Tuesday 7th January,2003 11058العدد الثلاثاء 4 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يوم الوفاء يوم الوفاء
د. عبدالرحيم آل الشيخ مبارك *

الوفاء سمة جميلة من سمات البشر، وشيمة نبيلة من شيم الكرام، بل هو مطلب أساسي للمجتمعات الإنسانية لأنه يزرع الحب في النفوس ويزيد في التآخي والمودة. والإسلام دين يحث على الوفاء ويرغب فيه لأنه من مكارم الأخلاق، وينهى عن نكران الجميل ودفن الفضائل يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه».
وهذا اليوم هو يوم الوفاء، أما لمن هذا الوفاء فهو للشيخ أحمد بن علي آل الشيخ مبارك السفير والأديب المعروف لدى أكثر المثقفين في بلادنا الغالية، والذي سوف يكرم من قبل الدولة رعاها الله في مهرجان الجنادرية بمناسبة اختياره «شخصية العام» مع استحقاق وسام الملك عبدالعزيز رحمه الله.
وتكريم الدولة للشيخ أحمد ما هو إلا تكريم للعلم وأهله، ويأتي ضمن اهتمامات الدولة بالعلماء والمثقفين والمبدعين. والشيخ أحمد كما أعرفه رجل نذر وقته للعلم وخدمة الدين والوطن، ورجل حباه الله علماً وتواضعاً، ويبدو أن المحيط الذي نشأ فيه الشيخ أحمد كان له الأثر الأكبر في صياغة شخصيته وبلورتها، فهو ابن بيئة علمية ولد في الأحساء وترعرع فيها، والأحساء في ذلك الوقت الذي ولد فيه الشيخ كانت تزخر بالعلماء وتنتشر فيها المدارس غير النظامية، لذلك لا غرابة أن يتعلق الشيخ بالعلم، وأن يتشبث به، خاصة أن المجتمع الذي وجد فيه كان يدفعه إلى ذلك.
بدأ الشيخ مشواره العلمي في الكتاب، حيث تعلم القراءة والكتابة، وحفظ شيئا من القرآن ثم درس على علماء بلاده بعض العلوم، كاللغة العربية، والفقه، والحديث، في مدارس غير نظامية. الا أن ذلك القدر من العلوم التي تلقاها لم يشف غليله، فبدأ يتطلع إلى مزيد منها ولكن هذه المرة كانت المحاولة خارج الأحساء، وخاصة انه بدأ يسمع عن مدارس حديثه نشأت في العراق فقرر أن يذهب إليها دون أن يخبر أحداً بما خطط له حتى أقرب الناس إليه كي لا تفسد خطته ويمنع من تنفيذها. وما من شك أن دافعه كان الطموح، والهمة العالية، بالرغم من وعورة المسلك، وصعوبة تحقيق الهدف، وكما قال المتنبي:


وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام

وصل الشيخ إلى العراق، وهو لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره فدرس بها بعض الوقت لكنه لم يستمر في دراسته بسبب ظروف كثيرة واجهته أثناء الدراسة، فقرر الرجوع إلى الأحساء.
وبعد وصوله إليها بدأ يخطط من جديد للدراسة خارج المملكة، فاستأذن والده في السفر إلى مصر، وسأله أن يكتب له خطاباً إلى الملك عبدالعزيز يطلب منه الموافقة على ابتعاثه إلى مصر، فتمت الموافقة فرحل الشيخ إلى مصر سنة 1356هـ ثم التحق بالأزهر الشريف ابتداء من المرحلة الإعدادية، حتى حصل على شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها، ثم التحق بجامعة عين شمس وحصل على دبلوم التربية وعلم النفس.
في سنة 1371هـ رجع الشيخ إلى بلاده، ولكن بعد أن حصل على مبتغاه، وحقق النجاح الذي كان يحلم به ويصبو إليه. وفي نفس السنة التي رجع فيها الشيخ من مصر عين مفتشا عاماً على المدارس الابتدائية والثانوية بمكة المكرمة، ثم معتمداً للمعارف في منطقة جدة ورابغ وبعدها تغير مسمى الوظيفة التي كان يشغلها من معتمد إلى مدير تعليم جدة ليصبح أول مدير تعليم لها يحمل هذا اللقب. وفي سنة 1375هـ انتقل إلى وزارة الخارجية وتدرج في عدة مناصب إلى أن وصل إلى درجة سفير.
فحياة الشيخ أحمد وسيرته حافلة بالإنجاز والعطاء، وما ذكرته عنه ما هو إلا غيض من فيض، فهنيئاً للشيخ هذا التكريم، وشكر الله للقائمين على مهرجان الجنادرية بادرتهم الطيبة في تأصيل مبدأ التكريم، الذي سيكون له بإذن الله الأثر الفاعل والانعكاس الإيجابي على العلم والثقافة والمجتمع.
* أ ستاذ التاريخ الإسلامي المساعد - جامعة الملك فيصل

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved