Tuesday 7th January,2003 11058العدد الثلاثاء 4 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شئ من المنطق شئ من المنطق
الاكتتاب في شركة الاتصالات السعودية
د. مفرج بن سعد الحقباني

يعتبر موضوع الاكتتاب في أسهم شركة الاتصالات السعودية أحد أبرز المواضيع التي تستحوذ على اهتمام الكثير من المواطنين من أصحاب الدخول المحدودة الذين يرون في الاكتتاب في أسهم الشركة فرصة مواتية لتحقيق بعض الأرباح خاصة في ظل قرب موعد السماح بتداول الأسهم وفي ظل قصر الفترة التي تتطلبها عملية التخصيص. إلا أنه مع هذا الاهتمام الكبير، توجد العديد من المؤشرات التي تدل على ضعف الاقبال على الاكتتاب الفعلي في أسهم شركة الاتصالات على خلاف ما كان متوقعاً من قبل المختصين في شؤون أسواق الأسهم ومن قبل المسؤولين في قطاع الاتصالات. وعلى الرغم من انه يلزمنا الانتظار حتى تنتهي فترة الاكتتاب حتى نستطيع الحكم بواقعية ووفق منهجية علمية، إلا انه بالامكان التعرف على بعض الأسباب التي ربما كانت حائلا دون اقبال الكثير من المواطنين على الاكتتاب في أسهم الشركة.
من أهم هذه الأسباب - في نظري - الأحداث والتقلبات السياسية التي تعيشها منطقة الخليج وبشكل خاص التهديدات الأمريكية المستمرة بشن حرب عسكرية على العراق خلال الأشهر القليلة القادمة. فمع ارتفاع درجة الاضطرابات الاقليمية، أصبح المواطن السعودي في حالة ترقب شديدة لما ستؤول اليه الأحداث مما انعكس على قراره الاستثماري وقلل من رغبته في المخاطرة الاستثمارية وزاد من رغبته في الاحتفاظ بمدخراته في صورتها النقدية. كما أن من أهم الأسباب التي ربما لعبت دوراً فاعلاً في الحد من الاقبال على أسهم الشركة، تدني درجة الشفافية لدى الشركة مما أتاح الفرصة لانتشار الشائعات التي ترتبط بمستقبل استثمارات الشركة وقدرتها المالية المستقبلية. فلقد ساهم صمت مسؤولي الشركة تجاه تلك الشائعات في زيادة درجة الغموض وفي تهيئة البيئة الملائمة لانتشار الشائعات بسرعة كبيرة في أوساط المواطنين مما قلل من رغبتهم في المخاطرة وفي الاكتتاب في أسهم الشركة.
ولعل من أهم الأسباب أيضا قرب موعد السماح بالاستثمار الخاص في قطاع الاتصالات مما يعني قرب موعد دخول منافسين جدد وبقدرات وتقنيات جديدة ستنعكس سلباً على موقف شركة الاتصالات وستساهم في فقدانها لخاصية المحتكر. فمما لاشك فيه ان تغير طبيعة السوق باتجاه المنافسة شبه الكاملة سيؤدي قطعاً الى فقدان شركة الاتصالات لبعض المستهلكين وسيزيد من متوسط تكلفة تقديم الخدمة ويقلل بالتالي من صافي الأرباح ومن العائد المتوقع للسهم.
ومن المؤثرات الرئيسة التي ساهمت في ضعف الاكتتاب، عدم وجود خطة اعلامية متقنة لدى الشركة تتزامن مع طرح الأسهم للاكتتاب مما أدى الى تضارب بعض التصريحات الاعلامية وفقدان البعض منها الى الرسالة الاعلامية الايجابية. وفي هذا الشأن أتساءل عن الجدوى الاعلامية التي كان ينشدها مسؤول الشركة عندما صرح بأن السعر المتوقع للسهم عند طرحه للتداول سيكون في حدود 220 ريالا تقريباً؟ في اعتقادي ان مثل هذا التصريح قد ساهم في تقليل الرغبة في الاكتتاب لكون الربح المتوقع لا يوازي المخاطرة المترتبة على فقدان المواطن لحريته في التصرف في ماله خلال فترة التخصيص خاصة إذا أخذنا في الاعتبار ما تعيشه المنطقة من تقلبات سياسية خطيرة.
وإذا أضفنا الى الأسباب المذكورة بعاليه، قناعة الشارع بعدم وجود تطور هيكلي في أسلوب ادارة الشركة التي لا زالت في كثير من أمورها تدار بعقلية القطاع العام، فإن من المنطقي قبول فرضية تطور وعي المواطن الاستثماري وقدرته على تحليل الأمور وتركيب المكونات المتفرقة في كائن موحد يستطيع من خلاله رسم صورة واضحة عن مستقبل الفرص الاستثمارية.
كما أن من المنطقي القول بأن الشركة قد غالت في تقدير الأمور لصالحها وأهملت أخذ المتغيرات المحيطة في الاعتبار مما أفقد أسهمها - على الأقل في الوقت الحاضر - الوزن الاستثماري الذي كان يجب أن يكون. ومع كل ذلك فإنني شخصيا أرى أن اللحظات الأخيرة من فترة الاكتتاب ستشهد اقبالا كبيراً من هوامير سوق الأسهم الذين يرون ان ضعف الاقبال يزيد من فرصهم في الحصول على عدد أكبر من الأسهم ويزيد من فرصهم في تحقيق تأثير مباشر على سعر السهم المستقبلي وعلى أسلوب ادارة الشركة ومنهجها الاستثماري. فهل يتحقق ذلك؟ الله أعلم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved