إن ما تحقق للمهرجان الوطني للتراث والثقافة من حضوره واحتلاله مكانة متقدمة على خارطة المنتديات العربية، جاء ثمرة طيبة لجهود الحرس الوطني، تلك المؤسسة العسكرية التي نجحت في تأكيد الدور الحضاري والريادي للمملكة. ولعل من أبرز فعاليات المهرجان الوطني على امتداد سنواته الماضية تكريمه لعدد كبير من الشخصيات السعودية الفاعلة في حركتنا الأدبية المحلية، ومن هؤلاء الكوكبة التي سيكرمها المهرجان لهذا العام الشيخ أحمد المبارك الأديب والدبلوماسي المعروف، ولا شك أن والدنا الشيخ المبارك أحد المبدعين الذين تشهد لهم الساحة والثقافة بالباع الطويل في الإبداع والإنتاج الفكري والإعلام، فبنظرة فاحصة لمسيرة حياته حفظه الله نجد العديد من المحطات الجديرة بالتوقف:
رحلته الدراسية المبكرة إلى مصر، دليل على حرصه الشخصي على حب طلب العلم، واختلاطه مع أعلام المشهد الثقافي المصري، علامة أخرى على نبوغه المبكر وتقديره للمشاركة الفاعلة للأديب السعودي في قضايا الساحة الفكرية في مصر آنذاك، كما أن المتأمل لتلك الرحلة الطويلة والمعاناة التي عاشها في مصر أيام الحرب العالمية الثانية يستطيع أن يلمس شيئا من حرصه الكبير على طلب العلم وإصراره على النجاح.
عمله في السلك الدبلوماسي وتمثيله لبلاده في عدد من السفارات خارج وطنه بنجاح إنجاز آخر يضاف إلى سجل إنجازاته، وكم كانت رحلته الدبلوماسية مليئة بالمواقف الوطنية والتي تشهد بحبه وإخلاصه لقيادته الرشيدة، كما تشهد بدوره الكبير في نشر الثقافة الوطنية في البلدان التي عمل بها، ولقد أتحفنا حفظه الله ببعض من هذه المواقف في إحدى خميسيات حمد الجاسر.
أحاديثه الشهيرة في الأحساء، دليل آخر على محبته للعلم وأهله، وعلامة أخرى تشهد بدوره الشخصي في تفعيل الحركة الأدبية هناك وربط الشباب المتطلع للعلم والأدب بالرموز الفكرية في بلادنا.
كما يسرني في هذه المناسبة، أن أذكر علاقته الطيبة والأصيلة بوالدي الشيخ حمد الجاسر رحمه الله تلك العلاقة التي تأتي دليلاً صادقاً على مقدار المحبة والتقدير بينهما، والتي وقفت على شيء منها، أما علاقة الشيخ أحمد المبارك بخميسية حمد الجاسر الثقافية، فقد عايشت شيئاً منها أيام حياة والدي رحمه الله وما زلت أنعم بتواصله وحضوره المستمر لفعاليات تلك الخميسية محاضراً أو مشاركاً بالحضور والنقاش الذي يثري الجلسة، ولا يخفي القارئ أن الشيخ أحمد المبارك رعاه الله عضو في مجلس أمناء مؤسسة حمد الجاسر الخيرية، تقديراً لعلاقته بوالدي رحمه الله وتقديراً لدوره الثقافي في بلادنا.
(*) الرئيس والأمين العام لمركز حمد الجاسر الثقافي
|