* كولومبو «د ب أ»:
مضى أحد أطول الصراعات في آسيا وأكثرها دموية بخطى ثابتة على طريق السلام في عام 2002. ولكن أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان الحزب الحاكم في سريلانكا لديه السلطة السياسية اللازمة لتنفيذ اتفاق دائم مع جبهة نمور تحرير إيلام التاميلية «إل.تي.تي.إي».
وبلغت عملية السلام المستمرة بدعم نرويجي منذ تسعة أشهر جولتها الثالثة من المحادثات في أوسلو بالنرويج في شهر كانون أول ديسمبر في الوقت الذي تحظى فيه بالدعم السياسي والمالي من المجتمع الدولي.
وقال أنطون بالاسينجام، كبير مفاوضي جبهة نمور تحرير إيلام التاملية «لن تكون هناك حاجة للعودة إلى العنف إذا تحققت آمال شعب التاميل وتم حل الصراع السياسي عبر المفاوضات».
وفي خطوة كانت تبدو في الماضي مستحيلة، تخلت الجبهة عن الطلب الذي سعت إليه كثيرا وهو قيام دولة مستقلة في منطقة شمال شرقي سريلانكا التي مزقها الصراع وأعربت، بدلا من ذلك، عن استعدادها لقبول حل يوفر «حكماً ذاتياًَ إقليمياً حقيقياً».
وساعدت التطورات الدولية، بما في ذلك هجمات 11 أيلول سبتمبر التي تعرضت لها الولايات المتحدة والإجراءات الصارمة التي ترتبت عليها ضد الإرهابيين، في دفع متمردي التاميل للجلوس على مائدة المفاوضات.
وتم انتخاب حكومة حزب الجبهة الوطنية المتحدة الحاكم «يو.إن.إف» الذي ينتمي له ويكريمسينج لتولي السلطة في الخامس من كانون أول ديسمبر/ عام 2001 بعد هزيمة حزب تحالف الشعب «بي.إيه» الذي تنتمي إليه الرئيسة الحالية شاندريكا كوماراتونجا ويمثل حزب المعارضة الرئيسي في البلاد.
وكان تعهد ويكريمسينج الرئيسي خلال حملته الانتخابية هو بدء المفاوضات مع نمور تحرير إيلام التاميلية لانهاء الصراع الذي استمر 19 عاماً.
وكان هذا بالتحديد هو ما قام به عندما تولى السلطة وفي شباط فبراير عام 2002 تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وكانت جهود كوماراتونجا زعيمة سريلانكا لتحقيق السلام مع المتمردين قد وصلت إلى طريق مسدود.
وإلى جانب الاجراءات الدولية الصارمة التي تم اتخاذها ضد الارهاب بعد أحداث 11 أيلول سبتمبر كانت الحكومة والمتمردون على استعداد للبحث عن طريق لإنهاء الصراع الانتقامي الدموي الذي أودى بحياة أكثر من 000 ،69 شخص.
وأسفرت الحرب التي استمرت حوالي عشرين سنة عن انهيار البلاد اقتصادياً، وسجلت سريلانكا العام الماضي معدل نمو اقتصادي سلبي للمرة الأولى منذ استقلالها.
وتنفق الحكومة حوالي 25 بالمائة تقريباً من ميزانياتها في المجال العسكري ويلقى أكثر من 500 ،2 شخص من المتمردين والجنود والمدنيين مصرعهم سنويا ويتجنب السياح والمستثمرون البلاد تماما كما توقفت مشروعات التنمية في سيريلانكا.
وفي الوقت الذي لم يحدد فيه المتمردون بالتفصيل الهدف الذي يرغبون في تحقيقه عبر المفاوضات، فسوف يطالب نمور تحرير إيلام التاميلية على الأرجح بأن تكون مراكز الشرطة والمحاكم والانظمة البيروقراطية الخاصة بهم مستقلة عن سيطرة كولومبو، ويبدو أن موقف الحكومة هو الانتظار حتى يكشف المتمردون أوراقهم على المائدة قبل التوصل إلى حل نهائي.
ويبدو أن العقبة الرئيسية أمام تحقيق سلام دائم هي عدم وجود أغلبية قوية في البرلمان لتنفيذ التنازلات التي تم التوصل إليها مع حركة المتمردين.
وتحتاج الحكومة إلى تأييد 150 عضواً في البرلمان الذي يضم 225 مقعداً أو أغلبية الثلثين لإجراء أي تغييرات دستورية، ويسيطر حزب ويكريمسينج الحاكم على 114 مقعداً فقط.
ويوجد عامل آخر قد يعترض الطريق نحو السلام وهو النظام السياسي المعقد المعمول به في سريلانكا، فإن حزب تحالف الشعب الذي تنتمي له الرئيسة كوماراتونجا ويمثل حزب المعارضة الرئيسي في البلاد أصبح له الحق في حل البرلمان بحلول الخامس من كانون أول ديسمبر، حيث ينص دستور سريلانكا على أنه من حق الرئيس أن يحل البرلمان بعد أن يستكمل العام الأول في المنصب الذي تبلغ فترة ولايته ست سنوات.
وتوجد خلافات بين حزب تحالف الشعب وحزب الجبهة الوطنية المتحدة الحاكم منذ تغيير السلطة في عام 2001. وسوف يجعل هذا التعايش غير السلمي من الصعب على الحزب الحاكم أن ينفذ أيا من التنازلات التي تم التوصل إليها مع جبهة نمور تحرير إيلام التاميلية حيث إنه لا يملك أغلبية الثلثين اللازمة في البرلمان.
ومن الخيارات المطروحة أمام حكومة ويكريمسينج الدعوة لانتخابات جديدة لتوفير عدد المقاعد اللازمة لإضفاء الشرعية على السلام مع حركة المتمردين.
ولكن المحللين السياسيين يشيرون إلى أن هذه المهمة لن تكون يسيرة، فإن آخر مرة حصل فيها حزب ويكريمسينج على أغلبية الثلثين كانت في عام 1978.
وسوف يتضح بمرور الوقت ما إذا كانت مساعي تحقيق السلام في سريلانكا سوف تسقط ضحية للسياسة.
|