منذ بزوع فجر التاريخ، وقصة الصراع الأزلي بين الأجيال مازالت مستمرة، وهمومها اليوم في رحم الشركات العائلية متفجرة، لا يخفى على القارئ العارف ان مسألة التحديث الإداري وتنامي الطموح ومحاولة مواكبة تقنيات العصر، هي لب مطالب الجيل الجديد.
في حين استمرارية الأعمال كما ابتكرها المؤسس والجيل الذي من بعده بشكلها التقليدي ومحاولة المحافظة على النجاح حتى لو كانت بوسائل تقليدية هي صلب سياسة ومطالب الجيل القديم.
إذاً هل هو صراع بين ماضٍ وحاضر أصالة ومعاصرة تراث وحديث قد يكون ولكن ما وجه الصراع الحقيقي الخفي بين الجيلين. وماذا عن التوفيق بين الجيلين لا يوجد شك ان أدبيات هذا الصراع أو النزاع ان صح التعبير فقيرة بل شبه نادرة إن لم تكن معدومة بالمرة في المكتبة العربية ودور البحث المتخصصة بالرغم من كثرة الشركات والمؤسسات العائلية التي تعتبر العامود الفقري في اقتصاديات الدول العربية قاطبة؟.
ينبثق هذا النزاع بين الطرفين من واقع الخلاف الأزلي بين القديم والجديد فلا يختلف احد ان كل جيل له رؤية خاصة تعتبر حديثة وجديدة بالنسبة للجيل الذي قبله نتيجة تراكم ظروف وطقوس معينة أدت لإفراز جيل يتبنى وجهة نظر محددة ومطورة بحكم التواصل المعرفي والعلمي مع الغرب المتقدم الذي يراه الجيل الجديد هو القدوة التي يحتذى بها نتيجة التفوق الذي يعيشه الآخر وبحكم الطبيعة الإنسانية التاريخية التي تؤدي الى تغيُّر الظروف والفرص وتحويل المحظور الى مسموح والكمالية الى ضرورة والعكس صحيح نجد مكمن الخلاف القائم بين جيل جديد متعلم يبشر وينبئ بمتغيرات دامية ولازمة لكل منشأة تحاول ان توافق الركب يقابله طرف آخر ينتمي لجيل مختلف قاسى وعانى حقق النجاح وفق فرص وظروف معينة يرفض أنها تغيرت ويصر على بقائها ويدافع معتبرين أنفسهم بحكم الواقع انهم حراس الحاضر الباهر وهم حماة هذا النجاح وبغيرهم لم ولن تسير الأمور كما ينبغي؟
يتدخل في هذا الخلاف الملتهب عامل خطير ألا وهو الأبوة او صلة القربى والتي شفعت للطرفين بحكم الملكية الى التعاطي في أمور الإدارة وهنا قمةالكارثة.. جم المشاكل الرئيسية التي تقع في الشركات والمؤسسات العائلية هي مسألة الملكية والإدارة فمسألة الفصل بين الاثنتين تعتبر من المسائل شبه المحرمة والمعيبة من خلال الموروثات الاجتماعية وهنا تتدخل العاطفة لتلعب دوراً حيوياً في تقرير مصير الشركة والمؤسسة وحقيقة ان النموذج المتقدم ومضرب المثل هنا هو قد حسم هذه المسألة وهو الفصل بين الملكية والإدارة التي أضحت إحدى السمات البارزة لكل الشركات العائلية بجميع أجيالها؟.
يحاول دائماً الجيل الجديد محاربة كل ما يرمز للقديم من ارتجالية وعشوائية ونمط تجاري قديم قائم على سياسة البيع والشراء.
في حين ان الجيل المضاد يحاول جاهداً ان يستوعب عناصر الإدارة الحديثة القائمة على التخطيط وفهم واستيعاب المهام جيداً.
ولم يفلح الطرفان..؟ ولكن ماذا عما تم طرحه في المقدمة؟ التوفيق بين الطرفين هو في الحقيقة عبث وضرب من ضروب الخيال لا طائل منه إلا زيادة للخلاف القائم.. وللخلافة فصول أخرى من الخلاف فمحور هذا الصراع هو ناتج عمن الأجدر بالخلافة من بعد قائد الشركة الذي عادة ما يكون من جيل آخر! وفي الواقع هناك العديد من النماذج القدوة في العالم العربي والخليجي خاصة، من حسم هذا الموضوع بأن ابتكر آلية لانتقال القيادة بين عدة أجيال مختلفة وفق عدالة معايير معينة لابد ان تتوافر في الجيل الإداري الجديد، وهنا يضمن الجيل القديم استمرار الشركة لعدة عقود طويلة ويضمن احتواء عدة أجيال مختلفة في التفكير والظروف وحتى المستوى التعليمي تحت مظلة الشركة متجنبين المشاكل والعوائق التي تساهم في نجاة الشركة من التوقف.
وهنا أقول للاخوة الباحثين والعارفين ان هذا الحديث يطول البحث فيه وتكثر الحلول والاقتراحات، آمل من الاخوة الإجابة؟.
(*)مدير عام شركة التسهيلات التجارية
|