Tuesday 7th January,2003 11058العدد الثلاثاء 4 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لم يشاهد عملاً في رمضان سوى مسلسله .. المخرج والممثل السوري حاتم علي لـ « الجزيرة »: لم يشاهد عملاً في رمضان سوى مسلسله .. المخرج والممثل السوري حاتم علي لـ « الجزيرة »:
لم اصطدم مع الرقابة سوى في الأعمال التاريخية

* حوار عبدالكريم العفنان:
لم يكن صعود الدراما التلفزيونية السورية مصادفة، فجاء التراكم ليدعم مواهب خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، ولتظهر مواهب كبيرة في التمثيل والإخراج، إضافة إلى التقنيين العاملين في التلفزيون الرسمي السوري. ومن المواهب الكبيرة التي أثبتت نفسها في التمثيل أولاً، ثم في الإخراج،، الفنان حاتم علي، الذي حمل اقتراحاً بديلاً في المسلسل التاريخي بعد الصدمة الأولى للأعمال الفانتازية، كما قدم رؤيا مغايرة لإخراج العمل المعاصر، متقشفة حتى البساطة، وجميلة حد البحث عن ملامحها، فهي تشبه ما نعيشه، فلا نبحث فيها عن مفاجأة تزول مع انتهاء المشاهدة، بل نتلمس فيها العادي والبسيط والمشترك مع ما نشاهده.
للفنان حاتم علي المسلسلات «صلاح الدين»، «صقر قريش» و«الفصول الأربعة» بجزئيه .. إضافة إلى عشرات المسلسلات التي مثل فيها.
* هل ترى أن المسلسل التاريخي يحاول استشراف المستقبل، بمعنى ربط الماضي بالحاضر والمستقبل، وتصديقاً لقول الشاعر محمد الماغوط «نعيش الآن العصر الذهبي لما هو قادم»؟.
هذه من المسائل التي تطرح دائماً،، وهناك بعض الأسئلة التي يتم ترديدها، وأتعرض لها دائماً، فهي تشبه الموضة في عالم الأزياء. أعتقد أن هناك الكثير من الأفكار التي تحتاج لتمحيص وتدقيق وإعادة اكتشاف. على سبيل المثال، وفي إحدى ندوات رمضان، قال دكتور في التاريخ منتقداً مسلسل «صقر قريش» بأن صقر قريش، كما يوحي اسمه كان رجلاً طويلاً، وبالتالي كان هناك خطأ في توزيع الأدوار، لأن جمال سليمان غير ملائم لهذا الدور فهو ممثل قصير!.
فيما بعد اضطررت للإجابة على السؤال نفسه في أكثر من لقاء صحفي: لماذا اخترت جمال سليمان وهو غير مناسب للدور؟ هذا رغم أن بعض من سألني من الصحفيين يعرف أن جمال سليمان في بطاقته الشخصية الصادرة عن وزارة الداخلية هو أطول ممثل في سوريا، وربما أطول الممثلين في العالم العربي.
أما السؤال: لماذا العمل التاريخي،، وهل هو هروب من الرقابة أو الواقع، أو هل هو إحساس بالعجز؟. هذا نوع من الأسئلة التي تحتاج إلى تدقيق، فعندما أصنع شخصياً، عملاً تاريخياً، فذلك ليس هرباً من مقص الرقابة، ومن خلال تجربتي المتواضعة في أعمالي التاريخية الثلاثة لم اصطدم مع الرقابة سوى في الأعمال التاريخية، وبالتالي هذه واحدة من الكذبات الكبيرة التي تحتاج إلى تدقيق.
كما انني عندما أتجه إلى التاريخ لا أقصد استحضار شخصيات تاريخية لسدّ العجز، أو محاولة في التعويض عن واقع مخذول،، أو استحضار ماض مجيد، لأن معظم الأعمال التي قدمتها تتناول فترات إشكالية في التاريخ العربي، وليس فترات المجد والانتصارات. وأرى أن أحد أسباب ظهور التطرف والإرهاب هو تمجيد الماضي بكل إشكالياته، وبالمقارنة مع حاضر مأزوم. وقد وجّهت إليّ انتقادات غوغائية تقول: لمصلحة من تقديم مثل هذه الأعمال الآن؟.
أنا أميل إلى تقديم وجهات نظر، ولا أحبّذ تقديس الماضي، وإن كان في هذا النهج ما يمكن أن يصدم المتفرج للوهلة الأولى، لكنني أعتقد أننا يجب أن نتوقف أمام هذا التاريخ بجرأة وشجاعة ونزاهة، وبعيداً عن الدعائية.
* كيف تقيّم الدراما الخليجية، وخاصة مسلسل «طاش ما طاش» الذي عرض للسنة العاشرة؟.
أريد أن أشير إلى مسألة غاية في الأهمية، وكي لا يكون كلامي نظرياً سأقدم بعض الشواهد لإيضاح الفكرة. في فترة ما ظهرت في الدراما الأردنية مجموعة جيدة من الأعمال، واستطاعت أن تؤسس لهذه الدراما سمعة جيدة، ولو دققت في تلك الأعمال ستجد انها تنهل من الواقع الأردني أفكارها وموضوعاتها وشخصياتها، وبالتالي شكلها الفني، وقد لاقت صدى طيباً عند الجمهور العربي. فيما بعد، ولا أدري كيف ولماذا، انحسرت هذه الموجة من الأعمال لصالح تقليد نموذج الدراما العربية المصدّر من مصر، أو من دول لها سلطتها الفنية، وهنا مكمن الخطر على أي دراما عربية حديثة، فأخطر ما تواجهه هو محاولة تقليد نموذج غريب عنها، وأنا لا أحبذ الأعمال الخليجية التي تحاول تقليد الدراما السورية، أو الدراما المصرية. فالطريق الصحيح يبدأ بتقديم دراما ملتصقة بيئتها، راهنة وتنهل شخصياتها من الواقع نفسه، وفي كثير من الأعمال الخليجية، ومثالها «طاش ما طاش» موضوعات تحاول أن تنهل من الواقع، وبملامح خاصة بها.
* ما مدى ضرورة العمل التاريخي، أو العمل الفانتازي، الذي تقدمه الشركات الإنتاجية، وما علاقتها بواقعنا في العالم العربي الذي يشكو من مشاكل كثيرة؟.
يجب ألاّ نخلط بين التاريخ والفانتازيا. لديّ وجهة نظر خاصة في هذا الموضوع، وأعتقد أن ما اصطلح على تسميته بالفانتازيا التاريخية هو مفهوم ملتبس، فلا يمكن أن نجد المصطلح العلمي الذي يجمع الفانتازيا والتاريخ، باعتبار أن الفانتازيا هي تحرر من الزمان والمكان، بينما التاريخ هو ارتباط بزمان ومكان محددين. رغم ذلك، وعلى ما يحمله هذا المصطلح من التباس، يبقى أن الفانتازيا هي طفل غير شرعي للمسلسل التاريخي. وهذا النوع وُلد أصلاً من رغبة بعض الجهات في تطوير المسلسل البدوي، الذي ساد لفترات طويلة، والمقصود تطويره فنياً وجعله مواكباً للعصر، وإيهام المشاهد أن هذا النوع يحمل مضامين وأفكاراً أكثر تطوراً مما كان يحمله المسلسل البدوي.
وأعتقد شخصياً، انه رغم ادّعاء أصحاب هذه المسلسلات من كونها تحول أفكاراً كبيرة قد تصل إلى حد مناقشة الصراع العربي «الاسرائيلي» فانني أرى أن مثل هذه الأفكار زائفة، وتعبر عن رغبات صناع هذه الأعمال أكثر مما تعبر عن واقع الحال. وفي كل الأحوال ، تحمل هذه المسلسلات دعوات، أقل ما يقال فيها أنها غوغائية.
* هذا يحيلنا إلى علاقتك مع المخرج نجدة أنزور، فقد نقلت الصحافة سجالاتكما الفنية حول هذا الموضوع، وأنت نفسك عملت معه ممثلا قبل توجهك إلى الإخراج.
أنا ضد الدخول في المهاترات التي تعتاش عليها بعض الصحف الفنية، والتي لا يخسر فيها سوى طرفي الصراع.
فالفنان السوري يفقد في هذه المهاترات مصداقية واحترام الناس له. وفي الوقت نفسه أنا ضد التواضع الزائد والأدب الكاذب، فهذا من شأنه أن يقلب الحقائق. وأرى أن واحدة من مميزات الدراما السورية هي هذا التنوع الكبير في إنتاجها، فهي تقدم الاجتماعي والكوميدي والأعمال المعاصرة ذات الحلقات المنفصلة، إضافة إلى الدراما التاريخية والمسلسل الخيالي، وليس من حق أحد أن يحجر على أحد، أو يدّعي أنه يقبض على الحقيقة كاملة، فالجمهور هو الحكم، مع تحفظي على هذه المقولة التي من شأنها أن تجعل الفنان مرتهناً للشارع، وبغض النظر عن درجة تطور الذائقة الفنية نتيجة ظروف تاريخية معينة.
وعندما أصنع عملي فان الجانب الوحيد الذي أتوجّه إليه هو نفسي أولاً، وإذا وجد شخص آخر يشاركني التفكير نفسه، والحساسية ذاتها، والرؤيا ذاتها، سيكون مشاهدي الثاني وسأقول لك اعترافاً، فالفنان عادة ما يدّعي التوجه إلى قطاع عريض من الجمهور، ولكن أيّ قطاع عريض يدّعي أي منا أنه يعرفه حق المعرفة؟. فليس لدينا مؤسسات تقوم بقياس ذوق الجمهور، كما أنني لا أثق بأي من الاستطلاعات التي تقوم بها الجرائد والصحف السورية، والعربية عامة، وبالتالي من الصعب قياس توجهات الجمهور ومتطلباته.
كما انني وليسامحني الناس ألاحظ أحياناً أن قطاعات واسعة قد تُعجب في فترة ما بعمل متخلف من الناحية التقنية، ومتخلف من الناحية الفكرية، وهو بالتالي لا يعجبني شخصياً، ولا أعتقد أنني مطالب بالتناول عن قناعاتي أمام ذوق كاسح يميل إلى تمجيد أو تعظيم ذلك العمل فتوجهي إذا، هو إرضاء نفسي. وبما أنني أنتمي إلى هذا المجتمع فأنا لست معزولاً وسط بحيرة، ولا بد من وجود بعض المتفرجين الذين يشبهونني، وينتمون إلى الجيل نفسه، والى الفكرة نفسها، والى الظرف نفسه، والمكان والزمان ذاتهما، وبالتالي قد تكون هناك نقاط مشتركة بيني وبين بعض المتفرجين، وهؤلاء هم جمهوري.
* ما هي الأعمال التي تميزت من وجهة نظرك، والتي عرضت شهر رمضان المبارك؟.
إنشغالي بتصوير مسلسل «صقر قريش» حتى 24 رمضان لم يتح لي فرصة مشاهدة عمل كامل، لكنني شاهدت أجزاء مبعثرة من حلقات مسلسلات كثيرة، وهذا لا يعطيني حق تقييم أي عمل منها. والمسلسل الوحيد الذي تابعته هو «صقر قريش» وذلك بعد انتهائي من التصوير في كل يوم.
* كممثل ومخرج تستطيع فنياً تقييم مواهب الممثلين. من هو الممثل النموذج الذي تعاملت معه؟.
أميل بشكل عام إلى الممثل المحترف الذي يأتي ومعه مجموعة من الاقتراحات، والذي لا يعتبر التمثيل مهنة غايتها كسب الرزق فقط. وأرى أن للمعهد العالي للفنون المسرحية دوراً كبيراً في تطوير مفهوم فن التمثيل من الناحيتين الأخلاقية والمهنية. وأنا لا أميل إلى الغرور حين أقول أن في سوريا واحدة من أكثر مدارس التمثيل تطوراً في العالم العربي. وأعتقد أن التمثيل العربي يعاني من كثير من العيوب، ومنها الافتعال الزائد.
وتسود الآن في سوريا طرق تمثيل مختلفة تحاول أن تكون أكثر قرباً من الحقيقة، وتقدم في هذا السياق اقتراحات تستحق التوقف عندها، وأبرزها الممثل الظاهرة بسام كوسا.
* وما هي المشاريع لأعمالك القادمة؟.
هناك مجموعة مشاريع، منها «السيرة الهلالية»، ومنها عمل له علاقة بالأندلس. لكنها مشاريع قيد الدرس، ولم تُقرر بشكلها النهائي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved