسخة في سبع طبعات في إيطاليا وحدها وهذا مؤشر واضح لتنامي العنصرية ضد العرب والمسلمين خاصة بعد أحداث سبتمبر.
دافع العديد من الكتَّاب العرب والمسلمين وحاولوا الرد على الكاتبة سواء في صحف داخل الوطن أو خارجه، ولكن معظم هذه الأصوات كان تأثيرها محدوداً، وخصوصاً أن معظم قرائها من الشباب الذين كانوا يقدرون نضالها ضد الفاشية الذي تحور الى اتجاه جديد وهو نضالها ضد العرب والمسلمين، ومن الأصوات القليلة التي تجرأت على الدفاع عن العرب والمسلمين ضد الحملات التي استهدفتهم وكان أقرب لاوريانا فكراً وقدرة على تجاوز حواجز الآخر الكاتب والصحفي الايطالي تزيانو تيرزاني، والغريب أن الكاتبين تمتد جذورهما إلى نفس القرية واشتركا في النضال ضد الفاشية وقررا في نفس العام ترك إيطاليا هي رحلت الى الولايات المتحدة وهو الى جبال الهملايا.
صدركتاب «رسائل ضد الحرب» عن دار ليانا ليفي وبيع منه في إيطاليا وحدها 150 ألف نسخة.
لم ينخدع تيرزاني بالحرب الإعلامية ضد العرب والمسلمين ولذلك يكمن الفرق بين فالاتشي وتيرزاني في رؤيتهما لمآسي العالم، إذ اختزلت الأولى مشاكل البشرية وحصرتها في العرب والمسلمين، بينما حمَّل الثاني كل البشر مسؤولية أخطائهم ودافع عن العرب والمسلمين ولم يتأثر بضراوة الحرب الإعلامية ربما لوجوده خارج حدود تلك الحرب وانفتاحه على ثقافات العالم الأخرى أعطاه القدرة على المرونة والإنصاف.
رفضت العديد من دور النشر البريطانية والأمريكية ترجمة كتاب تيرزاني إلى اللغة الإنجليزية، ولكنه استطاع ترجمته وطبعه في الهند.
أخيراً نتساءل: لماذا لا تفكر مؤسساتنا الإعلامية بترجمة هذا الكتاب إلى العربية ليصبح في متناول الجميع ولنتعرَّف على أفكار الكاتب بكل جزئياتها، ولنمنح أنفسنا مصدراً واقعياً لفهم وجهة النظر الأخرى المحايدة؟ فهل من صدى لهذه الدعوة.
من رسائل ضد الحرب
الانتحاريون يهمونني لأنني أريد أن أفهم ما يجعلهم جاهزين لتنفيذ هذا الشيء المضاد للطبيعة الذي هو الانتحار وما يمكن أن يوقفهم لا أقصد لا التبرير ولا الإدانة إنما أريد الفهم، الفهم لأنني مقتنع أن مشكلة الإرهاب لا تحل بقتل الإرهابيين ولكن عبر إلغاء الأسباب التي تجعلهم كذلك.
إن حججك ستدرس في المدارس ولكن أتعتقدين أن غربيي الغد الذين سيربون على هذه التبسيطية اللا متسامحة سيكونون أفضل؟
أليس من الأفضل لهم أن يتعلموا في حصص الدين ماهية الإسلام وأن يقرؤوا في الأدب ابن الرومي وعمر الخيام اللذين تحتقرينهما؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved