على الرغم من تعاظم الحشود العسكرية الامريكية فإن الرسائل القادمة من واشنطن تؤكد إعطاء الأولوية للحل بالطرق السلمية في العراق، ومن هذا الباب تلج تحركات نشطة لتجنيب المنطقة حرباً مدمرة أخرى..
ويعتمد الأمر في جانب كبير منه على الكيفية التي ستتصرف بها الولايات المتحدة، حيث تسيطر حالياً الأنباء عن إرسال المئات من الجنود وحاملات الطائرات والمستشفيات العائمة وكل ذلك يوحي بأن الحرب ستندلع غداً..
ومع ذلك فإن الرئيس الأمريكي اعتاد مؤخراً أن يردد في تصريحاته عبارة «الأولوية للتسوية السلمية» وهو أمر يتفق مع مرئيات دول المنطقة بما فيها كل الدول العربية إضافة إلى إيران وتركيا..
تكرار عبارات الحل السلمي من قِبل الرئيس الامريكي قد يوحي كما لو أن واشنطن تشجع تحركاً من هذه الدولة أو تلك لبذل مساعيها في جهد لا تشترك فيه واشنطن، ومن جانبه فإن العراق أبدى حتى الآن تعاوناً ملحوظاً مع المفتشين حتى إن أمين عام الأمم المتحدة أشاد بهذا التعاون، مشيراً إلى أنه لا يوجد حالياً ما يستدعي شن الحرب.
مساحة السلام الصغيرة المتوفرة تتحرك فيها عدة دول معاً، فهناك الجولة التي يقوم بها رئيس الوزراء التركي في عدة دول تبدأ بسوريا في مسعىً لتجنب الحرب، وهي جولة تشمل ايران أيضاً.. هذا فضلاً عن الجهود العربية بهذا الصدد، غير أن جولة المسؤول التركي تذكِّر مجدداً بأهمية التنسيق بين الدول الهامة في المنطقة تجاه شأن يهمُّها جميعها وهو شأن مصيري وهام.
وحدها اسرائيل في المنطقة تنتشي بقرع طبول الحرب باعتبار أنها تحقق لها أهدافها، وهذا يؤكد الحالة الشاذة التي تحتلها إسرائيل في المنطقة وتباين مصالحها مع مصالح الجميع باعتبار أنها كيان مغتصب وذو أطماع في جميع دول المنطقة.
فهي مستثناة من هذه الجولة التركية رغم علاقتها الوثيقة مع أنقرة.
ويبقى من المهم، إذا كانت واشنطن تبحث عن احتمال حل سلمي، أن تنظر بجدٍّ إلى التحركات الجارية وتهتم بما تسفر عنه من نتائج وأن تتفهم قلق أهل المنطقة من هذه الحرب وأن تعمل على تطوير كل ما هو ايجابي باتجاه تفادي الحرب وإلا فإن الحديث الأمريكي عن السلام لن يكون سوى وسيلة لكسب الوقت لحين اكتمال بناء الحشود العسكرية وإنضاج الظروف للضربة المرتقبة.
|