تنظم وزارة المعارف خلال شهر ذي القعدة القادم ندوة «ماذا يريد التربويون من المجتمع؟ وماذا يريد المجتمع من التربويين؟» وذلك برعاية ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وستركز الندوة على ثلاثة محاور سيتم طرحها خلال الندوة، وأول هذه المحاور هو «ماذا يريد المجتمع من التربويين» وهذا المحور يوجد فيه تفصيلات كثيرة فالمجتمع فيه الوالدان وفيه رجال الأعمال وغيرهم، المحور الثاني«طبقا لحديث الدكتور خالد العواد وكيل وزارة المعارف للتعليم في موقع الوزارة» «ماذا يريد التربويون من المجتمع؟» وهي تقتصر أو تختصر إلى مصطلح الشراكة، والمحور الثالث هو«الرؤية المشتركة» ويقصد بها أن التربويين يريدون أن يكتبوا رؤية مشتركة مع المجتمع من خلال الخطط والبرامج والالتزامات، هذا ملخص للمحاور الرئيسية الثلاثة للندوة والتي سيتم طرحها ومناقشتها.
وسأركز هنا على المحور الأول وهو «ماذا يريد المجتمع من التربويين» وإحدى فئات هذا المجتمع هو المجتمع الاقتصادي أو القطاع الاقتصادي بمعناه الواسع، ماذا يريد الاقتصاديون من التربويين؟ أو بمعنى أدق وأوضح، ماذا يريد القطاع الخاص من التربويين؟ خاصة وأن القطاع الخاص يُلقَى على عاتقة الآن مسؤوليات كبيرة جدا من خلال طلبات التوظيف والمشاركة للمواطنين لدى القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، والعمل على إعداد وتدريب الكوادر الوطنية القادرة على إدارة دفة الاقتصاد وتقليل وتقنين البطالة المتزايدة، وحيث ان القطاع الخاص الآن متهم ومسؤول عن أنه لا يوظف ولا يبحث عن المواطن للعمل في القطاع الخاص، وحيث أتخذ كثير من الإجراءات الحكومية تلزم القطاع الخاص بتوظيف المواطن وبنسب مؤية مقدرة سنويا وهذا جيد إلى حد ما، وهي تحقق نسب سعودة بطيئة ولا تصل للتوقعات المطلوبة لأسباب متعددة، لذلك يجب أن لا ننسى بطرح السؤال التالي، لماذا نسبة المواطنين محدودة وضعيفة في القطاع الخاص بدرجة عالية جدا؟ ولماذا القطاع الخاص لا يفضل ويرحب بالمواطن كثيراً؟... هناك بالتأكيد شركات ومؤسسات ترفض المواطن لأسباب مثل التكلفة العالية والراتب الأعلى برغم أنه الأقل كلفة على المدى الطويل، وبعضها يرفض المواطن لأن الولاء «loyalty» لديه غير عال ويبحث عن وظيفة حكومية أكثر أمنا وثباتا، لأن العمل في القطاع الحكومي غير القطاع الخاص، وغيره من أسباب التذمر وعدم استمرار المواطن بالعمل من خلال أوقات العمل وطولها، وعدم استمرار الشركات نفسها سواء بإغلاقها أو انتهاء الغرض الذي قامت من أجله، ولكن أصل لسبب رئيسي والذي يتعلق برفض القطاع الخاص للمواطن بالعمل وهو عدم وجود الكفاءة والقدرات العلمية المناسبة والمطلوبة والتي يحتاجها القطاع الخاص، فنجد مخرجات التعليم في واد وحاجة العمل والقطاع الاقتصادي في واد آخر، فلا نجد أي توازن أو تجانس بين مخرج التعليم الذي يكلف الدولة مئات المليارات من الريالات على مر عشرات السنوات وبين ما يحتاجه سوق العمل لدينا، هناك خلل كبير جدا يكلف الدولة الشيء الكثير وهي أكثر حاجة لاستثمار كل ريال، حتى ان التعليم لدينا أصبح يخرج مواطنين ومواطنات بمسمى وظيفي عاطل وعاطلة عن العمل، فلا يزال هناك تخصصات العلمية غير المجدية مستمرة وتخرج الآلاف سنويا في كل الجامعات لدينا ونحن كاقتصاد وقطاع خاص لسنا بحاجه له بأي شكل من الأشكال، بل نحتاج للتخصصات الأكثر علمية ومواكبة والتي تجاري العصر الحديث المتطور كتقنية المعلومات وغيرها، نحتاج إلى ماذا يريد القطاع الخاص من تخصصات عملية يمكن ان يوفرها قطاع التعليم، يجب على التربويين أن ينظروا بعناية كاملة ودراسة وافية إلى ما هي متطلبات هذا القطاع للعمل فيه، لأنها أساس البناء في كل المجالات وأولها الاقتصاد الوطني ونعرف الاتجاه الحديث نحو الخصخصة وما يتطلب ذلك فهناك الكثير من التخصصات الدقيقة والمهارات العلمية في كثير من المجالات بحاجة ماسه لها، وإذا أردنا أن نضرب بمثال واحد يفتقده المتخرج من حقل التعليم لدينا هو مستوى اللغة الإنجليزية لدى المتخرج، فهل نجد لدينا المتخرج الجامعي وإلى حد ما الثانوي ما يمكنه من أن يجيد اللغة الإنجليزية بالطبع لا والقطاع الخاص في مجمله يريد ويفضل من يجيد اللغة وغيرها من القدرات العلمية المطلوبة وهي ليست ترفا ننشده بل حاجة ماسة.
أن ما ينطبق على ما يريده الاقتصاديون من التربويين يندرج أيضا على المعلمين، والإداريين والمناهج، وأستعير هنا عبارة قالها الدكتور خالد العواد وكيل وزارة المعارف في مقابلته في موقع الوزارة بقوله ان ما ينفق على تدريب المعلم فقط «70 ريالا» خلال السنة المالية، وهنا أضع علامات استفهام كبيرة وهذا يعطينا مؤشراً عن مستوى كفاءة المعلمين من خلال تدريبهم وتطوير أدائهم فهي تعتبر متدنية جدا نسبة لحصة كل معلم أو أداري، ولا يمكن أن نأتي هنا للمقارنة مع دول متقدمة بهذا الخصوص، اننا نتطلع إلى تأهيل المعلم بأقصى درجات التدريب الجيدة والمتقدمة بما ينعكس على تعليم الطالب ومخرج التعليم نفسه، يجب أن يكون لدينا الاعتراف بأن لدينا مشكلة في المناهج، والمعلم والإدارة المدرسية والمباني المدرسية وأن يتم العمل لعلاج هذه المشاكل الأربعة بتشخيص أكثر للمشكلة وتحليل لها وبإصرار ووضوح تام وشفافية لا لبس فيها، وحين نتناول هذه المشاكل فإننا سنحتاج إلى شرح واسع جدا لكل مشكلة قد لا يتسع المجال لذكره.
|