* الرياض - منصور البراك:
أكد عضو مجلس الشورى عضو اللجنة التعليمية والبحث العلمي بالمجلس الدكتور عيد بن عبد الله الشمري ان وزارة المعارف لا تستطيع ان تكون اكثر تشويقا من وسائل التوجيه والتأثير الاخرى ولكنها تستطيع ان تكون اكثر نفعا في محتوى مناهجها وتستطيع ان تكون أكثرها جاذبية لطلابها ان هي اصلحت من تأهيل معلميها لمتطلبات المرحلة القادمة واصلحت مبانيها ووفرت فيها وسائل التعليم المشوقة والحديثة وتنازلت عن المركزية في العملية التعليمية خصوصا.
وأشار في حديث للجزيرة بمناسبة رعاية صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز لندوة ماذا يريد التربويون من المجتمع وماذا يريد المجتمع من التربويين؟ الى ان اهداف تعليمنا الواردة في وثيقة سياسة التعليم تحتاج الى مراجعة جذرية لاستبقاء ما يصلح منها للمرحلة الحالية والقادمة لغعايات كبرى وفيما يلي حديث الدكتور الشمري:
فحول ما يريده المجتمع من وزارة المعارف قال الدكتور عيد ان المجتمع يريد من وزارة المعارف ان تباشر اصلاح التعليم في بلادنا بدلا من الحديث عن الاصلاح في مؤتمرات الاستشراف وزيارات الدول الاخرى والحديث عنه في وسائل الاعلام.
كما يريد المجتمع الاصلاح من المناهج التي يُحمِّلها ابناءه او بناته، ومن مؤهلات المعلم ومن المدرسة ومبناها ومن وسائل التعليم ووسائل تقويم التحصيل.
ونريد الاصلاح بدءا من الفصل والمدرسة، ولكن قبل ذلك لابد من قناعة يجب ان يقتنع بها المعلم ومدير المدرسة، وقبلهم وزارة المعارف، بأن التعليم استثمار افتصادي يفوق مردوده ما تجلبه الصناعة والزراعة والتجارة وجميع الموارد الاخرى، وذلك لسبب بسيط هو ان التربية والتعليم تنتج الصانع والزارع والمبتكر. وبالتعليم فقط يزيد العلماء والمبتكرون والمخترعون، وتزيد انتاجية العامل، ومن جهد العلماء والمهندسين والمخترعين يتحول العلم الى تقنية مفيدة للمجتمع وخادمة لاهدافه ووسائل انتاجه ورفع مستواه الاقتصادي وأمنه الاجتماعي ورخائه.
الا ان واقع الحال يشير الى ان استشرافات وزارة المعارف ومؤتمراتها وحديث مسؤوليها في وسائل الاعلام، لم تتضمن التركيز على التوأمة بين التخطيط التربوي لاصلاح تعليمنا العام وحتى العالي وبين التخطيط الاقتصادي والتنمية في بلادنا. واشار الشمري الى انه لم يحدث ان اجتمعت اللجنة العليا لسياسة التعليم او مجلس التعليم العالي والجامعات مع وزارة التخطيط والمجلس الاقتصادي الأعلى بعد تشكيله للاتفاق على التوجيهات الاقتصادية والتنموية المستقبلية لبلادنا وصياغة اهداف تعليمنا لخدمة هذه الاهداف الاقتصادية؟ ثم هل نظرت وزارة المعارف في آلية او جهة لمراجعة اهداف تعليمنا العام بما يخدم مستقبلنا ومستقبل ابنائنا وبلادنا دون تفريط بثوابت مجتمعنا العقدية وما ينبع منها من قيم اسلامية خالدة واضاف عضو مجلس الشورى ان اهداف تعليمنا الواردة في وثيقة سياسة التعليم تحتاج الى مراجعة جذرية لاستبقاء ما يصلح منها للمرحلة الحالية والقادمة كغايات كبرى، واما اهداف المراحل والمواد فلابد من تغييرها لتواكب عصر اقتصاد المعرفة وتواكب حالنا الاقتصادي والاجتماعي بعد تنفيذ سبع خطط تنموية وما يخدم توجهات اقتصادنا المحلي في زمن العولمة. ثم ان وزارة المعارف كانت الجهة الوحيدة المحتضنة للجنة العليا لسياسة التعليم، وذلك قبل نشوء مجلس الشورى بشكله المطور وقبل نشوء المجلس الاقتصادي الاعلى، وبالتالي فان مراجعة سياسة التعليم وصياغة اهداف التعليم للمرحلة القادمة قرار أمة، فهو يخص كل اسرة والوطن بعامة ولابد من تحقيق اقصى غايات الاجماع عليه ولا يجوز ان تحتكره وزارة بعينها، وانما هو شأن لابد ان تجمع عليه الامة، لأنه شأن اسري ووطني في وسائله وغاياته المستقبلية، وهو يمس حياة كل فرد في الحاضر والمستقبل مضيفا الى ان هذا شأن يجب ان يشترك فيه الاب والسياسي والاقتصادي والفقيه والمربي والعسكري وغيرهم من ارباب الآراء المستنيرة المهتدين بهدي الاسلام، وحول سبل التقارب بين المجتمع والتربويين قال عضو اللجنة التعليمية بمجلس الشورى ان اكثر وسيلة للتقارب بين المجتمع والتربويين بعد الاجماع على الغايات الكبرى للتعليم والاجماع على اهداف مراحل التعليم ومواده هي اعطاء كل مدرسة الاستقلالية التامة في اداء دورها التربوي والتعليمي، من خلال مجلس ادارة للمدرسة يتكون من مدير المدرسة ووكلائه وبعض المعلمين المتميزين ومشرفين تربويين ومجموعة من الآباء المهتمين بالشأن التربوي والتعليم من المجتمع المحلي، واعطاء المدرسة المرونة ضمن الغايات والاهداف المرسومة واعطاء مدير المدرسة الصلاحية التعليمية الكافية والصلاحية الادارية والمالية ضمن نظام مالي واداري لا مركزي ومرن وتابع قائلا: كما يريد المجتمع ان تعمل الوزارة على ايجاد جهة رقابية محايدة خارج الوزارة تكون حكما بين المجتمع ووزارة المعارف عند محاسبة الوزارة على ادائها التعليمي كما يريد المجتمع من الوزارة الايمان بمبدأ المحاسبية ACCAUNTABILITY لدى الوزارة لا ان تكون الوزارة هي الخصم والحكم في ادائها التعليمي.
واردف الشمري ان المجتمع سيشعر بالرضا التام عن وزارة المعارف ان هي اشركت هذا المجتمع في قرار غايات التعليم والتربية واهدافهما وتحقق بينهما اجماع او شبه اجماع عليها، كماسيشعر بالرضا عن وزارة المعارف ان هي حققت من خلال مناهجها ومعلميها ومبانيها ووسائلها تلك الغايات والاهداف المجمع عليها، وسيشعر المجتمع بالرضا عن وزارة المعارف ان هي حصنت النشء بقيم المجتمع وحافظت على ثوابته في زمن هذه الفوضى المعلوماتية والبث الفضائي الذي لا سبيل الى درء خطره الا بالتحصين العقدي والقيمي وتزويد النشء بالعقلية الناقدة والقادرة على تمحيص ما تبثه وسائل المعلومات والانترنت والفضائيات وغيرها. كما ان المجتمع سيرضى عن وزارة المعارف ان هي اصبحت اكثر حيوية وتجديدا في مناهجها، وذلك بتزويد الطالب بالمعلومة النافعة الحديثة المتسقة مع ما يخدم الطالب في حياته، وما يخدم المجتمع في ثوابته الدينية والقيمية وما يحقق تقدمه الاقتصادي التنموي. ان المجتمع سيسعد بتعليم ابنائه مهارات التعلم الذاتي، مثل مهارات الطباعة ومهارات البحث الالكتروني ومهارات الوصول الى المعلومة ومهارات تحديد المقصود ومهارات النقد والتمحيص والحكم على النافع والضار مما تحفل به ساحات المعلوماتية من معلومات لا حصر لها. كما ان المجتمع سيرضى على وزارة المعارف ان استطاعت تسخير تقنيات الاتصال لتصبح وسائل مساندة للتعليم وليست بديلة له فتلك الوسائل قد تعلم ولكنها لا تربي.
وقال ان وزارة المعارف لا تستطيع ان تكون اكثر تشويقا من وسائل التوجيه والتأثير الاخرى، ولكنها تستطيع ان تكون اكثر نفعا في محتوى مناهجها وتستطيع ان تكون اكثر جاذبية لطلابها ان هي اصلحت من تأهيل معلميها لمتطلبات المرحلة القادمة واصلحت مبانيها، ووفرت فيها وسائل التعليم المشوقة والحديثة وتنازلت عن المركزية في العملية التعليمية خصوصا. وليس اضر على وزارة المعارف من ان تكون محتويات مناهجها غير نافعة للطالب والمجتمع إما لقدمها او لسوء عرضها، او لكثرتها وان اجتمع مع عدم نفع المحتوى وكثرته وسوء عرضه وسوء المبنى وضعف تأهيل المعلم وقدم وسائل التعليم وختمتها المعارف بمركزية مفرطة لكل الامور التعليمية والادارية والمالية فان اجتمعت كل هذه العناصر فاقرأ على التربية والتعليم السلام، ويجب ان نتوقف عن الحلم بتقدم اقتصادي او مواكبة للعصر.
فالتخلف التعليمي قرين التخلف الاقتصادي. فلا ابداع او ابتكار او انتاج منافس او تقنية دون تعليم فاعل.
|