Sunday 5th January,2003 11056العدد الأحد 2 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد زيادة الرسوم على بطاقات الائتمان في مصر: بعد زيادة الرسوم على بطاقات الائتمان في مصر:
البنوك بين مطرقة «الدولرة» وسوء استغلال بطاقات الائتمان

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصري:
اندفعت البنوك المصرية والأجنبية العاملة في السوق المصري منذ سنوات قليلة نحو إصدار بطاقات الائتمان الالكترونية المعروفة بالفيز والماستر كارت، وخطت فيها خطوات واسعة حتى بلغ معدل نموها سنويا نحو 40%، حيث يفضل حاملو البطاقات استخدام بطاقاتهم في الائتمان لأنه أفضل وأسهل من حمل النقود والعملات، كما أن استخدام البطاقات يتميز بأنه أكثر أمانا من استخدام النقود، فإذا حدث وفقدت البطاقة أو سرقت لايمكن لأحد آخر سوى صاحبها أن يستخدمها لأن لكل بطاقة رقما سرا شخصيا خاصا بها يستحيل بدونه استخدام البطاقة في ماكينات الصراف الآلي ، كذلك تحمل البطاقة توقيع صاحبها مما يجعل استخدامها في الشراء من المحلات المختلفة قاصرا على صاحبها.
ولكن قرار الحكومة المصرية بتخفيض الجنيه أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار ادى إلى استغلال الكثيرين لهذه البطاقات سواء في مصر أو في خارجها من خلال صرف دولارات عن طريقها ثم بيعها في السوق السوداء مقابل تسوية حساب بطاقات الائتمان بعد ذلك بسعر البنك الأمر الذي حقق معه الكثيرون أرباحا طائلة.
كما لوحظ سفر كثيرين من حاملي بطاقات الائتمان للخارج لاستخدامها في صرف دولارات وإرسالها في حساب بنكي باسم شخص معين يتولى استخدام الحساب في صرف الدولارات بسعر البنك ثم بيعها في السوق السوداء.. وقد رصدت البنوك هذه الظاهرة مؤخرا من خلال التزايد المستمر في حجم استخدام العملة الأجنبية لحملة البطاقات خارج البلاد، ولكنها بدلا من أن تضع حلا مناسبا للقضاء على هذه الظاهرة فإنها تنافست فيما بينها في فرض رسوم اضافية على استخدام بطاقات الائتمان في الخارج تتراوح بين 3% و 10% على جملة المسحوبات النقدية للحد من هذه الظاهرة مما أضر بكل حاملى بطاقات الائتمان خاصة الذين لا يستخدمونها في التلاعب والمضاربة على سعر الدولار.
تذمر حاملي البطاقات
وقد أدت هذه الرسوم إلى تذمر حاملي البطاقات الذين اتهموا البنوك بأنها تضارب هي الأخرى على سعر الدولار خاصة أنها تتحكم في الرسوم التي تقوم بتحصيلها منهم، فبالرغم من أهمية البطاقات في تنشيط السوق والحركة التجارية باعتبار أن تمويل التجارة من خلالها هو أهم العوامل الرئيسية التي تسهم في مواجهة الركود، وتنشيط الطلب على السلع، لكن سوء استخدامها في الخارج وكثرة التعليمات البنكية المتكررة والمتناقضة والرسوم التي أضافتها البنوك أعاق استخدام البطاقات أيضا في الداخل مما قد يؤدي إلى التخلي عن استخدامها.
وجهة نظر البنوك
ويؤكد عطية سالم رئيس قطاع التجزئة المصرفية وعضو لجنة السياسات في البنك الأهلي المصري أنه تم تحديد هذه الظاهرة من خلال عدة أمور:
- استخدام البطاقات بالخارج في السحب النقدي والشراء بالعملات الأجنبية بشكل متكرر يوميا وبصورة مكثفة خاصة في السعودية والامارات والبحرين والكويت والولايات المتحدة الأمريكية ولبنان وايطاليا وانجلترا ودول جنوب شرق آسيا.
- يقوم بعض حاملي البطاقات من أصحاب شركات السياحة باستخدامها في سداد قيمة المعاملات التجارية الخاصة بالحجوزات السياحية لعملاء شركاتهم خارج البلاد خاصة السعودية وبمبالغ ضخمة بدعوى الحجز للحجاج والمعتمرين.
- تتم تغذية حسابات البطاقات بمبالغ كبيرة بالجنيه المصري بصفة مستمرة في ذات الوقت الذي تستخدم فيه البطاقات خارج البلاد، وذلك إما بهدف المضاربة على أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري أو لأغراض «الدولرة».
- تقدم بعض العملاء لإصدار عدد كبير من البطاقات بأسماء مختلفة وصلت في بعض الحالات لأكثر من 20 بطاقة وجميعها بضمانات عينية وذلك حتى يتمكن من استخدامها في الخارج دون قيد بحدود الاستخدامات المفروضة من البنك على استخدام البطاقات بالخارج.
وكشف عطية سالم عن وجود زيادة في حجم الاستخدامات بالعملة الأجنبية خلال شهور يوليو - أغسطس- سبتمبر- أكتوبر 2002 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي وذلك من خلال متابعة البطاقات في جميع البنوك ، مشيرا إلى أن استخدام العملاء للبطاقات خارج البلاد سواء في السحب النقدي أو المشتريات يلزم البنوك بقبول دفع مقابل تلك الاستخدامات بالعملة الأجنبية نيابة عن عملائها ويتم خصم قيمة تلك الاستخدامات تلقائيا على حسابات بطاقات العملاء بالبنوك بالجنيه المصري.
ويرى عطية سالم أن استمرار العملاء في استخدام بطاقاتهم الائتمانية بزيادة عن الحدود الطبيعية للاستخدامات الشخصية يعتبر تحايلا على النظام المصرفي هدفه اجبار البنوك على تدبير العملة الأجنبية لهم وبالمبالغ التي يرغبونها مما يشكل ضغطا على موارد البنوك من العملة الأجنبية وحرمانها من استثمارها وفق السياسات المعتمدة من مجالس ادارات البنوك.
563 ألف بطاقة
وطبقا لآخر احصائية عن بطاقات الائتمان في مصر فإن عدد حامليها بلغ في نهاية شهر يونيو نحو 563 ألف بطاقة منها 391 ألف للفيزا و 172 ألف للماستر كارد مقابل 401 ألف و 503 بطاقات العام الماضي.. وبلغت جملة استخداماتها حوالي 1 ،92 مليار دولار أي أكثر من 5 مليارات جنيه مصري سنويا حيث يرتكز استخدام البطاقات في مصر حتى الآن على السحب النقدي الذي يصل سنويا إلى نحو 712 مليون دولار أي نحو 3 ،5 مليارات جنيه مصري، استخدم منها نحو 381 مليون دولار في المشتريات وسداد الخدمات مثل الفنادق والفواتير وخلافه.
تقليد متبع في البنوك العالمية
وأكد الدكتور بهاء حلمي رئيس اتحاد البنوك أن المؤسسات العالمية التي تصدر بطاقات الائتمان تضيف عمولات مقابل تحويل العملة عن طريق بطاقة الائتمان مشيرا إلى أن الزيادة في سعر الدولار المسحوب عن طريق بطاقات الائتمان زيادة ضئيلة وهي عبارة عن هامش عمولة تتقاضاها البنوك مقابل خدمات البطاقات وهو تقليد متبع في البنوك العالمية.
وأضاف أن العمولة تختلف من بنك الى آخر، وأن الأصل في استخدام بطاقات الائتمان أنها وسيلة دفع للمشتريات والخدمات الاستهلاكية، وأنه لوحظ في الآونة الأخيرة أنها تستخدم استخداما سيئا لسحب العملة الصعبة أو استخدامها في تمويل عمليات تجارية.
وأشار الى أن البنوك تضيف عمولة ضئيلة على تعاملات «بطاقات الائتمان» وهي عمولة لا تقارن بما تحصل عليه البنوك العالمية، وأن هذه العمولة ستكون موضحة في كشف الحساب الخاص بالعميل تحت بند ملاحظات.
ودعا إلى ضرورة مواجهة مثل هذا الاستخدام السيئ مؤكدا أن اتحاد البنوك طلب من جميع البنوك توضيح جميع الأمور المتعلقة باستخدام بطاقات الائتمان للعملاء حتى تكون الصورة واضحة.
تحذير من الخبراء
و ينصح خبراء البنوك حملة البطاقات بعدم اعطائها لأحد حتى يسهل متابعة المسحوبات وسدادها وعدم التورط في سحب مبالغ لا يعلمها صاحب البطاقة مع التأكد من التوقيع على الفاتورة والحصول على صورة منها أمام خزينة المطعم أو الفندق حيث لوحظ أن بعض موظفي المطاعم والفنادق يقومون بسحب مبالغ اضافية علاوة على مستحقات الفاتورة الأصلية..
قرصنة على الإنترنت
وقد تلقت البنوك عشرات الشكاوى من حاملي البطاقات بأنهم يتعرضون للقرصنة عبر الإنترنت عند استخدامهم للبطاقات في الشراء عبر الشبكة مما جعل البنوك تتجه إلى إصدار البنوك تعليمات بعدم مسئوليتها عن هذه القرصنة حيث أصدر بنك القاهرة منذ شهور تعليمات بالحذر عند استخدام بطاقات الائتمان في لشراء على شبكة الانترنت وأنه غير مسئول عن عمليات الاحتيال، والقرصنة التي تحدث وأنه يجب الاتصال بالبنك واخطاره في حالة الرغبة في استمرار البطاقات على شبكة الانترنت حتى يمكن وضع إجراءات لتأمين هذه العملية. وفي البنك الأهلي تم اصدار بطاقة خاصة للانترنت وبمبالغ صغيرة يتم زيادتها بناء على رغبة العميل حتى لا يتم استخدام البطاقات الأصلية في التعامل على شبكة الانترنت.
مواجهة التلاعب
ويؤكد مصدر مسئول في بنك القاهرة أنه بسبب استخدام البطاقات في المضاربة على سعر الصرف ولأغراض «الدولرة» قامت الهيئات الدولية المصدرة للبطاقات مثل فيزا وماستر كارد والداينرز كلوب بدعوة البنوك إلى تطبيق أساليب فنية لمواجهة التلاعب في استخدام البطاقات في غير الأغراض الشخصية المحددة لها. ومن أهم هذه التوصيات تطبيق مصاريف استخدامات البطاقات بالعملة الأجنبية خارج البلاد التي يطلق عليها رسوم اضافية وهي وسيلة فعالة لضبط التعاملات التي تتم بالبطاقات في الخارج وتعمل على الحد من المضاربات على العملة الأجنبية، وتتحدد تلك النسبة وفقا لنظام كل بنك والتكاليف التي يتحملها مقابل تقديم تلك الخدمات الدولية لعملائه حيث تتراوح بين 3% إلى 10% من جملة استخدامات البطاقات في الخارج.
كما اتخذت البنوك عدة إجراءات للحد من استخدام بطاقات الائتمان في المضاربة على سعر الصرف منها: تقرير حدود قصوى للبطاقات الائتمانية وتقرير حدود قصوى للسحب النقدي اليومي ووضع حدود قصوى لاستخدامات البطاقات خلال فترة زمنية محددة (يوميا/ أسبوعيا/ شهريا) واحتساب رسوم خدمية على الاستخدامات خارج البلاد بالعملة الأجنبية فيما يعرف باسم mark Up Fee مع إيقاف البطاقات التي تستخدم بشكل غير طبيعي وفي غير الأغراض التي تستخدم من أجلها.
ويرى إبراهيم عبد الفتاح عضو مجلس إدارة البنك الأهلي ان اصدار بطاقات الائتمان الدولية للعملاء لاستخدامها خارج البلاد لأغراض استهلاكية أثناء السياحة والسفر بالخارج يعد من المنتجات والخدمات المصرفية الدولية الحديثة التي تعتمد على التكنولوجيا المتطورة التي توفرها الهيئات الدولية، وتتحمل البنوك تكاليف باهظة لتطبيق تلك الأنظمة وتوفير تلك المنتجات والخدمات أي ان تسعير خدمات بطاقات الائتمان يتم على أساس التكلفة والعائد حتى يمكن للبنوك الاستمرار في تقديم تلك الخدمات وتطويرها وحتى يمكن ترشيد استخدامات العملاء من العملات الأجنبية والحد من اساءة بعض العملاء لاستخدامها وتحقيق عوائد تغطي تكلفة توفير تلك المنتجات المستخدمة.
المعاملات بالدولار
ويؤكد أن المعاملات التي تتم ببطاقات الائتمان الإلكترونية الدولية خارج مصر تكون بعملة الدولة التي تتم فيها المعاملات، وتكون عملة التسوية لبطاقات الائتمان بين البنوك هى الدولار الأمريكي كما أن البنك المصدر للبطاقات يدفع للبنك الصارف لبطاقة العميل أو التاجر قيمة المعاملات بالدولار الأمريكي مما يعني أن البنك يدفع نيابة عن عملائه قيمة استخداماتهم بالخارج بالدولار الأمريكي، ومن الواضح أن التغيير في أسعار الصرف بين عملات الدول التي يتم استخدام البطاقات فيها وبين عملة التسوية الدولية وهو الدولار الأمريكي يتم في الخارج، ولا يتدخل البنك المصدر للبطاقة في مصر في تحديده، وهو أمر خارج عن نطاق سيطرته، والبنك هنا في مصر مسئول عن تطبيق أسعار صرف الجنيه المصري المعلنة منه حيث يقوم بتحويل قيمة المعاملات بالدولار الأمريكي إلي العملة الوطنية بسعر الصرف المعلن للبنك المصدر في تاريخ الخصم على البطاقات كما تتم المعاملات بالخارج بالدولار الأمريكي مباشرة دون تحويل بين العملات المختلفة ويتم تحويلها إلى الجنيه المصري بالسعر المعلن من البنك المصدر لبطاقة الائتمان.
المسئولية على البنوك
ويؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي أن 95% من المخالفات سببها المضاربة «والدولرة..» ويلقي بالمسئولية على البنوك لأنها تستطيع من خلال حركة التعاملات ضبط المخالفين والتحركات غير الشخصية أو الاستخدامات خارج الأغراض التي صدرت البطاقة من أجلها فلماذا نلجأ إلى تطبيق العقاب الجماعي لكل حملة البطاقات.
مليون بطاقة خلال عامين
وقال: إن مصر تعد سوقا واعدة للبطاقات الائتمانية وكانت التوقعات تشيرإلى أن عدد البطاقات قد يصل إلى مليون بطاقة خلال عامين طبقا لنسبة نموها العالية خلال الفترة الأخيرة، ولكن الرسوم التي فرضتها البنوك عليها قد يؤدى إلى تراجع نسبة استخدامها وبالتالي تراجع نسبة استخراج بطاقات جديدة مستقبلا، كما أن اموال البنوك التي تم تهريبها للخارج خطفت الأضواء حيث تم التركيز على المتهربين من سداد القروض التي حصلوا عليها والتي بلغت طبقا لبعض المصادر المصرفية حوالي 35 مليار جنيه، وبالتالي ضعف التسويق المصرفي للبطاقات رغم أهمية التوسع فيها لتنشيط حركة السوق ومواجهة الركود وزيادة الطلب على البضائع والسلع الوطنية مما يسهم في استعادة الرواج وفتح فرص جديدة للعمل في المصانع لأنها ليست فقط مجرد بطاقات للسحب النقدي، بل تساعد على تشجيع المنتجات الوطنية حيث اتضح من التجربة الأخيرة في منح القروض الميسرة لشراء السلع الوطنية أن البطاقات يمكن أن تكون عاملا مهما في زيادة الطلب على المنتجات المحلية..
وحذر من أن هذه المتناقضات والرسوم المتزايدة قد تدفع بالبعض إلى استخراج بطاقات بنوك أجنبية لها فروع في مصر، أو في المنطقة العربية، وبالتالي تخسر البنوك الوطنية هؤلاء العملاء، وتترك الساحة لغيرهم مشيرا إلى ضرورة اتجاه البنوك لوضع الضوابط اللازمة لمنع المضاربة، «والدولرة» بعيدا عن فرض رسوم جديدة مع ضرورة التمييز بين العملاء الجادين وغير الجادين0
زيادة استخدام بطاقات الائتمان في مصر
ومن جانبها أوضحت مايا ترمانينى - مديرة منطقة مصر والمغرب بمؤسسة فيزا العالمية - أن المصريين يستخدمون بطاقات الائتمان الآن أكثر من أي وقت مضى أسوة بالسائحين الأجانب الذين يستخدمون بطاقاتهم كوسيلة للدفع أثناء تواجدهم في مصر و ذلك نتيجة للتقدم التكنولوجي للمؤسسات المصرفية داخل مصر.
وقالت: إن الكثير من المصريين حاليا قد اعتادوا الائتمان بالبطاقات، فمنذ خمس سنوات كان عدد بطاقات فيزا في مصر حوالى 64 ألف بطاقة، زاد ليصبح أكثر من 500 ألف بطاقة، تم استخدامها في داخل مصر وخارجها بحجم انفاق بلغ أكثر من 710 ملايين دولار.
وأشارت إلى أن حاملي البطاقات في مصر يمكنهم استخدام بطاقات الائتمان في أكثر من 17 ألف موقع على الإنترنت.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved