Sunday 5th January,2003 11056العدد الأحد 2 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
الضيف الغبي..!
عبدالرحمن بن سعد السماري

يبدو أن تكاثر المحطات التلفازية وتزايد عددها.. فإنها مضطرة لشغل ساعات البث ال«24» ساعة خلال اليوم بأي شيء.. المهم أن يستمر الإرسال وأن يكون هناك من يغني أو «يهذر» أو يعمل أي عمل.. ما دام أنه يشغل مساحة من الوقت وبصرف النظر عمن يكون هذا الشخص أو ثقافته أو مستواه.
** هذه القنوات حوَّلت الجهلة إلى مثقفين.. والبسطاء والرعاع إلى محللين سياسيين.. وحولت التافهين إلى نقاد.. واستقطبت الجهال والأغبياء والمرضى النفسيين. وجعلتهم في المواجهة.. وصنعت منهم نجوماً في تلك المحطات.. والمشكلة.. أنهم صدقوا بأنهم نجوم.. وأنهم أكفاء.. وأنهم في مستوى الحدث والتحليل والطرح والحوار والمناقشة.
** قبل أسبوع.. استضافت محطة تلفازية مشهورة ب«خالف تعرف» ورصيدها استقطاب تلك النوعية..
** استضافت واحداً من هؤلاء الجهلة البسطاء الذي لا يحمل أي رصيد.. إلا أنه من فئة «عاطل» و« مفلس» والمشكلة العويصة أن المذكور.. يتخيل أنه مفكر وسياسي وإعلامي.. وأنه محسوب على الطبقة المثقفة.. وهذه في حد ذاتها مشكلة كبرى لأن ذلك مرض نفسي يحتاج علاجاً وقد يجدي معه العلاج وقد لا يجدي.. والغالب أنه لا يجدي..
** هذا البسيط التافه الضحل.. كان يناقش الصحافة العربية.. وقد أحرج المذيع كثيراً عندما يطرح المذيع سؤالاً.. له معنى ودلالة.. والضيف العبقري لا يدري ماذا يعني.. فيردد كلامه الذي يجيب به على كل سؤال ولم يزد منذ بدء الحوار حتى نهايته عن ترديد عبارة «الصحافة العربية تحتاج إلى حرية.. وعطني حرية أعطيك صحافة.. لكن وين الحرية؟!» ولما تضايق المذيع من ترديد هذه العبارة في كل سؤال قال له المذيع.. يا أخي الحرية والمساحة لا تعطى.. بل تنتزع.. ومنذ بدء الخليقة إلى اليوم.. لم يوهب أحد حرية أو يعط مساحة أبداً.. بل هو ينتزعها. وعندما أحس الضيف «العبقري» بالفشيلة قال: «هذا اللِّي أنا أقول».
** المذيع تعب تعباً شديداً.. وأصابه الملل والسأم.. وظهر عليه الضيق.. بل انتابه النعاس وطال الوقت عليه وصار في كل لحظة ينظر إلى ساعته ويتمنى نهاية البرنامج لأنه وجد الضيف جاهلاً مركباً.. أول حياته فراش.. ثم تطور إلى موزع.. ثم تطور إلى مندوب حتى لبس البدلة.. ثم ربط ربطة العنق جيداً.. وصار مفكراً سياسياً عملاقاً لكنه «ثور الله في برسيمه».
** هذا الجاهل المركب.. لما أصاب المذيع بالضيق.. ولما أدرك المذيع «أن ما عندك أحد» وأن الضيف مجرد «نَصْبَهْ» وطبل أجوف لا يفقه شيئاً.. وأنه تورط.. أو على الأصح «وُرِّط» في شخص لا يعرف «كوعه من بوعه» صار المذيع يطرح سؤالاً ثم يجاوب عليه بنفسه وكأنه مدرس طلبة الصف الأول الابتدائي يسأل الطلاب ثم يجيب عنهم.
** ويبدو أن المذيع أدرك أن هذا الضيف العبقري إنما جيء به لغرض آخر.. ولهدف قد يعرفه أو لا يعرفه.. غير أن ما كان يهمه تلك اللحظة.. هو أن يكون الضيف في مستوى البرنامج وفي مستوى الضيوف السابقين لكن الضيف خذله.. وأعلن أنه يستوي تماماً مع أي جاهل آخر.. وأن حصيلته المعلوماتية صفر.. وأنه في واد وموضوع النقاش في واد.. بدليل أن المذيع يسأله عن موضوع محدد ثم يطير في موضوع آخر.. ويكرر شتمه وسبه في بلاده وأهلها واحداً واحداً..
ويدور في حلقة مفرغة.. وكل كلامه من بداية الحوار إلى نهايته.. لم يخرج عن عشر كلمات كان يحفظها ويرددها بكل بلاهة.. ليس لأنه حُفِّظ هذه الكلمات أبداً.. بل لأنه لا يفقه غيرها..
وهكذا كانت مشاركاته في المحطات التلفازية التي تبث من شقق في لندن ليس عنده سوى هذه الكلمات التي حفظها ويرددها ببلاهة وغباء.. وهو بنفسه.. لا يدرك معناها.
** لقد كنت مع مجموعة تتفرج على هذا البرنامج وتضحك على هذا الغبي.. كانت تنتظر طرح السؤال.. ومتى أجاب هذا الجاهل.. ضحكوا بملء أشداقهم..
وتحول البرنامج لأول مرة في تاريخه إلى مسخرة.. وبدلاً من الحوار العلمي النافع الجاد.. صار البرنامج كوميدياً وكأنه برنامج أطفال.
** والمشكلة الأخرى أن كل المشاهدين «عارفين» لماذا جاء هذا المسكين.. ولماذا جاء في هذا الوقت بالذات.. ولماذا استضيف.. ولماذا أعطي فرصته ليتقيأ في التلفاز.. ولماذا سمح له أن يشتم بلده ومسؤوليه بهذا الشكل؟
** المسألة كلها غباء في غباء.. وقاتل الله الغباء..
و.. «وش أنتِ يا بعوضة؟!».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved