بمناسبة «ندوة واقع ومستقبل المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل دعمها» التي نظمتها الجمعية السعودية للإدارة وبالتعاون مع الغرفة التجارية الصناعية بالرياض وبرعاية الهيئة العامة للاستثمار، ما بين 24 -25/10/1423هـ فإنني أود أن أدلو بدلوي وما هي وجهة نظر قد أكون مخطئاً بها فأرجو وأتمنى من ذوي الاختصاص والمهتمين تصحيحها، ومن باب الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية، وقد أكون على صواب، فأرجو منهم الدعم المعنوي والحافز لتعاون مثمر بإذن الله.
فبالحقيقة، ولخبرتي المتواضعة بتنفيذ وبإدارة وتسويق المنشآت الصغيرة، ولأهمية مثل تلك الندوات بتطوير «استراتيجية ودقة التعامل مع تلك المنشآت»، بناء لمتطلبات السوق المحلي، واستغلال الفرص المتاحة من الأنظمة والتعليمات، فإنني أشيد أولاً بكل من قام وساهم بانعقاد تلك الندوة، حيث يشكل، وبحد ذاته أولى وأهم خطوات الدعم.
وادراكاً من الجميع، حتى وإن لم يعلن عنها بالصورة المناسبة من أهمية المنشآت الصغيرة على الاقتصاد الوطني، فإنه يجب أن تكون تلك المنشآت تحت المجهر دوماً، لما لها من تأثير مباشر على الحركة الاقتصادية بشكل عام.
فتلك الندوة وإن كانت نتائجها قد أعدت مسبقاً، ومن أهمها ان فتح الباب على مصراعيه لاستثمار الرسماليين الأجانب، فإن تلك الندوة أصبحت كمعرض للفرص المتاحة للاستثمار الأجنبي، ومن خلال مشاركة ضيوف كرام من رجال أعمال أجانب يمثلون شركاتهم أو منشآت يعملون بها، وهنا «اختلط الحابل بالنابل»، «فهل دعم المنشآت الصغيرة يحتاج منا نظرة مستقبلية بعيدة الأمد لهذه الدرجة».
كنت أتمنى أن يكون المحور الرئيسي للندوة أولاً، التعريف بالمنشآت الصغيرة، وما يميزها عن بقية المنشآت، وأهميتها ودورها البارز على الاقتصاد الوطني، ثم دراسة البحوث المقدمة وتبادل وجهات النظر لواقعها، والمتطلبات لمستقبلها، والارشاد والتعريف للانخراط بسوق العمل وإنني على علم، بأنه لا يوجد تعريف دولي موحد للمنشآت الصغيرة ولا يمكن المقارنة، إلا ان التعريف الوحيد المتفق عليه هو:
«أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة على الاقتصاد الوطني للدولة» هذا بمختلف العالم كله ولما لها من مميزات تتميز بها عن المنشآت الكبيرة ومن أهمها وكما هو معروف:
1- القدرة على جذب المدخرات، حيث ان المنشآت الصغيرة لا تتطلب رأس مال كبير لإنشائها.
2- قل مخاطر الاستثمار.
3- سهولة الانشاء والتشغيل، فانخفاض تكاليف التأسيس ومحدودية النفقات يسهل عملية الانشاء والتشغيل.
4- تركيز الإدارة من قبل المالك فبالغالبية تكون الإدارة من قبل صاحبها، فهو مديرها وهو المصدر الأساسي لتحديد أهدافها واتخاذ القرارات،وهذا ما يميزها بالمرونة وببساطة التنظيم، واجراءات العمل داخل المؤسسة ويترتب على ذلك سرعة دوران الأعمال.
5- الارتباط بالسوق المحلي، لارتباط المنشآت الصغيرة بالغالب واختصارها بالمناطق التي نشأت بها، يرتكز اهتمامها بالسوق المحلي، مما يؤدي ذلك إلى اكتسابها خبرة التعامل معه وتلمس رغبات واحتياجات المستهلك عن قرب، والقدرة بتغيير مكوناتها وامكانياتها وبرامجها لتساير التغيرات التي قد تنشأ لاحتياجات السوق المحلي واتجاهات المستهلكين.
6- سهولة تسويق الانتاج والخدمات، فانخفاض تكاليف ونفقات التشغيل، يميزها بمرونة كبيرة بتخفيض أسعار منتجاتها وخدماتها، مما يسهل تسويق تلك المنتجات والخدمات.
7- سهولة الدخول والخروج من السوق، في حالة انهاء النشاط لأي سبب فإن محدودية التأثير ما يميزها.
8- قصر استرداد رأس مال المستثمر.
فإن كانت تلك بعض مما يميز المنشآت الصغيرة وبعض المنشآت المتوسطة، فيجب علينا أيضاً أن نهتم بالتطرق لدورها الحيوي بتحقيق التكامل مع المشروعات الكبيرة.
فرغم مكانة المشروعات الكبيرة ولما لها من دور كبير بالاقتصاد الوطني، فإنها لا تستطيع القيام بكافة العمليات الاقتصادية، فشركات المقاولات الكبيرة على سبيل المثال، تعتمد على مقاولي الباطن بتنفيذ العمليات الانشائية، وكما هو الحال بمصانع السيارات، فلا بد من وجود مراكز صيانة ومحلات لتوفير نقاط بيع قطع الغيار، وتجارة الجملة، لا بد أن تتواصل بتجارة التجزئة وهكذا.
كما ان احتياجات ومتطلبات المشروعات الكبيرة توفرها المنشآت الصغيرة بالغالب، لذلك يجب أن تتركز الجهود بتنمية ودعم المنشآت الصغيرة علمياً وعملياً، مادياً ومعنوياً.
فمن هنا، أعتقد أنه من باب أولى أن نحدد أو أن نضع تعريفاً محلياً على أقل تقدير للمنشآت الصغيرة، وألا ننظر للدول الأخرى ونقارن أنفسنا بها، فيجب علينا أن نكون أكثر واقعية وشفافية، من أننا دولة نامية، فمن غير المعقول، أن نضع واقع منشآتنا ونقارنها باليابان على سبيل المثال، فكلما بسطنا طرح الموضوع، وصلنا لمبتغانا واشباع الرغبات والطموحات.
وكلما أيقنا بأهمية المنشآت الصغيرة، أيقنا بأهمية استمرارها، فيجب علينا أن نتطرق ونذكر اجراءات الانخراط بها وتأسيسها ومتابعتها، من واقع السوق المحلي، وبكل شفافية وواقعية. فمن المعروف والمتبع، أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تنشأ بموجب «ترخيص أو سجل تجاري» وكلاهما محدودة الأنشطة، أي تمنح لنشاط معين، فباضافة نشاط آخر يتطلب استخراج سجل أو ترخيص آخر من قبل الجهات المختصة.
لذلك يجب أن يعاد النظر، لا بالترخيص أو بالسجل فقط، ولكن ما بعد الحصول على الترخيص أو ذلك السجل، فيتضح لدينا العديد من السلبيات التي تشوب عملية التنمية ولتأثيرها بالاقتصاد الوطني، وهذا ما لم يتطرق إليه الكثيرون من المهتمين، فقرارات هامة وحيوية تصدر، ولكن دون رقيب أو حسيب بتطبيقها.
فموضوع السعودة، على سبيل المثال، قد احتل أهم الركائز بتوفير العمل بالقطاع الخاص وخصوصاً بالمنشآت الصغيرة، إلا أننا نرى، أن أول من اتخذ قرار حيالها وبسعودتها وحظر الأجنبي، هي المكاتب العقارية «وهل ينكر شخص ما أن الأجانب ما زالوا يديرون تلك المكاتب» وغيرها الكثير، وإنني أعلم، أن كثيراً من الاخوة والمسؤولين وخصوصاً بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض على سبيل المثال لا الحصر، يبررون موقفهم من ذلك بأنهم ليسوا سلطة أو جهة تنفيذية لهم الحق باتخاذ قرار حاسم.
فالغرفة الموقرة، وكما أعتقد قد أنشأت أكثر من 85 لجنة لمختلف الأنشطة، وأتمنى لو كانت هناك لجنة بمسمى «لجنة تطبيق السعودة» على سبيل المثال، فهل ذلك مستحيل أو به ما يشوبه أيضاً.
نحن نعلم كمواطنين، أن هناك بحوث ودراسات وندوات وما إلى ذلك، ولكن ما بعد ذلك كله هو ماذا، هل رأينا تعديلاً، هل فكرنا بما لدينا من مقومات الاستمثار الصحيح، فأتوقع اننا البلد الأكثر بعدد الجهات الاستشارية، وناهيك عما تحتويه العديد من تلك الجهات بلجان متعددة، ولكننا، أعتقد طبقنا المثل القائل «هذي سيفوه وهذي خلاقينه».
ومن هنا أود أن أفشي سراً وهو «أن أحد مكاتبي وهو قائم ما يقارب عشر سنوات، وجار لإحدى البلديات الفرعية، لم يسبق لي أن استخرجت ترخيصاً، بل إن سجلي التجاري منته منذ أكثر من خمس سنوات، ومازلت أعمل به»، فأرجو ألا تسألوني كيف، ولكن هذا ما هو حاصل وعلى أتم الاستعداد لضيافة من يرغب!!
فهل فهمنا وعرفنا، ما هي الأسباب التي يجب أن تتخذ من أجل كفاءة أي عمل ما، فلذلك أود أن أؤكد أن جميع الجهات بالدولة، ليس عليها لوم يذكر أو عتاب، فأتاحت الكثير من الجهات الاستشارية، ومن أهمها الغرف التجارية بتزويدها بمرئيات ومشاركات القطاع الخاص بالنهوض بتنمية المنشآت وفق رغبات أصحابها ومن ذوي الخبرات العملية ومن واقع متطلبات السوق المحلي، لبحث ووضع الآلية المناسبة بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
والله من وراء القصد.. ودمتم،،
للتواصل: ت: 4951438 - 054421889
|