لعل الاعلانات المبوبة الصغيرة المتناثرة بين طيات الصحف تقدم سرية مواربة نطل منها على المجتمع وتفاصيله وعملية الحراك الاجتماعي والاتجاهات التي يتحول نحوها ببطء لكن بدأب وبصورة عجيبة وصادمة احيانا.
فهناك اعلانان غريبان لفتا نظري الاسبوع الماضي.. الاول يعلن عن مكتب يقدم خدمات قانونية لفض النزاعات المالية بين الازواج.
ولا تظهر هذه الخدمات الا بوجود خلفية اجتماعية تسوقها وتحتاجها، ولعل هذه النزاعات تنقسم الى شقين الاول فيما يتعلق بالمتعلقات المالية التي يطالب بها الرجل في حال الطلاق او الانفصال من نفقة ومتأخر وسواه والعراقيل التي تترصد بهذا الامر من حال صدوره من السلطة التشريعية وتحولها الى السلطة التنفيذية التي تطبقه على ارض الواقع طويلة ومضنية، ولا تمتلك آلية تنفيذ سريعة وحاسمة على الرغم من ان الامر يتعلق في الغالب بحاجات ملحة يتدخل فيها الاطفال ومتطلباتهم، لذا غياب آلية التدخل السريع التي تحول الحكم القضائي الى طور التنفيذ، اوجد هذا النوع من الخدمات التي تعوض هذه الثغرة والنقصان.
فيما يتعلق بالشق الثاني من النزاعات هي تلك التي تتداولها مجالس النسوة والمعلمات للتحذير والترهيب لاسيما في حال وجود دخل اقتصادي مستقل للمرأة، هذا الدخل الذي قد يتحول الى اداة للاستغلال في يد المرأة او الرجل او لربما العكس، ولكن هذه النوعية من الخلافات لابد انها تشير بوضوح الى تحول اجتماعي جديد في علاقة التبعية الاقتصادية بين الرجل والمرأة هذا التحول انتج شكلا جديدا من العلاقة بحاجة الى التوضيح وتسليط الضوء.
لأن تركها على حسن النوايا والشكل التقليدي للعلاقة من شأنه ان يغمط الكثير من حقوق المرأة الاقتصادية، ولعلنا نسمع الكثير من القصص والروايات التي تدور في هذا السياق لاسيما تلك الشهيرة والمنتشرة كأسطورة التي تخبر عن «مدرسة وزوجها تشاركا في بناء الفلة وعند انتهائها احضر الزوج العروس الجديدة واسكنها الطابق الثاني..» على كل حال هناك اضطراب او تشويش يرافق المردود المادي الناتج من خروج المرأة الى العمل هذا الموضوع يشكل ايضا ثغرة قلق وعدم انسجام ادت الى وجود هذا النوع من الخدمات القانونية.
الاعلان الثاني الذي اثار تعجبي ايضا هو حول ارقام كتب تحتها تقدم فتاوى مجانية، والامر خطير بحد ذاته لأنه يتعلق بصميم التشريع الذي يتحكم بحياة المجتمع ومساره وتحولاته، فإذا تحولت الفتوى الى خدمات تقدم بصورة مجانية على الهاتف ، بعيدا عن دار الفتوى او هيئة كبار العلماء فهذا ايضا يجعل الامر يخضع لفوضى واجتهادات شخصية قد تكون شخصية واندفاعية غير ناضجة تفتقد الوضوح وعمق الرؤيا، بل تحمل كماً وافراً من الخطورة في طياتها.
لذا هذا الاتجاه يبدو خطيرا للغاية لأن الفتوى لها قداستها وطقسها الخاص، لكن اذا تحولت عن هذا وتداولتها ايدٍ عدة فمن الممكن ا ن تصبح قنبلة خطيرة.
|