Sunday 5th January,2003 11056العدد الأحد 2 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

همسة وصل مع الدفاع المدني همسة وصل مع الدفاع المدني

تعليقا على ما نشرته صحيفة الجزيرة من تصريح للمدير العام للدفاع المدني الذي أشار فيه إلى أنّ بعض صفارات الإنذار لم تعمل أو لم تؤد دورها على الوجه المطلوب عن وتجربتها يوم السبت 17/10/1423هـ مما يوجب إعادة النظر فيها.
إذ يبدو لي أن أعمال الدفاع المدني في بلادنا الطاهرة وآلية تنفيذها برمتها تحتاج الى إعادة نظر.
فالكثير من المواطنين في جعبته نقد وحكاية مؤلمة عن الدفاع المدني ومهما حاول القائمون عليه البعد عن دائرة النقد البناء، ومحاولة تقديم العلل والتبريرات. وفي هذا المقال لن أكون ناقدا، لأن إخواننا في الدفاع المدني لديهم تَحَسُّس واضح من النقد؛ على الرغم من الشفافية والوضوح اللتين تقدمها لنا حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظها الله .
في هذا المقال سأرسم الصورة المتكاملة لما يجب أن يكون عليه الدفاع المدني، أو فرقة الإنقاذ وفق المصطلح العالمي المتعارف عليه.
فهي فرقة لديها الإمكانات البشرية والتقنية تسابق الزمن لإنقاذ المنكوبين بفعل الكوارث الطبيعية كالفيضانات والسيول والحوادث، وكالحرائق والاختناقات، مما يُسهم في المحافظة على أرواح البشر والممتلكات.
هذا المفهوم الراقي وتلك الصورة المُثلى لا يمكن الوصول إليها وتحقيقها في ميدان العمل إلاّ بكثير من الجدّ والاجتهاد وفق ما يلي:
أولا: المكان المناسب لفرقة الدفاع المدني (فرقة الإنقاذ) في المحيط الذي تخدمه، فتحديد المكان لا يتم عشوائيا وفق المتاح من الأماكن المستأجرة، بل يكون وفق دراسة ميدانية متأنية تأخذ في الحسبان الكثافة السكانية، وسهولة وسرعة الوصول لأطراف المنطقة المخدومة باعمال هذه الفرقة بعد دراسة طرقها وأوقات تكدس السيارات فيها؛ فعند انطلاق مركبات الفرقة لحادثٍ ما تصدق سلفا وفق الخطط المرسومة التي سبق التدريب عليها «الطريق السريع والسهل للوصول لموقع الحادث».
ثانياً: القدرات الجسمانية التي يجب ان يتصف بها رجل الإنقاذ:
إذ لابد أن يكون ذا جسم رياضي تمكِّنه بعون الله تعالى الى التعامل مع أشدّ الظروف ضراوة كتسلق الأماكن العالةي، والوصول الى الهدف عبر اختراق حواجز الأماكن الوعرة.
لا أنْ يكون ضعيف البنية أو مترهل الجسم لديه بُروزات خلفية وأمامية تعوق حركته وتشل قدراته.
والوصول بأفراد الدفاع المدني الى البنية الرياضية واللياقة البدنية العالية التي تلائم طبيعة عملهم؛ بدايته حُسن الاختيار الذي يُبنى على قياس القدرات والإمكانات دون تدخل عوامل أخرى، ومن ثم التدريب الكافي قبل الركض في ميدان العمل، والمتواصل في أثناء الخدمة.
ثالثا: التأهيل الديني والنفسي فواقع العمل في أعمال الإنقاذ شعاره المغامرة والتضحية، فليست هذه المهنة وظيفة تقليدية يؤديها الموظف بشكل روتيني، بل هي رسالة تتطلب شجاعة واقداما وتضحية بالنفس، فشعار رجل الإنقاذ: «أبذل نفسي، لأعطي الحياة لغيري»، وغرس هذا الشعار أو المفهوم في نفوس العاملين في الدفاع المدني، لا يتأتى بدورات عسكرية يغلب عليها الطابع الحركي العسكري كالتدريب على كيفية السير أو الوقوف العسكري؛ بل طريق ذلك دورات تدريبية دراسية تحمل مقرراتها مفردات دينية ونفسية تثري هذا الجانب وتزرعه في النفوس.
رابعا: الإلمام بأمرين إتقانهما فرض عين في حق جميع العاملين في الإنقاذ؛ أحدهما:
السباحة؛ لما أنّ أهم سطور الرسالة التي يقدمها رجال الدفاع المدني محاولة انقاذ الغرقى بأسرع وقت ممكن، لا أنْ تكون محاولة انقاذهم مرتبطة بوصول متخصص أو اثنين في كل منطقة يتطلب حضور أحدهما إهدار الكثير من الوقت، وبسببه تزهق الأرواح.
والآخر:
الإسعافات الأولية، فالمتبادر إلى الذهن والعُرْف عند وقوع حادث ما وصول رجال الإنقاذ أولا، لمساعدة المنكوبين، وقد يكون منهم بعض المصابين الذين يحتاجون الى الرعاية الأولية التي يجب أن يقدمها أفراد الدفاع المدني دون انتظار لمركبة الإسعاف، فرسالة رجل الإنقاذ متكاملة لا تعترف بالتخصص فهو رجل انقاذ وإسعاف.
خامساً: الأدوات والتجهيزات التقنية الحديثة التي تساعد رجل الدفاع المدني في أداء رسالته بسرعة واتقان التي يجب ان تكون معه في كل زمان ومكان، ولاسيما الأدوات التي تسابق الزمن في الوصول لموقع الحادث، فأعمال الإنقاذ اليوم تعتمد بشكل كبير على الطيران العمودي، الذي لا يرتبط وجوده بمحافل أو مواسم معينة، فالحوادث والكوارث لا تعرف زماناً ولا مكاناً.
سادسا: وهو الأهم: الإيمان المطلق المتأصل بأهمية الوقت فالثانية في قاموس الإنقاذ تساوي روح إنسان يطلب النجدة والمساعدة.
ولذا يجب أن يجتمع عند كل فرقة إنقاذ استعداد ذهني وبدني وتقني وخُططي، في بعد عن التجمع الشخصي حول لعبة (الورق) أو التَّسرب في أثناء فترة العمل.
فالاستعداد المتكامل في كل محاورة نتيجته الانطلاق السريع الى موقع الحادث.
ختاماً: تلك نقاط ترسم صورة مُثلى متكاملة لما يجب أن يكون عليه فريق الإنقاذ،
فعلى المسؤولين عن الدفاع المدني في بلادنا موازنتها بما هم عليه، وبما لديهم بكل صدق.
فما كان عندهم من قصور فليبحثوا عن دواء يقضي عليه في ظل ما يجدونه من رعاية واهتمام من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين أدام الله عزه شعارهم في ذلك أبذل نفسي لأهب الحياة لغيري.

عبدالله الجميلي/المدينة المنورة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved