Sunday 5th January,2003 11056العدد الأحد 2 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«الشِّعر والسياق» بنادي جدة الأدبي «الشِّعر والسياق» بنادي جدة الأدبي

* جدة - صالح عبدالله الخزمري:
ضمن أنشطة النادي الأدبي بجدة لهذا العام نظم النادي محاضرة أدبية للدكتور حسين الواد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود بالرياض بعنوان «الشعر والسياق».
قدم للأمسية الأستاذ سعيد السريحي الذي أشاد بالمحاضر وبمؤلفاته ومنها البنية القصصية في رسالة الغفران وقال: ان مؤلفاته تدور على غير ما ألفنا وترشدنا ان الكتابة النقدية تحتاج الى فراغ للكتابة. بدأ المحاضر حديثه حيث عبر عن سعادته بزيارة نادي جدة الأدبي وبلقاء زملاء الأدب الذين سبق ان جمعته بهم بعض اللقاءات. وقال: ان رئيس النادي طلب منه ان يكون الحديث غير أكاديمي، ومن أجل ذلك اخترت احدى قصائد التراث التي سيدور الحديث حولها وهي قصيدة النميري. وقال د. حسن: ان لهذه القصيدة مثلما لغيرها من القصائد قصصاً تتعلق بالأسباب التي أدت لقولها والمعاني الشعرية التي تكونت منها، هذه من سمات شعرنا القديم فمثلما تزين البنت أو تشين فكذلك القصيدة، ويكون لها أثرها وقد لا يكون لها من ذلك شيء، فتجيء فكرة من الفكرات وهذا كثير في تاريخنا الأدبي.
قصة هذه القصيدة عند التأمل كالقصيدة نفسها كائنة من اللغة من صنع البلاغة لا تخلو من تشعب وتعقيد وثراء وعمق فهي ذات تحول بفعل رواتها - كفواعلها - المتعددين. لقد اختلفت الروايات في عدد أبياتها، فضلا عن الاختلاف في الأبيات نفسها.
وبالدخول الى جو القصيدة نجد ان صاحبها قد اضطر بفعل الظروف ان يدخل على ألفاظها تحويلاً.
وقد تستغربون ان أجمع بين قصيدة من الشعر ومجموعة من الأخبار ولا يستبعد أحد ان تكون موضوعة مختلقة مفتعلة كغيرها من قصص بعض القصائد، إلا أنه يغني أن تكون صحيحة لا مجال للشك في حصولها.
إن الباعث على نشأة القصيدة هو حدث من واقع التاريخ كما ورد في الأصفهاني.
يتعهد في نشأة القصيدة وصلا بينها وبين العوامل التي أنشأتها وفي الخبر اشارة الى أن الشاعرية تبعث على القول الشعري وتستدعيه ولا استبعد الغموض.
والسبب ان كل ما في الوجود قابل لأن يكون شعرا، وإذا كان الاستدلال من خلال الأسئلة مع ان كل ما في الوجود يمكن ان يكون شعرا فإن المشقَّة تكمن في تحديد تلك الشعرية. هذه القصيدة وعلاقتها بشاعرية الأشياء تبدو في أشياء متفرقة متباعدة في زينب أخت الحجاج والنسيج الثقافي، ويجب ألا يفوتنا ان زينب التي قيلت فيها القصيدة كان أخوها الحجاج بارا بها وهي أخته من أمه وأبيه. وعندما بلغت زينب سن التزويج عرض عليها الحجاج الزواج من عدة أشخاص فاختارت منهم الحكم وكان شيخا كبيرا.
يروى من أخبار زينب:
- عندما بلغتها أخبار النميري مما قاله فيها بكت وقالت أخشى أن يسمعها جاهل فيصدق.
- خرجت بالبصرة ومعها نسوة فقيل لها: إن فيكنَّ امرأة لم يرَ أجمل منها. ونلاحظ ان الأخبار الموضوعة في زينب تبدي كائناً ذا شاعرية، ونحن أمام مجموعة من الأسرار تكتنف كل القواعد في نشأة هذه القصيدة، ويمكن الخروج منها الى النظريات النقدية الكبرى. وختم د. حسين حديثه عن نشأة القصيدة وأكد أنها أصبحت مؤكدة للحدث وأصبحت مصدراً لنشأة الأفعال.
المداخلات
بعد ذلك جاء دور المداخلات حيث أجاب الضيف عن بعضها وأغفل البعض الآخر.
1- د. مازن الوعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدراسات العليا شكر النادي ورئيسه وقال: المحاضرة ولدت أشياء لم تكن في الحسبان فأصبح لديَّ موضوع أكاديمي يمكن طرحه على طلاب الدراسات العليا. الشعر الغزلي لدى الورعين. وقال: أحب الاستفسار عن اشكالية هل السياق بفروعه المتعددة المكانية والاجتماعية والنفسية الظاهرة منها والباطنة سيكوِّن الشعر أم أن الشعر من هذا يلغي الواقع ويحل محله؟
أيضا ماذا تعني بالشعر هل هو الذي يخرج عن القصيدة ويتشكل في زوايا أخرى؟
2- حسين بافقيه - رئيس تحرير مجلة الحج والعمرة - شكر د. حسين على المحاضرة وقال انها أعادتنا الى التراث العربي حيث ارتبطت القصيدة بالخبر، وسأل الضيف عن تفسير النص القرآني في ظل السياق.
3- معجب العدواني قال اتخذت المحاضرة بعداً في قراءة النصوص الشعرية القديمة، وقال والقصيدة تشكل حكاية.
4- علي الشدوي قال: انه سعيد بالمحاضرة وقال إن الغزل في الشعر العربي يقال في المرأة ويعرض أمام الرجل سواء أكان خليفة أم .....
5- أحمد العرفج: تساءل هل.. السياقات تفرض المفاهيم أم العكس؟
بعد ذلك جاءت إجابات د. حسين الواد حيث أكد سعادته بهذه المحاضرة وبما سمعه وقال عن النص: لقد استوقفني حيث وجدته في معظم الكتب حتى غير العربية منها وشعرت بالحزن لأني لم أجده في معظم كتبنا. وأضاف ان الشعر يقول شيئا عن الواقع فمعظم النصوص العربية تحمل شهادة ميلاد قبل أن تكوِّن سجلاتها، وأضاف ان الابداع في اللغة له جميع الاحتمالات ولا مجال لاحصائه.
وعن النص القرآني قال انه شبه مفهوم ويختلف عن النص الشعري القائم على الخيال فلا يمكن التعامل معه معاملة النص الأدبي والتاريخي.
القصيدة التي دارت حولها المحاضرة
قصيدة النميري (*)


تضوَّع مسكاً بطن نَعمانَ إذ مََشَتْ
به زينب في نسوةٍ عطراتِ
فأصبح ما بين الهماء فحزوةٍ
الى الماء ماء الجزْع ذي العُشَراتِ
له أرَجٌ من مِجْمَر الهندِ ساطعٌ
تَطَلّعَ ريّاهُ مِنَ الكَفَراتِ
تهادَيْنَ ما بينَ المُحَصَّبِ مِنْ مِنَى
وأَقْبَلْنَ لا شُعْثاً ولا غَبِراتِ
أعانَ الذي فوق السماواتِ عَرْشُه
مَوَاشيَ بالبَطْحاءِ مُؤْتِجَراتِ
مُرَرْنَ بِفَخِّ ثُمَّ رُحْنَ عَشِيَّةً
يلبِّين للرحمنِ معتمراتِ

(*) أبو الفرج الأصبهاني، الأغاني
المجلد السادس ص182
ط. دار الثقافة.. بيروت. د.ت.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved