Tuesday 7th January,2003 11058العدد الثلاثاء 4 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المهرجان الوطني: مرحباً ! المهرجان الوطني: مرحباً !
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس

أصبح المهرجان الوطني للثقافة والتراث «الجنادرية» والذي يقيمه الحرس الوطني سنويا مناسبة وطنية يتطلع إليها المجتمع العربي السعودي والمقيمون على أرضه من جميع الجنسيات.. بشوق مُلح.. وفرحة غامرة.. لا فرق بين المثقف وغير المثقف.. ذلك أن المهرجان ذو رحابة واسعة في نشاطاته التي تهم جميع الفئات، وجميع الرغبات، التي تحققها برامجه الغنية المتنوعة.
فللثقافة وأربابها وعشاقها ما يطمحون إليه.. حتى وإن لم يصل إلى المستوى الذي يأملونه ويرتضونه.
وللمهتمين بالتراث الشعبي.. وبالثقافة الشعبية نصيب وافر مما يحبون وما يألفون في هذا المهرجان الوطني الشمولي المتجدد دائماً.
* * *
إلا أن أخصب وأنجح مهرجان في هذا السياق هو المهرجان «الحادي عشر» الذي أقيم عام 1416ه وكان موضوع ندوته الكبرى «الإسلام والغرب».. فقد اشترك فيه عدد كبير من المفكرين الإسلاميين.. ومن المفكرين الغربيين من أمريكا وأوروبا.. حتى انه كان من ضمن أولئك الغربيين الذين ألقوا أوراقاً في جلسات تلك الندوة «صموئيل هنتنجتون» صاحب نظرية «صراع الحضارات» حتى وإن كانت ورقته التي ألقاها كما أذكر كانت فقيرة إلى الرؤى الصحيحة والعميقة.. بل كانت كذلك موجزة.. ومليئة بالمغالطات والفهم السقيم للإسلام.. حيث اعتبر الإسلام شبيها بالديانة الصينية القديمة «الكنفوشيوسية»!.
وكانت هذه الرؤية المتعصبة والمبغضة للإسلام محل استغراب المشاركين في تلك الندوة من أصحاب الديانة المسيحية الحاضرين معه حينذاك.. وقد عقب على كلمته في الحال الداعية الإسلامي المعروف الدكتور جعفر شيخ ادريس ولكن صموئيل مصر على موقفه.. ولعل أحداث 11 سبتمبر جاءت لتخدم رأيه وتقنع به قومه.!
* * *
ويأتي مهرجان الثقافة والتراث الشعبي هذا العام شبيهاً، فيها يبدو، بالمهرجان الحادي عشر المشار إليه آنفاً.. من هذا بعض الضيوف المدعوين إليه من المفكرين الإسلاميين.. وربما يشاركهم مفكرون غربيون ممن لهم نظرة معتدلة تجاه الإسلام.. وإذا تحقق هذا فإن «المهرجان» يجدد نفسه بما يتلاءم مع واقع حياة العالم التي تغيرت تغيراً كبيراً بعد ما فعلته التفجيرات في نيويورك وواشنطن.
وكانت الأمة العربية والإسلامية هي الخاسر الأكبر في تلك الأحداث المؤسفة.. والتي أدانها العرب والمسلمون واعتبروها جريمة لا يقرها الإسلام الذي هو دين السلام والعدل والسماحة وتحريم العدوان على غير المحاربين.
ومع هذه الإدانة الصريحة لم تقبل أمريكا تبرؤ العرب والمسلمين وإدانتهم لهذه الحادثة وتنصلهم منها، بل أطلقت حكماً ظالماً وتعميمياً يصم الإسلام والمسلمين «بالإرهاب» مع أن في أمريكا نفسها مئات المنظمات الإرهابية.. بل ساوت في تعريفها للإرهاب بين الجزار والضحية.. وغضت طرفها عن «إرهاب» اسرائيل للشعب الفلسطيني المناضل ضد الاحتلال لأرضه ومقدساته..
ان هذا المهرجان السنوي الذي أضحى «مَعْلَماً» من معالم النهضة الحضارية التي تعيشها هذه البلاد ليؤدي رسالة قيمة في الحياة من خلال ما يتضمنه برنامجه الغني بكل جديد ومفيد، ثقافيا وتراثيا، وهي تتحدث كما لو كانت ألسنة ناطقة بما كانت عليه حياة الآباء والأجداد من مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب السلوكية في المجتمع.
إن التراث الذي يستعرضه المهرجان تعبيراً عن الحياة القديمة والعصامية في جميع مناطق المملكة هو عمل يجدد النشاط النفسي والانفتاح على استحضار ما غيّبه الزمان الماضي مما يعتز به الأبناء والأحفاد من صور حياة كانت قاسية ولكنها كانت عصامية لم تخذل الكرامة في نفس إنسان ذلك الزمان.
أما الجانب الثقافي في هذا المهرجان فهو ما تتحدث عنه الركبان حيثما كانوا ولا حرج.. وان كانت النظرة إليه في بعض السنوات الأخيرة أقل مما كانت عليه قبلا بسبب ما يعتري إعداده من نقص فيما يجب أن يكون.. ومن زيادة فيما لا يستحب أن يكون..!
ونأمل جميعا أن يكون متألقا كل عام، ومثرياً للفكر، والأدب، والثقافة، والإعلام على الدوام. ومن الله نستمد للقائمين عليه العون والتوفيق والتجديد المستدام.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved