Monday 6th January,2003 11057العدد الأثنين 3 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعض من كل «3 - 3» بعض من كل «3 - 3»
الأمير سعود بن محمد.. تفرد التجربة والشاعرية الفريدة

* كتب - زبن بن عمير:
كنت قد أنهيت في الحلقلة الماضية جزءاً بسيطاً وقع عليه ضوء خفيف من ثقب في جدار لغرفة مليئة بالدرر والجواهر واللآلئ ولم تر عيني ولم يسمح لي الوقت بالنظر إلا فيما لمع من جراء وقوع هذا الضوء عليه ولعل غيري يأتي ليفتح لنا هذه الكنوز فنحظى بها ويحظى بها الكثير.
تلك الغرفة هي شاعرية الأمير سعود بن محمد التي ليس حولها أي غبار، وتلك الكنوز هي شعره..


والله يمين اني من الفرقا مريض
قولوا لحبي لا تخيب ظنونها

لماذا ستخيب وهي عالمة أكثر منا بأنك عاشق نادر مخلد لها.. ولماذا لا تصدق وانت رجل إذا وعد وافى وان حلف صدق.


لا تحسب إني يوم ابدلها حظيظ
اسوَّد حظي من سواد عيونها

يا لهذا الألم المرجع ويا لهذه التجربة النادرة الوفية التي لا نعلم كامل ابعادها ولكن ألهذه الدرجة كانت عيناها جميلة لربطك سواد الحظ وهو غير جيد.. بسواد عينيها؟
نعم من امتهن شيئاً أعطي حكمته ولعلك أعطيت حكمة هذا الشعر في هذا القرن.


أحس منها الروح مخطور تفيض
ومن الغرام أسأم حياتي دونها

حب صادق وعشق قاتل ساوى مفارق الحياة بل ان الأيام شابها السأم من دونها.. حالة نادرة من العشق والايثار نراها ولعلنا نستفيد.
ولعل هذا الحب كان دافعاً له ليبيَّن ماهي مكانته ودرجته ونهايته ليقول:


حبٍ على عرش الضماير نقشتيه
ما عاد يمحى كود تمحا العظامي

حبٍ كبير منقوش إذاً هو باقي ولكن أين تم نقشه؟
ومتى سينتهي؟ عندما تتحلل العظام ليس فالقلب سينتهي بانتهاء الحياة ولكنه على العظام ليبقى حتى تتحلل هذه المنقوش عليها (يا صاحب الشعر بالله أخرج لنا ما عندك وافرج لنا عن هذا الديوان)
ولكن ماذا بعد هذا النقش:


ما حدٍ سكن بالقلب يومك سكنتيه
حماه من حبك عن البيبض حامي

سبحان الله متى كتبت هذه القصيدة منذ فترة ليست بالقصيرة وربما أن الكثير لم يعرف معنى المحميات وما هي نتائجها إلا بعد هذا العصر إذن القلب هي متربعة في وسطه ومحمي عن الجميع إلا هي فهي التي تتمشى في هذا القلب لتقطف كل ما لاق به من كرم.. وشعر.. وسمو.. ومكارم.. ثم ماذا تفعل وما هي نتائجها:


دكتورةٍ للقلب لو ما رحمتيه
شوفك علاجٍ له وحلو الكلامي

توظيف عجيب لطبيبٍ غير معالج لقد سبق الكثيرين في كل شيء.
ولكن بما أنها ظالمة ظلم الحجاج ودكتورة غير معالجة ما هي النهاية:


ما تبين الذي يا نور عيني يبيك
مغرمٍ فيك ما هموه كل الحريم

إذن ماذا بعد هذا:


يو زاد الغرام اهديت روحي عليك
والهدو يا غناتي ما يرده كريم

كريم حتى بالجود بنفسك وهي كريمة والا لن يعشقها نادر كسعود بن محمد.
ولكن بعد الاهداء ماذا:


كان به حيلةٍ يا منو تي في يديك
اسعفيني ترى شوقي عليكم عظيم

وان لم يكن هناك حيلة:


صار اخوكم لكم فالحب عبدٍ مليك
ناركم عند عبد الحب جنة نعيم

سمو في التوضع فلم يغلبه إلا الحب وهو قابل لما ابتلي به وصابر عليه.
وربما تأتي صدفة ليرى من أحب وهل عندها سيهدأ هذا التوتر والقلب أم سيزيد:


دهشني فرح ليلٍ توافقت أنا واياه
سرى باشة الزينات والقلب ممروضي

لماذا؟ ألم تكف هذه الصدفة ماذا حل بعدها:


قتيل العيون وورد خده وحمر شفاه
وجيدٍ عليه مذهب الراس منقوضي

هذه صفاتها وكأننا عرفنا من هي لأن من يحملون هذا التفرد قلة ولكن ألم تكن هذه الصدفة:


أنا كيف أبدرك راحة القلب في دنياه
وذا مخطر الفرقا على الكبد معروضي

يا لبأسك وكعادة العظماء دائما كثيرو التوتر والقلق مميزون حتى بتوترهم وحتى بعد رؤية من يحب لم يفارقه توتره ولم يخف عليه حزنه:


أو ما بكفه للتحية وراحي
زولٍ برز ما شفت مثله ولا زول

عشق عفيف نظيف قريب من كل سمو بعيد عن كل دنو..


من شاف وجهه كل مطلع صباحي
شاف الهنا في منظرٍ غير مملول

لوحة فنية جميلة لو رسمها بيكاسو أو دافنشي ولكن رسم سعود بن محمد رسم على ذاكرة العقل وفي شبكية العين ونقش على جدران القلوب العاشقة وكأن كل عاشق يقرأ شعره يقول إنها حبيبتي ولكنها:


قايد مها شقر البنات الملاحي
يزين من زينه مراحه الى الحول

عام كامل.. يا لهذا الحسن الطاغي الذي لم يقف به إلى هذا الحد بل انها أيضا لمن يقول شيئاً:


في وجنته نارٍ وفي خدته نور
ولو قذلةٍ تورد حياض المنية

انها الحمرة بالصفرة حمرة النار واشراقة النور إذن بيضاء كالحليب والا لما يتميز بها هذا اللون هل هذا كل ما قال؟
لا بل:


وعيون تصخر بالهوى كل مصطور
يمضي سيوفه بالفدا والخطيه

انها العيون.. العيون.. العيون.. التي كثيراً ما عانيت منها ولكن يثبت لنا ظلم حواء بامضاء سيوفها في صواب.. وخطأ لأنها أظلم من الحجاج.


بدرٍ بتاج الزين يفخر على الحور
الى طلع تهتز ضلعة روية

حواء نادرة:


كنه الى فرَّع وشرَّ على الدور
والتف في ممشاه.. يتنى خويه

اغمضو أعينكم وتخيلوا هذا البيت المشهد وتخيلوا هذا الجمال والرزانة.
انها لقطة قاتلة. لذلك قال:


اقفيت من داره وانا منه مقهور
غالٍ على مثلي صعيبٍ مجيه

نعم شريفة عرض.. سامية غرض.. فاتنة حسن


واشوفني عقبه من الحب مخطور
ما باقيٍ من روح.. روحي بقية

هذا هو الحب.. وهذا هو الشعر والنبل والعفة.. وهذه هي حواء الفاتنة الجميلة.. وهذا هو مخلدها.
كنت قد قلت لعل أحداً يأتي ليفتح لنا هذه الخزائن ننعم.. وتنعمون.. ولعله يسرع ولعلكم بعد هذا تجدون السياري محقا فيما قال وتجدونني مقلا فيما ذكرت ولكن مهما قلت وكتبت لن أفي هذا البحر قدره وصفاءه ونقاءه.. ولن أصفه وأجمع كل ما فيه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved