في يوم الأحد 25/10/1423هـ غادر دنيانا إلى عالم الخلود محمد الأمين بن إبراهيم الصغير بعد عمر وظيفي قارب 40 سنة، وقد عرفته منذ 3 عقود وعرفت عنه من طيب الصفات الكثير، من أبرزها الإخلاص والدقة في العمل.
عمل محمد الأمين مدرساً في بداية حياته ثم انتقل للعمل في وزارة الإعلام في جدة، ثم انتقل إلى الرياض عندما نقلت الوزارة للرياض وكان أحد أول ثلاثة داوموا في الرياض عند نقلها كما ذكر لي، فكان بذلك أقدم موظف في وزارة الإعلام التي تنقَّل فيها في عدة وظائف من أهمها مدير الشؤون الإدارية في وكالة الأنباء السعودية عند إنشائها، ثم مدير للمكافآت في إذاعة الرياض، وفي هذه الوظيفة عرفته، ثم مدير عام للمستودعات فمدير عام للحسابات فوكيل مساعد للشؤون الإدارية فمستشار مشرف على الشؤون الإدارية.
تميَّز محمد الأمين بأنه يتعامل مع روح النظام ومفاهيمه لا مع حرفية نصوصه، وذلك ما جعله يعالج كثيراً من الأمور المالية والإدارية معالجة تخدم العمل الإعلامي الذي تطبق عليه أنظمة إدارية ومالية عامة، وهو أي العمل له خصوصية تحتاج إلى مرونة وسرعة في الإنجاز تمكنه من التغطية الإعلامية قبل فوات الأوان.
وتميَّز محمد الأمين بالصراحة في مواجهة الآخرين حتى من هم على علاقة طيبة معه، فهو يرى المواجهة بالحقيقة حتى لو كانت مرة، ويكره أشد الكره النميمة والوشاية والكلام عن الناس في غيبتهم لئلا يغضبوا منه.وتميَّز محمد الأمين بالوفاء لمن صنع له جميلاً ولو كان يسيراً، فالوفاء يأسره وأعرف له في هذا مواقف وفاء وشهامة تضيق عنها هذه السطور.
وتميَّز محمد الأمين بالثقافة الجيدة وبخاصة الشرعية، ويعود ذلك لحفظه للقرآن الكريم حفظ تدبر، واطلاعه على كثير من الكتب وقراءته الكثيرة ومجالسته للعلماء، وهذا ما جعله على معرفة واسعة بالأحكام الشرعية، ويعرف الذين جالسوه كيف كان يستشهد بالآيات والأحاديث في كثير من المواقف الإدارية، وكان كثيراً ما ردَّ على من رأوا مواقف إدارية مستسقاة من أنظمة حديثة بآيات وأحاديث نبوية تبيِّن الموقف الصحيح.
وتميَّز محمد الأمين بحبه للثقافة والمثقفين وتشجيعه لهم وحبه لمجالستهم، ومعرفة الكتاب النفيس والكتاب التعيس، وهذا نادر في من يعملون بالأمور المالية خاصة، فأغلبهم يبقى أسير الأنظمة محدود المدارك خارجها.
وتميَّز بأعمال الخير وحب مساعدة الآخرين معنوياً ومادياً، ولم أعرف إلا قبيل وفاته أنه يقتطع جزءاً من مرتبه لمصروفاته ثم يوزع الباقي على مصارف خيرية، وذلك حين أوصى من يتولَّى ذلك بأن يكون آخر مرتب له على ما جرت به عادته، وكان يقول لمن لامه في ذلك هذا ما أدخره لنفسي.
محمد الأمين يعرف أنه سيموت قبل سفره لكندا وبعده وقد قال لي ليس لي من علاج إلا قراءة القرآن والدعاء ثم بعض الأعشاب، وكان متجلداً لم يظهر عليه هلع، بل بقي قارئاً للقرآن حتى في حال صمته، وقد عرفت فيما بعد أنه يختم القرآن كل 4 أيام.
وللقلم والذكريات مجالات كثيرة مع محمد الأمين لا تتسع لها هذه السطور وما ذلك إلا غيض من فيض وسوف أترك الباقي لما سأكتبه في «سنواتي في الإعلام» فيما بعد.
رحم الله محمد الأمين، وعفا عنه، وأوسع له في قبره، وحشره مع الصالحين.
* للتواصل: ص.ب: 45209 /الرياض: 11512 الفاكس: 4012691
|