Tuesday 7th January,2003 11058العدد الثلاثاء 4 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل يمكن وقف قطار الحرب؟! هل يمكن وقف قطار الحرب؟!
هيوارد لافرانشي (*)

حتى إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تتحرك عسكريا ودبلوماسيا نحو الحرب مع العراق، فإن الصراع المسلح بين القوة العظمى الوحيدة في العالم وبين العراق ليس حتميا، ولكن سيناريوهات تجنب الحرب خلال الشهور الأولى من العام الجديد بدأت تتقلص، فصدام حسين مستمر في الاستعراض حتى مع قراره الأخير بالسماح للمفتشين الدوليين باستجواب العلماء العراقيين الذين عملوا في تطوير الأسلحة العراقية خارج العراق، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تمديد فترة عمل المفتشين الدوليين ومساعدة العراق في الحصول على المزيد من الوقت وتعاطف المجتمع الدولي، علاوة على ذلك فإن الأحداث التي تقع خارج المواجهة مع العراق مثل تدهور المشكلة النووية لكوريا الشمالية يمكنها ان تتصاعد إلى النقطة التي تؤدي إلى إزاحة الأزمة العراقية جانبا بدلا من استمرارها في السيطرة على بؤرة اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الحشد العسكري الأمريكي والتصريحات النارية التي تصدر عن إدارة الرئيس بوش والزيادة الكبيرة في تحديد ما يمكن قبوله من العراق ومن عمليات التفتيش دفع الخبراء إلى القول بأن السيناريوهات التي يمكن أن تجنب الحرب أضحت قليلة جدا.
يقول رالف بيترز مسئول المخابرات الأمريكي السابق في الشرق الأوسط: «أنا لا أعني أن الحرب حتمية لأنني لا أعتقد أنها حتمية ولكن هناك ديناميكية داخلية فيما يتم الآن وما يجري الآن سوف يجعل التراجع عن شن الحرب اكثر صعوبة»، وهناك الكثير من الخبراء الذين يرون ان ما يحدث الآن يشبه الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى عندما كان قادة أوروبا يتحدثون عن تجنب الحرب في الوقت الذي كانت العملية تتحرك إلى نقطة اللاعودة واشتعال الحرب.
تقول جوديث يافي كبيرة محللي شئون الشرق الأوسط في كلية الدفاع الوطني بواشنطن أنه في عام 1914 كانت الفكرة أنه لا يوجد شيء يمكنه منع الحرب القادمة، والآن نحن نتجه بالفعل إلى النقطة التي سيكون وقف قطار الحرب فيها أكثر صعوبة.
وهناك بالفعل مؤشر إضافي يوضح مشهد الاتجاه بالموقف إلى نقطة اللاعودة حيث أمرت وزارة الدفاع الأمريكية بنشر قوات برية جديدة وسفن حربية وقوات دعم أرضي في منطقة الخليج العربي من أجل الحرب المحتملة مع العراق.
ويصر البيت الأبيض على أن هذا الانتشار الجديد للقوة مثل الانتشارات السابقة مجرد محاولة لتكثيف الضغوط على الرئيس العراقي صدام حسين لكي يوافق على نزع أسلحته، ويقول الخبراء ان قائمة الأسباب التي يمكن أن تحول دون الحرب القادمة تتقلص باستمرار ومن بين تلك الاسباب:
- الأحداث داخل العراق، والتي لا يراها الكثيرون من الخبراء مثل إعلان الرئيس العراقي صدام حسين أنه لا يمتلك أسلحة دمار شامل في التقرير الذي قدمه إلى الأمم المتحدة في السابع من ديسمبر الماضي وهو ما يتفق أغلب الخبراء أنه غير حقيقي.
- الإطاحة بحكم صدام حسين من داخل العراق من خلال انقلاب عسكري يمكن أن يمنع الحرب، ولكن الخبراء يؤكدون انه لا يمكن انتظار أي تمرد ضد صدام حسين على الآقل حتى تطأ القوات الأمريكية وقوات الحلفاء التراب العراقي.
- اشتعال حرب في شبه الجزيرة الكورية أو تدهور سريع للموقف العسكري في أفغانستان بحيث تشتعل حرب وفوضى شاملة في هذه الدولة التي توجد بها القوات الأمريكية.
- وقوع هجوم إرهابي ضخم على نفس مستوى هجمات الحادي عشر من سبتمبر في شمال أمريكا.
ورغم ذلك يقول بعض الخبراء ان مثل هذه السيناريوهات يمكن تصنيفها ضمن فئة «الأسباب التي لا يحتمل أن تمنع الحرب».
فوقوع هجوم إرهابي كبير في مطلع العام الجديد يمكن أن يثير الشكوك في جدوى الطريقة التي تحارب بها أمريكا الإرهاب وهو ما قد يؤدي إلى عرقلة شن الحرب ضد العراق ولكن في الوقت نفسه يمكن أن يكون عاملا مساعدا للإسراع بضرب العراق بعد توفير سبب عاطفي لشن مثل هذه الحرب كما يقول المحلل بيترز، ويقول جاري شميت مدير مركز مشروع القرن الأمريكي للدراسات وهو مركز دراسات محافظ في واشنطن يقول انه لو كان مكان صدام حسين لتمنى ألا تقع عملية إرهابية كبرى الآن.
والحقيقة أن الأزمة الكورية تعد السيناريو الوحيد الذي يمكنه أن يحول تركيز إدارة بوش عن العراق.
فعلى الرغم من أن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد قال ان الجيش الأمريكي يمكنه خوض حربين إقليميتين في وقت واحد فإن جاري شميت يقول انه لا يوافق على ذلك لأنه إذا كانت أمريكا تواجه تدهورا في الموقف يحتاج إلى التركيز على كوريا فإنها لن تتمكن من استمرار تركيزها في تنفيذ ما كانت قد خططته للعراق.
ويضيف جاري أن لهذا السبب تبذل الإدارة الأمريكية كل جهدها لكي تبقى الأزمة الكورية الجنوبية بعيدا عن الإعلام بأقصى قدر ممكن، والحقيقة أن الكوريين الشماليين لا يريدون أن يحققوا الرغبة الأمريكية حيث يصدرون كل يوم تصريحات نارية ويتخذون خطوات يومية لدفع أمريكا إلى الرد عليها.
فقد طردت كوريا الشمالية مفتشي الأمم المتحدة على منشآتها النووية خارج البلاد وأعلنت عن إعادة تشغيل مفاعل نووي تقول الولايات المتحدة الأمريكية أنه يستطيع انتاج بلوتنيوم يمكن استخدامه في انتاج قنابل ذرية، ويقول الكوريون الشماليون انهم أعادوا تشغيل المفاعل لإنتاج الطاقة الكهربائية.
ولكن رد فعل البيت الأبيض على هذه الأخبار جاء هادئا وقال ان الإدارة الأمريكية سترد على الموقف الكوري الشمالي بطريقة دبلوماسية وسترسل مبعوث خاصاً إلى المنطقة.
ويقول جاري شميت انه حتى وإن كانت كوريا الشمالية تواصل دق الأجراس فإن الموقف مازال يحتاج إلى «تصرف ذكي» من جانب الرئيس العراقي صدام حسين الذي يمكن أن تتيح له أفضل فرصة لتجنب الحرب، على سبيل المثال يمكن أن يقدم صدام حسين قدراً كافياً من بعض المعلومات التي يقول مفتشو الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية انها لم تكن ضمن التقرير العراقي عن برامج أسلحته وذلك لكي يشغل المفتشين لوقت أطول.
وبالفعل فقد قدم صدام حسين مؤخرا إلى فريق التفتيش الدولي قائمة بمئات من أسماء العلماء العراقيين الذين يقول العراق انهم شاركوا في تطوير برامج الأسلحة العراقي المحظورة.ولكن حتى لو ثبت خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل فإن ذلك لن يؤدي إلى اختلاف كبير في الموقف في هذه اللحظة كما يقول الكثير من الخبراء.
يقول بيترز، المتخصص في شئون الشرق الأوسط، ان أكثر ما يثير قلقه هو أنه في ظل تلك التوقعات الهائلة والأحاديث النارية من جانب إدارة الرئيس بوش والجنود الأمريكيين الذين تم حشدهم واستعدوا للقتال ، تجد هذه الإدارة نفسها مدفوعة للحرب الآن قبل غد.

(*) واشنطن - خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب «الجزيرة»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved