* الرياض- إبراهيم بن عبدالرحمن التركي* تصوير - فتحي كالي:
في حديث «ضافٍ» أشار صاحب السمو الملكي الفريق أول ركن الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية ونائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة إلى القيمة «الفكرية» لمهرجان الجنادرية بوصفه قناة ثقافية وإعلامية فاعلة في التعريف بقيم الإسلام ونفي التهم الظالمة التي تُوجه إليه من «مناوئيه»، وربما أسهم بعض بنيه بتأكيد بعض هذه التهم ومنها تهمة «الإرهاب»..
وأشار سموه في حواره مع «الجزيرة» إلى أهمية موضوع الندوة الفكرية في مهرجان هذا العام.. وقد ابتدأ «الحوار» بالسؤال التالي:
لماذا
* (هذا هو الإسلام) العنوان العريض لندوة مهرجان الجنادرية في العام الحالي..
ألا يرى سموكم أننا كمَنْ يحملُ «التمر إلى هجر»..
تعريف بالإسلام في ديار الإسلام..؟
- أولاً يجب أن نعرف ونعترف أن ثمة غياباً كبيراً للفهم «الواعي» بحقيقة الإسلام الخالدة كما بعث بها الله تعالى نبيه محمداً عليه أفضل الصلاة والسلام، وربما غاب شيء من هذا الوعي عن بعض أبناء المسلمين.. والحوار حول الإسلام الحقيقي حوار مطلوب في الداخل كما الخارج، وبين المسلمين كما مع الآخر..
تلك واحدة يا إبراهيم، أما الثانية فقد انتشر «مؤخراً» مصطلح «الوهابية» بوصفه معادلاً لمعنى «الإسلام»، وأصبح «الحديثُ» عن «الوهابية» منتشراً بين المسلمين مثل غيرهم ليمثل الإسلام في هذه البلاد.. مما دعانا ويدعونا إلى التوجه لمناقشة بعض المفاهيم الخاطئة حول الإسلام وأتباعه.
رؤية
* ما الذي تودُّ تلخيصه في رؤيتك لهذه القضية؟
- بدءاً.. نحن نعترف أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- داعية ومجدِّد خدم الإسلام ونافح عنه ودعا إليه وعَلِم وعلَّم صفاءه ونقاءه، ولكننا لا ننظر إليه أكثر من أنه إمام جليل أعاد التذكير بالقيم الأساسية التي كانت موجودة وسرنا ولا نزال نسير عليها، والمشكلة أن كثيراً من الناس بدأوا يأخذون «الوهابية» ويضعونها في إطار «مذهبي» وكأننا تابعون لمحمد بن عبدالوهاب أي أننا «مذهبيون» أو أتباع مذهب من المذاهب الإسلامية المتعددة التي قد لا تمثل جوهر الإسلام كما نزل به الروح الأمين، فلهذا فإن الفكرة الأساسية من ندوة هذا العام هي استكمال للأفكار التي ابتدأناها بموضوعات «الإسلام والغرب» و«الإسلام والشرق» وكل الاتجاهات التي نتبناها هي اتجاهات إسلامية تهتم بشرح حقيقة الإسلام ودعوته والمحاضرات كلها لإفادة الجميع من مسلمين عرب وغير عرب وغير مسلمين.
دعوات
* هل قدمتم دعواتٍ لمفكرين من غير المسلمين؟
- نعم فقد تمت دعوة أعدادٍ كبيرة من غير المسلمين، وقد جرى نقاش مستفيض في اجتماع مع سيدي سمو ولي العهد في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة قبل بضعة أيام، ودار النقاش حول الإجابة عن استفهام مهم وهو: كيف نستطيع أن نوصل هذه الرسالة الإسلامية إلى الخارج وليس فقط بأن ندعو مجموعة بسيطة منهم ربما يخدمون الهدف وربما لا يخدمونه؟!.
فكرة
* إذن الفكرة أوسع من دعوة مفكرين من الخارج لأيام معدودة؟
- بالتأكيد، نحن نعرف أن المملكة العربية السعودية هي واجهة الإسلام، ففيها قبلة المسلمين، ومنها انطلق إشعاع هذا الدين، ولذا نود التوسع لمخاطبة مجموعات أخرى عبر المجموعات المدعوة لهذا المهرجان وما سبقه، ولدينا - الآن - والحمد لله - مجموعة قوية في ألمانيا، وعندنا مجموعة قوية في أميركا مثلاً، هذه المجموعات لابد أن نتوجه إليها في بلادها، فهذه هي الفكرة الأساسية وسمو ولي العهد - حفظه الله - وجَّه بالتعاون مع هذه المجموعات المنتشرة في الخارج لإلقاء محاضرات هناك تتكامل مع المحاضرات التي تلقى في الداخل للتعريف بهذا الدين وقيمه ونفي حكاية الوهابية بوصفها مذهباً مبتدعاً، و«الإرهاب» على أنه «تهمة» تلصق بالإسلام والمسلمين.
تواصل
* إذن.. نتوقع نشاطاتٍ متصلةً في هذا الإطار الفكري؟
- بكل تأكيد.. والأنشطة الفكرية الخاصة بمهرجان الجنادرية، وكذلك «حوار الحضارات» في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وما عداها لغةٌ مهمة للتواصل مع الآخر في سبيل إيجاد أرضية صلبة لفهم الإسلام والبيئة الإسلامية والمجتمع الإسلامي القائم على العدل والتسامح وعدم الاعتداء والتعاون المشترك لما فيه خير البلاد والعباد.
تقنية
* وهل سيقتصر نقل الندوة بمحاضراتها عبر وسائل الإعلام المعتادة؟
- ستنقل من خلال هذه الوسائط وكذا عبر شبكة «الإنترنت» من خلال موقع خاصٍ بالمهرجان وفعالياته.
أوبريت
* من الندوة إلى الأوبريت.. هناك الكثير من الانتقادات التي قرأناها في الصحف موجهة إلى «الأوبريت» كلماتٍ ولحناً وأداءً.. ما موقفكم؟
- أي عمل هو معرض للانتقاد السلبي، والانتقاد الإيجابي، وليس عندنا مانع من أن نسمعها ونستفيد منها، والجنادرية - من يوم بدئها إلى اليوم - وهي مادة جيّدة للرأي والرأي الآخر فلدينا من ينتقد، ولدينا من يعطي رأيه وفي عدة اجتماعات قلت إن أي انتقاد نحن ندعو إليه، ونرحب به ولكن نرجو أن يصاحب الانتقاد حل ما، يعني: أنت تنتقدني.. لا بأس.. لكن إذا انتقدتني فقط فبم أفدتني، أنت أعطيتني وجهة النظر هذه، طيب: أنا كنت أفكر فيها، ولم أصلْ إلى حل! إذا كنت أنت قد وصلت إلى حل، أعطني الحل الذي عندك، وللأسف فإن الانتقادات التي وصلت - حتى الآن - لم تكن مصحوبة بحلول أو بدائل أو اقتراحات قابلة للتطبيق.. نحن مستعدون لسماع الانتقاد الذي يجيء بأسلوب حضاري أولاً ومن إنسان محب لهذا العمل وساعٍ لأن يتحسن ويتطور إلى الأفضل فلهذا أجد انتقاده في محله، وكما قلت في الحقيقة فثمَّ أناس يحاولون - للأسف - الوصول إلى مركز أعلى من مراكزهم لأنهم يتصورون أنهم إذا انتقدوا شيئاً معيناً بطريقة معينة فإن ذلك سيعطيهم شهرةً ونجوميةً وربما جاء مَنْ يمدحهم لجرأتِهم وثقافتهم ومعرفتهم..
النقدُ سهل جداً، لكن الصعب هو قراءة «الواقع» و«الممكن» والبناء عليهما والتقويم من خلالهما.
جديد
* ما هو الجديد بالنسبة للأوبريت.. وخصوصاً أننا نشهد تحولاتٍ سنوية في شكل ولون الأوبريت؟
- الجنادرية تبحث دائماً عما هو جديد، وفي كل محاضراتنا ونشاطاتنا التي نقدمها أشياء جديدة، وبالنسبة للأوبريت فهو كذلك، والحقيقة، أننا نحاول أن نصل إلى الأفضل، وأنا أعتقد أنه لمّا انتقدوا - مثلاً - الدكتور عبدالرب إدريس وقالوا: كيف يعطى له الأوبريت مرتين ولا يعطى لغيره مرّة واحدة؟ فَلِمَ لم يتحدثوا عن «محمد عبده» و«محمد شفيق» اللذين لحّناه ثلاث أو أربع مرات؟! فلهذا نحن في الحقيقة نبحث عن الجديد دون أن يعني ذلك تغيير الوجوه أو الأسماء فقط..! والفكرة الأساسية لدينا أن «الأوبريت» يحمل «رسالة» مهمة لدعم البناء الداخلي والخليجي والعربي، وقد بدأنا نفكر هذا العام بأن للأوبريت رسالة لا أحب أن أقول إنها رسالة سياسية ولكن رسالة موجّهة ..مثلا نحن نتكلم عن «العالم الإسلامي» في الأوبريت الجديد بما يخدم التضامن الإسلامي ويغذي الشعور الإسلامي في الشعوب الإسلامية، ولهذا أرجو من الأشخاص الذين يحبون أن ينتقدوا العمل أن يدرسوه أولاً، ولأنه بهذه الخصوصية فلا يمكن أن أضع فيه موسيقى راقصة مثلاً أو موسيقى صاخبة، أو مؤثرات صوتية لا تمثل مفهومه أو معانيه.
عائلات
* في العام الماضي وعدتم بدراسة موضوع دخول «العائلات» إلى الجنادرية.. أعني إلى القرية الشعبية.. هل سيتم ذلك هذا العام؟
- والله أنا أتمنى ذلك في الحقيقة.. وقد سبق أن قلت إن المناقشات ما زالت بيننا وبين علمائنا في هذا الموضوع وخصوصاً أنهم أول من يشجع المرأة على أن يكون معها محرم سواء في الجنادرية أو في سواها من الأماكن العامة، فنتمنى إن شاء الله من خلال المناقشات المستمرة أن يُقرَّ هذا الموضوع.
بداية
الحوار امتدَّ مع سمو الأمير متعب بن عبدالله على مدى ساعتين كاملتين، وتطرق إلى موضوعات مهمة تخصُّ «الحرس الوطني» بمهامه العسكرية والثقافية والتعليمية والصحية، ونشاط «الفروسية»، وواقع التنظيم الإداري، والميكنة المكتبية، والقبول في كلية الملك خالد، وقضايا الإعلام والمجتمع والتعليم وبعض الشؤون الشخصية والعامة.. وغير ذلك.. مما سينشر - لاحقاً - في صفحتي واجهة ومواجهة إن شاء الله.
|