ربما يبدو أنَّ الوقت آن كي تكون هناك مؤسسات تدريب للعمالة الوطنية.. فالبيوت بكلِّ تأكيد تحتاج للعمالة النسائية المدرَّبة، الأمينة، محدودة الوقت، بمثل ما هي بحاجة للعمالة من الرجال للسيِّاقة والحراسة والزراعة...
وواقع الحياة، وطبيعة البرنامج اليومي للأفراد تؤكِّد على أنَّ تنظيماً في هذا الشأن لابد أن يتحقق... ثمَّ تتكرر المشكلات على ندرتها مع بلوغها في الخطورة على الأفراد داخل الأسر وعلى وجه التحديد الأطفال منهم من قِبل العمالة الوافدة، ولعدم قدرة أو حتى منطقية أن تترك النساء أعمالها من أجل سنة أو اثنتين ترعى فيهما صغارها في المنزل حتى إذا ماغادروا للمدارس تعود لعملها لأنه سوف يكون قد طُويَ فيه قيدُها فتخسر بذلك عملها ولأنَّه لا يوجد نظام يمنحها حق الحضانة مع المحافظة على وظيفتها.. فإنَّ الأمر أصبح وشيك الحاجة شديد الإلحاح كي يُنظر في أمر تدريب النساء السعوديات الراغبات في العمل في البيوت في أعمال النظافة والطبخ وأمور المنزل الاعتيادية أو الإشراف على الصغار... ويكون ذلك بإخضاعهن للتدريب في مراكز أو مؤسسات تقوم على برامج خاصة بهذا الشأن، ومن خلال هذه المؤسسات يكون التعاقد للعمل معهن على شروط محدَّدة ووفق ساعات زمن يومية مقرَّرة أسوة بنظام العمل والعمال. إنَّ في ذلك ما يحقق أكثر من هدف: الأول: تمكين ذوات الحاجة من وجود عمل شريف تحت إشراف دقيق وضمان حقوق ليست فقط مادية وإنَّما سلوكية تعاملية.
ثمَّ ثانياً: يتحقق لها التدريب وكسب الخبرة فيتدرَّج وضعها الوظيفي...، ثالثاً: تحدد مسؤولياتها وساعات عملها. بما يحقق هدفاً ضمنياً آخر هو استفادة الأسر في الأوقات التي تحتاج فيها إلى عمالة من جهة، ووجود كلِّ ما يسدِّد احتياجاتها حسب أنماط مهارات المتدربات منهن في هذه المؤسسات. وضمان العاملات في البيوت بتحديد المسؤولية بين المؤسسة المدرِّبة وبين المستفيد من الأسر. ثم رابعاً: بهذا المشروع يحد من العمالة الوافدة تلك التي تعرَّض فيها الصِّغار إلى كافة أنماط السلوك الخاطىء الذي أدَّى بمجموعة منهم للموت كما حدث في أمر العاملة التي كانت تضع الحشرات في أنف الصغيرين اللَّذين لاقيا وجه ربهما حسب ما أوردته الصحف قريباً!!
إنَّ العمل شيء منه عبادة...، والعمل بكلِّ أنماطه له قَدْره وله تدرُّجه حسب قدرات ومهارات وخبرات الإنسان. وإنَّ هذا الأمر إذا ما تحقَّق وأُقيمتْ له المؤسسات ووُضِعت له البرامج ونُفِّذ فإنَّه سوف يحقق للجميع من الطرفين الاطمئنان وتنظيم التعامل مع مبدأ العمالة. وللعمالة حق العيش الكريم دون مدّ اليد لتسديد حاجة المعاش الكريم ويوفِّر للأسرة نساء مواطنات قيماً اجتماعية واحدة، كما يساعد النساء على تولي أمورهن بشكل يبعد عن الاتكالية التي لا تتناسب ومتغيرات المجتمع.
|