في الوقت الذي يصور فيه صقور واشنطن حرباً ضد العراق باعتبارها ستؤدي لتأمين تدفقات النفط، فإن شركات النفط الغربية ينتابها القلق من الخطر على المدى القصير والفوائد على المدى البعيد للتدخل.
شركات النفط كان لها تأثير محدود في صنع سياسة الولايات المتحدة، ولا تنظر معظم الشركات الأمريكية الكبرى، بما فيها شركات النفط، للحرب باعتبارها مفيدة لأعمالها التجارية، على نحو ما يشير إليه انخفاص أسعار الأسهم، بينما تعتبر شركات السلاح المنتفع الرئيسي من الحرب. تتخذ شركات النفط الغربية مواقف مختلفة، يرغب الفرنسيون في الحفاظ على علاقاتهم المتميزة مع العراق، في الوقت الذي يسعون فيه لإقامة صلات مع قادة المعارضة العراقية الذين ربما يشكلون حكومة ما بعد الحرب.
يجد الروس أنفسهم أمام معادلات أكثر صعوبة، وبسبب قلقهم من احتمال أن تؤدي صداقتهم السابقة مع صدام إلى استبعادهم من حصص ما بعد الحرب، فقد سعوا للحصول على ضمانات من واشنطن مقابل دعمهم الدبلوماسي للحرب.
غير أن صدام فاجأهم بهجوم مضاد عن طريق إلغاء العقد الروسي لتطوير حقول نفط جديدة.
يعتقد البريطانيون بأنهم مخولون بشكل خاص للحصول على حصة في تطوير إمدادات النفط العراقية. كانت شركة بريتش بتروليوم شريكة في اكتشاف النفط عقب قيام البريطانيين والفرنسيين بإنشاء العراق كدولة منفصلة، غير أن بريتش بتروليوم قلقة من أن تحل الشركات الأمريكية مكانها، وعلى نحو ما قال لورد براون، المديرالتنفيذي للشركة، في اكتوبر:
«نحن نريد التيقن من أنه، إذا حدث تغيير للنظام في العراق، سيكون هنالك قدر من حسن الاختيار للشركات التي ستعمل هناك».
في حالة انتصارهم في الحرب، سيكون الأمريكيون في وضع أقوى يتيح لهم الإصرارعلى المطالبة بنصيب في النفط العراقي وعمليات التنقيب. غير أنهم لا يستطيعون تجاهل مصالح المعارضة العراقية.
قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية: «هنالك سوء فهم يقول بأن الولايات المتحدة تحاول إعادة صياغة سوق النفط في العراق ما بعد صدام، إننا لا نقوم بعمل كهذا على الإطلاق»، غير أن الشركات الأوروبية تخشى من أن الأمريكيين يحاولون أن يفعلوا ذلك بالضبط في الوقت الذي يقومون فيه باستغلال الوعد بإمدادت نفطية مستقبلية كوسيلة للحصول على الدعم للحرب». أوضح جيمس وولسي، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية سي. آي. إيه. قائلاً: «يتعين القول للفرنسيين والروس بأنهم إذا أعانوا في دفع العراق نحو حكومة لائقة، فإننا سنفعل أقصى ما في وسعنا لضمان أن توفر لهم الحكومة الجديدة والشركات الأمريكية فرصة لصيقة للعمل». تخشى بعض الشركات من أن تنتهي فرص تطوير النفط العراقي إلى سوق مفتوحة أمام الجميع، قال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط «قابلت واحداً من قادة المعارضة يعرض فرصة لاستغلال النفط مقابل عمولة له، أرشدته إلى المدخل، غيرأنه سيكون هنالك عديدون غيره».
يشير العديد من المحافظين الجدد في واشنطن إلى رغبتهم في أن لا يتوقف التدخل الأمريكي عند حدود العراق، وفي إعادة رسم الخارطة الدبلوماسية للشرق الأوسط، إنهم يتطلعون إلى إعادة صياغة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، للتدخل في بعض الدول الخليجية، بغية تحقيق كل من أمن الإمدادات النفطية الأمريكية، وأمن إسرائيل. تخشى شركات النفط من أن تجد نفسها أمام انقطاع الإمدادات بسبب حرائق آبارالبترول، التخريب والأوضاع الفوضوية. كما يمكن لأية محاولة لإعادة رسم الحدود زيادة الأخطار في كل من إيران والعراق، باعتبارهما خصمان يسعيان لاستعادة أراض جديدة. يعتقد الصقور في واشنطن أن التدخل العسكري يمكنه أن يؤدي لنهاية أوبك (منظمة الدول المصدرة للبترول)، ومن ثم خفض أسعار النفط، غير أن انهيار الأسعار سيكون مدمراً، ليس فقط بالنسبة للمنتجين الإقليميين، ولكن أيضاً بالنسبة لروسيا، التي تعتمد في حيويتها الاقتصادية على استيراد النفط. سوف يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى زيادة هائلة في العطالة والفقر في الدول المنتجة. يصر بوش على أن أمريكا يتعين عليها أن تكون أقل اعتماداً على منتجي النفط الخارجيين «الذين لا يحبون أمريكا»، غير أن وزارة الطاقة الأمريكية توقعت الشهر الماضي أنه، بحلول عام 2035، فإن 51 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط سيأتي من أوبك مقارنة ب 38 في المائة في الوقت الحاضر. عندما غزا انطوني إيدن مصر في عام 1956، مع فرنسا وإسرائيل، زعم بأنه سيوفر الحماية للمصالح البريطانية دون أن يقوم باستشارة شركات النفط التي عارضت الغزو. أثبتت حرب السويس كونها انتكاسة كبيرة بالنسبة لبريتش بتروليوم وشل، اللتين واجهتا ردود فعل وطنية غاضبة على امتداد الشرق الأوسط، في الوقت الذي ظفر فيه الأمريكيون بمعظم المكاسب.
يخشى العديد من شركات النفط من أن تؤدي حرب ضد العراق إلى مضاعفات خطيرة، متى اتخذت وجهة خاطئة، وسوف تكون هذه الشركات من بين أول من يوجه اللوم للحكومات التي قامت بشن الحرب.
* صحافي بريطاني ومؤلف كتاب «الشقيقات السبع» حول صناعة النفط. عن «الاوبزيرفر» البريطانية خدمة الجزيرة الصحفية
|