Saturday 4th January,2003 11055العدد السبت 1 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحرب على العراق الحرب على العراق
ماذا يريد فريق بوش منّا ألاّ نعرفه؟!

  ما الذي لا يريدنا بوش أن نعرفه؟
في هذا الكتاب الهام يدحض سكوت ريتر، مفتش الأمم السابق عن الأسلحة في العراق، وويليام ريفرز بيت، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، مزاعم بوش وبلير القائلة بأن العراق يشكل تهديدا على أمن الولايات المتحدة، وقد عمل ريتر لمدة سبع سنوات في لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتفتيش عن الأسلحة (Unscom ) والتي كانت مكلفة بتدمير كافة أسلحة الدمار الشامل ( WMD ) في العراق، ويقول سكوت «إننا نستطيع القول على نحو قاطع إن البنية التحتية الصناعية التي يحتاجها العراق لإنتاج أسلحة نووية قد استأصلت شأفتها»، ويضيف قائلا «لقد قضينا على البرنامج النووي بالكامل ولكي يستطيع العراق إعادة بنائه من جديد فإنه يحتاج للقيام بذلك إلى أنشطة من السهل الكشف عنها من قبل أجهزة الاستخبارات».
وبالمثل لا يمتلك العراق أية أسلحة كيميائية، ففي عام 1996 قامت لجنة الأمم المتحدة للتفتيش عن الأسلحة بتدمير كافة منتجات ومنشآت ووسائل إنتاج الأسلحة الكيميائية، والمنتجات الكيميائية من غاز في إكس وغازات الأعصاب من السارين والتابون لها صلاحية مقدارها خمسة أعوام فقط ولذلك فإن أي مخزون منها يعتبر الآن لا ضرر منه، كما أن العراق لم يعد قادرا أو لديه أية قدرات لإعادة صنع هذه الوسائل والإمكانيات، ويضيف سكوت بأن «تصنيع الأسلحة الكيماوية يشع غازات يمكن الكشف عنها الآن إذا كانت موجودة، ولقد راقبنا ذلك بواسطة الأقمار الصناعية ووسائل أخرى ولم نر شيئا من هذا، فلو كان العراق ينتج أسلحة اليوم لكان لدينا دليل محدد واضح وبسيط».
كما أن العراق لا يمتلك أسلحة بيولوجية، ففي عام 1995 قامت اللجنة بتدمير المصانع والمعدات التي تنتج الأسلحة البيولوجية، وبالتالي «فإننا لم نعثر على أي دليل على إجراء بحوث أو تطوير أو امتلاك أيا منها»، كما أن العراق ليست لديه أية وسائل لإطلاق أسلحة الدمار الشامل التي لا يمتلكها، «فالعراق لا يمتلك القدرة على إنتاج صواريخ باليستية بعيدة المدى».
ويوجز ريتر الأمر من خلال جملة واحدة ولكنها تعبر خير تعبير عن حقيقة الوضع «لقد تم تجريد العراق من السلاح».
كما يؤكد أنه ليست هناك أي صلة بين العراق والقاعدة بل على العكس يوجد عداء متبادل وأن تغيير النظام لن يحقق الديموقراطية في العراق وأن غزو العراق يعتبر مهمة أكثر مشقة من طرد قواته من الكويت، كما أن ازدراء بوش للأمم المتحدة يمكن أن يدمرها، الأمر الأكثر إثارة للقلق، كما يشير سكوت، هو أن البنتاجون يخطط لاستخدام الأسلحة النووية إذا بدأ الهجوم الأمريكي على العراق في الفشل.
إن هذه الشهادات تأتي من خبير على دراية تامة ببرنامج الأسلحة العراقية والحالة العراقية أكثر من أي شخص آخر، كما كان سكوت أيضا يعمل ضابطا بالاستخبارات الأمريكية وأحد قدامى العاملين بالبحرية في حرب الخليج، وعندما انتهت الحرب لعب دورا فعالا ورئيسيا في الكشف عن وتدمير برنامج الأسلحة العراقي، كما ينتمي ريتر إلى الجمهوريين الذين صوتوا لصالح الرئيس جورج دبليو، بوش في انتخابات الرئاسة عام 2000 ولا يحمل أية أفكار ليبرالية.
ويواصل سكوت تفنيد حجج بوش التي يسوقها لغزو والعراق والإطاحة بنظام صدام حسين، فيضيف أن صدام حسين على الرغم من شروره وممارساته القمعية إلا أنه قد قام بالعديد من الأعمال الوحشية للقضاء على الأصولية في العراق، وهو أولا وأخيرا حاكم علماني ليست له أي مصلحة في تعزيز أو دعم أصولية إسلامية من النوع الذي يبشر به بن لادن، ويؤكد ريتر أيضا أن صدام حسين قد أدان أفكار بن لادن الإسلامية المتطرفة وجرم منهجه الديني وقام بن لادن بدوره بتكفير صدام حسين وأعلن أنه مرتد عن الإسلام ويجب قتلة، كما إنه ليس هناك أدنى دليل على وجود أي شبهة تعاون أو تواطؤ بين العراق والقاعدة.
ويشير أيضا إلى أن هذا تماما ما يريده بن لادن بمعنى أن الغزو الأمريكي للعراق يمنحه فرصة ممتازة لحشد العالم الإسلامي وإثارة حماسه وخلق تكتل إسلامي ضد الغرب، كما يؤكد أنه حتى لو حققت أمريكا نصرا خاطفا على العراق، وهذا أمر يستبعده من خلال خلفيته العسكرية، فإن التطرف والسخط على الولايات المتحدة سوف يتزايد في الشرق الأوسط، ومن المرجح أن تؤدي هذه الحرب إلى سقوط، عدد هائل من الضحايا في العراق ومئات أو آلاف الضحايا بين صفوف الأمريكيين، ويؤمن سكوت بأنه إذا لجأت أمريكا إلى استخدام أسلحة نووية تكتيكية من أجل معاونة قواتها العسكرية في العراق، وهو أمر رحب به بوش علنا، فمن المؤكد أن تقوم إيران وباكستان بإعطاء أسلحة نووية إلى الإرهابيين وسوف نشهد تفجيرا نوويا داخل الأراضي الأمريكية خلال وقت وجيز.
كما يرى أنه من المستحيل تحقيق الديموقراطية في العراق، فالعراق يحتوي على أغلبية شيعية تشترك في معتقداتها الأصولية مع إيران وآخر ما ترغب فيه الولايات المتحدة هو أن يحكم الشيعة العراق، كما لا تستطيع أن تضع الأقلية الكردية في الحكم بسبب أن تركيا لن تسمح بقيام دولة كردية متاخمة لأراضيها ونتيجة لذلك لن يبقي أمامها إلا السنّة الذين ينتمي إليهم صدام، والاحتمال الواقعي الوحيد حينئذ هو مجيء ديكتاتور سني آخر لا يقل استبدادا عنه.
ويسوق سكوت المزيد من الحجج ليدلل على فشل مشروع غزو العراق ومدى الكذب والتضليل الذي يغلف الموضوع، فيقول إن العراقيين لا يرغبون في الثورة على صدام، وحتى لو تجاهل المدنيون العراقيون ما قامت به الولايات المتحدة من قصف وتجويع وتشريد وقتل خلال العشرة أعوام الماضية، فإن جهاز الدولة الذي أنشأه صدام كان لديه ما يزيد على عشرين عاما لكي يتغلغل في حياتهم ويرسخ وجوده بينهم.
كما يثبت أن ما زعمه خضر حمزة بشأن رئاسته للبرنامج النووي العراقي هو محض افتراء بيّن وبهتان سافر وكذب مفضوح لأنه لم يحدث أبدا أن رأس المدعو خضر حمزة البرنامج النووي العراقي (ولكن جعفر الجعفر هو من كان رئيسا لهذا البرنامج) كما أنه لا يمتلك أية معلومات كافية عن تطوير أسلحة نووية وحينما ارتد حمزة عن النظام العراقي عام 1994 رفضت وكالة الاستخبارات المركزية الاعتداد بمعلوماته وكذلك كافة أجهزة الاستخبارات على نطاق واسع.
كما يشير سكوت إلى أنه على الرغم من أن تبرير الضربة الأولى للعراق قد يلقى مساندة من الكثير من الأمريكيين الذين لا يزالون يلعقون الجراح التي أصابتهم من جراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر وتطاردهم الذكريات المريرة والحزينة التي تقض مضاجعهم فإن النظرة المتأنية في التاريخ سرعان ما تقول لنا إن هتلر قد استخدم نفس العذر للهجوم على بولندا. والعالم بأكمله يمكن أن ينظر إلى «الضربة الأولى» الأمريكية على هذا النحو ويصل إلى نفس النتيجة.
كما يشير أيضا إلى أن هذه الروح العدوانية يقف وراءها محافظون يمينيون متشددون من أمثال «رامسفيلد» و «وولفريتز» و «بريل»، ورامسفيلد، وزير دفاع بوش، قد ركب رأسه ومقتنع تماما بأن العراق يشكل خطرا على كل من إسرائيل والولايات المتحدة ومصمم على الإطاحة بصدام حسين مهما كانت العواقب، ويرى سكوت أن هؤلاء هم صناع القرار الأساسيون في حرب الخليج الثانية وقد أخرسوا كل الأصوات المعارضة في هذا الشأن، ويؤكد ريتر، الذي ينتمي بالفعل للحزب الجمهوري، أن التطرف هو الوسيلة الأكثر خطورة للتعامل مع منطقة الشرق الأوسط القابلة للانفجار والملتهبة بالفعل، ومن رأيه أن هناك العديد من البدائل للتعامل مع القضية العراقية على نحو أفضل.
ويؤكد سكوت على أن استخدام العنف لمعالجة قضية العراق من قبل أمريكا سوف تكون له عواقب وخيمة على كل من أمريكا والشرق الأوسط مثل تجدد الأعمال الإرهابية وتأجج الصراع بين العرب والغرب والمزيد من الفرقة والتشتت الدولي وتهديد الاستقرار العالمي، هذا بالإضافة إلى الأثر المحتمل لهذه الحرب على الاقتصاد العالمي الذي يعاني الآن من الكساد بالفعل وهبوط الأسهم وارتفاع أسعار البترول والتجارة الدولية والطرق الملاحية والجوية والبرية التي سوف تغلق في المنطقة. أيضا يمكن أن تؤدي هذه الحرب إلى تعكير العلاقة بين بعض الدول العربية والعراق إذا قامت الولايات المتحدة باستخدام أي تسهيلات توجد بها في الهجوم على العراق.
ويحتوي الكتاب أيضا على مقدمة بواسطة ويليام ريفرز بيت تقدم خلفية عامة للعلاقات الأمريكية العراقية والدور الذي لعبته الولايات المتحدة في زعزعة الاستقرار في العراق في أوائل السبعينات بعد تأميم صناعة البترول و يتحدث عن الدعم الأمريكي لصدام في الثمانينيات حينما كان يستخدم الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ضد الإيرانيين والأكراد والدوافع العراقية لغزو الكويت وما إلى ذلك.
ويواصل سكوت تفنيد المزاعم القائلة بأن العراق يخفي أسلحة دمار شاملة بالقول إن المفتشين قد قاموا بتغطية كل جامعة ومدرسة ومصنع وأي شيء يحتمل ولو على نحو بالغ الضآلة بأنه يتصل بذلك وأنهم لم يعثروا على أي أثر لبحوث أو دراسات لإنتاج أي أسلحة دمار شامل.
وعن السبب في استقالته من لجنة التفتيش عن الأسلحة التابعة للأمم المتحدة UNSCOM يقول سكوت إنه فعل ذلك بسبب إنه كان يتم استغلاله كأداة سياسية للولايات المتحدة، فقد كانت وكالة الاستخبارات المركزية تستخدم لجنة التفتيش عن الأسلحة للتجسس على العراق في أمور لا تتصل من قريب أو بعيد بالتفتيش عن الأسلحة ولكنها تؤدي إلى إعاقة برنامج التفتيش، كما يؤكد على أن ريتشارد باتلر، رئيس اللجنة، كان عميلا للإدارة الأمريكية وأنه قام في عام 1998 بانتهاك اتفاقية المواقع الحساسة التي أبرمتها الأمم المتحدة مع العراق، فقد بدأ بالمطالبة بالدخول إلى كل الأماكن التي ليس لها أدنى صلة بالتفتيش عن الأسلحة ولكنها كانت تعتبر مواقع حساسة بالنسبة للسيادة العراقية، وحينئذ رفض العراقيون التعامل مع باتلر واقترحوا السماح للأمريكيين بالعمل فقط كمجرد مراقبين ولكنهم عادوا وتراجعوا في أكتوبر 1998، وحاول باتلر مرة أخرى وبناء على أوامر أمريكية البحث عن مبرر لكي يعيد تفجير الموقف.
وقد نصت اتفاقية المواقع الحساسة التي أبرمت بين العراق والأمم المتحدة على أن العراق يمكنه أن يعتبر موقعا ما «حساسا» وفي هذه الحالة يقوم أربعة أفراد من فريق التفتيش بدخول الموقع واتخاذ قرار بشأن ما إذا كان من المشروع تفتيشه من عدمه، وقد توجه المفتشون في ديسمبر 1998 إلى مقار حزب البعث الرئيسية في العراق والتي يعتبرها العراقيون مواقع حساسة ولكن المفتشين انتهكوا الاتفاقية وطالبوا بدخول فريق التفتيش بأكمله إليها، وقد توصل العراقيون إلى حل وسط وسمحوا بدخول ستة مفتشين إليها ولكنهم لم يجدوا أي شيء. ولكن رئيس المفتشين طالب بأن يقوم المزيد من المفتشين بالدخول إلى هذه المواقع، وقد رفض العراقيون ذلك ولكن باتلر استغل الأمر كحجة لسحب المفتشين تبعا لأوامر الأمم المتحدة دون موافقة مجلس الأمن. وعلى الفور بدأت عملية ثعلب الصحراء (حيث قامت القوات الجوية والبحرية لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا بعد سحب مفتشي الأسلحة بقصف العديد من المواقع العسكرية العراقية)، كما يقول سكوت إن المفتش الأمريكي ديك سبرتزل لم يكن يسعى للعثور على أسلحة بيولوجية بينما يقوم بتفتيش القصور الرئاسية لصدام حسين حتى على الرغم من مزاعم حكومة الولايات المتحدة بأن هذه القصور تستخدم لإخفاء الأسلحة البيولوجية لأنه كان يعلم بأنها لا أثر لها وأن هذه مجرد ادعاءات باطلة.
ويروي سكوت إحدى القصص الطريفة التي حدثت أثناء التفتيش عن الأسلحة في العراق. فقد قام أحد المفتشين بضبط ثلة من الرجال أثناء محاولتهم التسلل من الباب الخلفي لمعمل لاختبار الأغذية بالعراق وبحوزتهم حقائب صغيرة. وكانت الوثائق الموجودة بالحقائب مرسلة من جهاز الأمن الشخصي لصدام وبالنظر إليها للوهلة الأولي تبين أنها تحتوي على إشارات عديدة عن مواد بيولوجية.
وقد تهلل المفتشون وواجهوا العراقيين بما عثروا عليه ولكن عندما تمت ترجمة الوثائق بعد ذلك وجد أنها كيماويات تستخدم لتسميم الطعام (ربما لكي يتم استخدامها ضد صدام) وليست أسلحة بيولوجية، وعلى الرغم من ذلك واصل ريتشارد باتلر الزعم بأن هذه الوثائق دليل دامغ على بناء أسلحة بيولوجية.
ويكشف ريتر أيضا عن المؤامرة التي دبرها مكتب التحقيقات الفيدرالي ضده لتلفيق له تهمة التجسس لحساب إسرائيل وبعد ذلك التجسس لحساب العراق، ويقول إنه يعتبر نفسه وطنيا مخلصا وأنه يحاول العثور على ما يتماشى مع مصلحة بلده بدلا من أن يقوم بالتصديق الأعمى لكل ما يقوله القادة الأمريكيون وقبول دوافعهم على أنه أمر مسلم به.
*********
كتاب: الحرب على العراق
تأليف: سكوت ريتر ووليام ريفرز سكوت
عرض: ناصر عفيفي
War on Iraq : What Team Bush Does not Want You To Know
المؤلف: William Rivers Pitt, Scott Ritter
الناشر :sept. 2002 Context Books
سكوت ريتر
أحد المفتشين السابقين في لجنة الأمم المتحدة للتفتيش عن الأسلحة في العراق (UNSCOM) وكان يعمل قبل ذلك في قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، وهو ينتمي للحزب الجمهوري وأحد مؤيدي الرئيس جورج بوش في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ولكنه الآن من أشد المعارضين لسياسته ولمشروع شن الحرب على العراق، وهو يكتب في الصحافة البريطانية والعالمية اليومية.
وليام ريفرز بيت ينتمي للحزب الديموقراطي وأحد خبراء شؤون الشرق الأوسط، وهو يعيش حاليا في بوسطن بالولايات المتحدة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved