Monday 6th January,2003 11057العدد الأثنين 3 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من وحي مؤتمر خالد «1- 2» من وحي مؤتمر خالد «1- 2»
عبدالله الصالح العثيمين

حسناً فعلت جامعة حلب عندما عقدت مؤتمراً عن البطل المجاهد أبي سليمان خالد بن الوليد، رضي الله عنه، في شهر شعبان الماضي، فعقده كان مناسباً لسببين وجيهين:
الأول: وجود مناسبة زمنية يحسن انتهاز فرصتها لاحياء ذكرى ذلك البطل والدعاء له بالرضوان والرحمة لما قدَّمه من جهاد عظيم في سبيل الله وإعلاء دينه.
الثاني: ان الأمة تمرُّ بمرحلة بلغ اليأس في نفوس أفرادها مبلغه، وحُطِّمت معنوياتها أشدَّ التحطيم. وفي الحديث عن سيرة مثل ذلك البطل العظيم ما قد يساعد في بعث الأمل ورفع المعنويات المحطَّمة.
وكان من حسن حظ كاتب هذه السطور، وعظيم سعادته، أن تلقَّى دعوة كريمة من منظِّمي ذلك المؤتمر. وما كان أسرعني لتلبية تلك الدعوة حباً للمتحدَّث عنه، ووداً لإخوة وباحثين كرام أعتز بأخوَّتهم وأسعد بصداقتهم. واضافة إلى هذا وذاك شوقاً إلى ربوع كانت أولى زياراتي لها قبل أربعين عاماً عندما كنت أوشك أن أدخل بوابة جامعة الملك سعود لأبدأ الدراسة فيها.
وكان من بين محاور المؤتمر محور عن الدراسات التي قام بها عسكريون معاصرون عن خالد بن الوليد. ومع أني بعيد عن معرفة الفنون العسكرية - رغم تأليفي كتاب «معارك الملك عبدالعزيز المشهورة لتوحيد البلاد » - فإني اخترت الكتابة في ذلك المحور مدركاً أن دوري عرض ما ورد في تلك الدراسات. ورغبة مني في ايراد وجهتي نظر شخصيتين عسكريتين لكلٍ منهما خلفيتها الخاصة، ثقافة وتوجُّهاً. لذلك جاء عنوان ما كتبت:« خالد بن الوليد في كتابة شخصيتين عسكريتين عربية وغربية».
وهاتان الشخصيتان هما: محمود شيث خطاب، وغلوب باشا، وشهرته لدى جيل مضى «أبو حنيك». وتناولت فيما كتبت عن سيرة خالد الأمور الآتية:
1- دوره قبل إسلامه.
2- دوره مسلماً في العهد النبوي.
3- دوره في حرب الردَّة.
4- دوره في محاربة الفرس.
5- دوره في محاربة الروم.
وكان اختياري لعرض ما كتبه خطاب وغلوب عن خالد له ما يبرِّره في نظري.
كان اللواء محمود شيث خطاب - رحمه الله - من ألمع الضباط العرب، وقد تخرَّج من كليات عسكرية رفيعة المستوى في العراق وبريطانيا، وتولى مناصب عسكرية مهمَّة، وكان رئيساً للجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية، التي اقترح توحيدها، حتى أخرجت المعجمات العسكرية الأربعة الموحَّدة، وهو من أفضل الذين كتبوا عن حروب المسلمين الأوائل. ومن كتاباته في هذا المجال: الرسول القائد، وسلسلة عن قادة الفتح الإسلامي، التي أفرد منها كتاباً عن خالد بن الوليد يتكوَّن من قرابة ثلاث مئة صفحة.
ومع اهتمامه بالتاريخ العسكري للمسلمين الأوائل اهتم بالأوضاع العسكرية الحاضرة، فكان رائداً في تدريس العسكرية الصهيونية وكشف خططها ونواياها. وقد توقَّع نشوب الحرب بين العرب والصهاينة يوم الخامس من شهر يونيو عام 1967م.
وحذَّر المسؤولين العرب من هجوم أولئك الأعداء. وكان يبثّ توقّعه من إذاعة بغداد، ثم نشره في اليوم الأول من ذلك الشهر؛ بانياً ذلك التوقّع على معرفته العميقة بامكانات الكيان الصهيوني ومخططاته. ولما انتهت تلك الحرب عبَّر عن آرائه حول مجريات أحداثها موضحاً أسباب الهزيمة التي حلَّت بالجانب العربي، ثم أصدر كل ما كتبه في مؤلف غير كبير الحجم سمَّاه «الأيام الحاسمة قبل معركة المصير وبعدها» في ذلك العام نفسه.
وكما ذهب تحذير ذلك المخلص لأمته أدراج الرياح قبل خمسة وثلاثين عاماً تذرو الرياح الآن - مع الأسف الشديد - صيحات المخلصين أمثاله بقاء الأمة العربية متفرجة خانعة أمام ما يحلّ بها من كوارث على أيدي الصهاينة في فلسطين، وما يوشك أن ينزل بها من نكبات أشد فداحة وخطراً متمثلة في عدوان غاشم ترتكبه دولة يثبت ماضيها وحاضرها أنها لا تبغي عن ارتكاب الارهاب بديلاً؛ يبدأ ذلك العدوان - كما هو معلن - بالعراق، ولا يدري المتفرجون أين ينتهي.
وإن مما يدمي القلب أن يرى المرء أناساً شرفاء من الغرب - بينهم أمريكي شارك في حرب 1991م وأُعطي وساماً على جهوده فيها - يتجهون إلى العراق ليجعلوا من أنفسهم دروعاً بشرية ضد ذلك العدوان السافر، ويرى الأمة المستهدفة تغطّ في سباتها الذليل دون اتخاذ خطوات جادة تساعد في اتقاء ما يخطط ضدها.
أما اختياري لما كتبه غلوب باشا فمبني على أساس أنه كان أحد أركان بريطانيا العسكريين في العراق، ثم في الأردن، ولأنه اهتمَّ كثيراً بدراسة الأرض التي دارت عليها عمليات فتوح العرب المسلمين في العراق والشام، وألَّف كتاباً عن مسيرة الأعمال الحربية الإسلامية منذ عهد النبوة، وسمَّاه بما ترجمته إلى العربية «الفتوحات العربية الكبرى»، وقد تناول أدوار خالد بن الوليد ضمن هذا الكتاب.
وكان ذلك الضابط البريطاني قد عمل في العراق عشر سنوات، ثم عمل في الأردن ستة وعشرين عاماً أسس خلالها حرس البادية، وتولَّى قيادة الجيش العربي، الذي اشترك في عمليات للإطاحة بحكومة رشيد عالي الكيلاني في العراق سنة 1941م، وحارب ضد قوات فيشى في سوريا، ثم مع الصهاينة عام 1948م. وفي عام 1956م أُعفي غلوب من منصبه، وعاد إلى بريطانيا حيث تفرَّغ للكتابة، وأصدر أكثر من سبعة عشر كتاباً؛ منها - اضافة إلى الكتاب المشار إليه أعلاه - .
«جندي مع العرب»، و«بريطانيا والعرب»، «وحرب الصحراء».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved