لعلها تكون لحظات إرهاصات الكمون، ذلك الذي كان كالبركان فأقبل...
تحدوه نوافير تنبجس بما هو موجعٌ في تلافيف إدراك الحقائق، تلك التي يعيشها الإنسان
كيف للإنسان أن يحيا مع مواجعه...، وكيف له أن يتفاعل مع كوامنها؟ بل كيف يمكنه أن يواجه تَيَّار البركان في انبجاسة حقيقته؟ تلك هي المسألة؟!...
والإنسان مُقَدَّرٌ له ومكتوبٌ عليه أن يعيش رِدْحاً من الزمان؛
وله في معاشه خيار المكوث، أو اللِّواذ؟
والمكوث خيرٌ له، واللِّواذ خيرٌ له....
فإن مكث على مقربة ممَّا يكون، فله أن يتفاعل مع، أو يصمت عن...
وإن لاذ على مبعدةٍ ممَّا يكون، فله أن يتأمل في، أو يُغمض عن...
وفي كلتا الحالتين، كيف يقاوم إساءة حقائق الحياة بمن فيها من البشر؟ لصفاء ما فيه من الفِكَر؟!
الإنسان بكلِّ خصائصه، ومقوِّماته لا يقوى على فُوَّهة البركان، كما لا يقوى على خمودها... فهو بين الخمود لها، وانبجاستها ساحقٌ ومسحوق!!
أرأيتم كيف يستلُّ الإنسان في مجتمع الإنسان فتائل البركان على مَنْ هم في الوشائج متَّصلين في أعلى الاتصال المعتقد الواحد، وفي أوسطه النسب المتقارب، وفي أدناه الجوار المتاخم...؟! كيف إذن ينجو سؤال الصدر من طفرة المقارنة بين هذا الإنسان ذي الوشائح، وبين ذلك الإنسان ذي التباعد؟... أوَّلهم جمرة أسى، وثانيهم بؤرة أسى... وبين أن يأسى الإنسان على نفسه، وأن يأسى على من هو ليس منه، فرقٌ شاسع، وبونٌ كبير!!
وإلاَّ فما هي هذه الظاهرة بما يحدث في أرض العروبة والإسلام والجوار والنَّسَب وقطرة الماءِ وقطرة الدِّماء!!. وما جدَّ عليها من التَّصاعد الشرس في نفور نفوس الناس على مستوى أفراد الشعوب التي يُفترض أنَّها في العقيدة، والجوار والنَّسَب واحدةٌ؟ كيف يستلُّ البارود امرأً من يده اليمنى كي يحرق به يده اليسرى؟!
في الوقت الذي يحتاج فيه هذا الإنسان في شعبه المتلاحم بالوشائج كلِّها لأن يتصدى لمن ينحت ليس في البارود، ولكن في الصَّلد كي تهوى شظاياها عليه في وشائجه كلِّها؟
كيف يفرِّق الإنسان الآن بين من له وما له، وبين من عليه وليس له؟ وكيف يستلُّ الإجابة ويعرف السبب، وقد اختلط حابل القضايا بنابلها؟
هل له أن يمكث؟ أو يلوذ؟
يبدو أن المكوث واللِّواذ سيَّان... والعالم على أكفِّ الانتظار... لنتائج نفور كمون البراكين.
|