المشهد كان صعبا: حافلة مسافرين خضراء محملة بالنساء بالرجال والاطفال.تتأرجح بين حواجز الجيش ركابها ينزلون منها ويصعدون اليها ثانية يفحصون ويُسألون، يفحصون ثانية ويهانون، وآنذاك وقبيل الوصول للهدف المنشود (الوصول الى البيت) في الحاجز الاخير تحديدا يقفون: حيث ان الجنود لا يسمحون لهم بالعبور، بل يعيدونهم ليس بدون فظاظة من حيث أتوا.
هذه الصور التي بثت في الاسبوع الماضي في تقرير يورام بينور في القناة الثانية اراقت الدموع تقريبا في عين كل مشاهد. ان الطريق التي من المفترض ان تستمر نصف ساعة تطول لنصف يوم. وفي نهاية الامر تقود الى لا مكان. مسافرون كبار السن، نساء، اطفال سافروا وتمرمطوا انتظروا وأملوا الوصول للبيت، ولكن بدل البيت حصلوا على رحلة طويلة وملتوية أثبتوا فيها لكل من لا يعرف عيوب الاحتلال لكل من يسأل نفسه لماذا يكرهوننا الى هذا الحد، ومن أين هذا الجنون الذي ينبعث في العينين من الأفضل ان نقترح رحلة سهلة بين الحواجز في الحافلة الفلسطينية.
صورة النهاية في التقرير الذي شوهد فيها أب يجر وراءه حقيبة صغيرة وابنته الطفلة ملقاة على كتفه ينظر الى الحاجز ويفرك اصابعه بيأس كانت مثيرة جدا كان البرد في الخارج قارصا والطفلة ترتجف والبيت قبالتها كان قريبا جدا وبعيدا جدا. يجب الانجرار ثانية الى الحافلة والمرمطة طوال طريق العودة، الحواجز اصعب بكثير في طريق العودة، ليس واضحا الى اين ليس واضحا لماذا.
يدور الحديث عن مبادرة مباركة للإدارة المدنية بالتنسيق مع النشاطات في المناطق الوضع في الضفة الغربية وخاصة السامرة ليس سهلا؛ ثمة عمليات في الشوارع ثمة اطلاق نار لذلك لا يسمح للفلسطينيين بالتحرك على المحاور الرئيسية وبحق في مثل هذا الوضع تصبح الحياة غير محتملة لذلك جاء من ذلك ولديه فكرة جيدة: شركات الحافلات الفلسطينية تستأنف عملها حيث تخدم مئة حافلة في عشرين خطاً المسافرين وتمكنهم من التنقل في حركاتهم الضرورية. يجب التأكد: كل الحافلات بمصادقة الجيش وكل المسافرين مع تصاريح مفصلة كل شيء مصادق عليه وكل شيء منسق وكل شيء واضح.
الا ان يصلوا الى الحاجز هناك ليس ثمة شيء واضح لاي أحد كل جندي ملك، كل قائد حاجز يسيطر على مصير 50 راكباً معذباً. ليس هناك تصريح يسري هناك بالحواجز ليس هناك تنسيق مقبول يستطيع الناس الاخيار في الادارة المدنية ان يصدروا تصريحا لما يشاؤون ولكن للميدان قوانينه الخاصة لذلك هكذا هو يبدو.
هذه الكلمات كتبت على خلفية العملية الصعبة في عتنئيل ليلة السبت، ولا تنطوي على اي ميل سياسي ليس لها اي صلة بالسياسة بالعكس مسافرو الحافلة هم فلسطينيون ينتمون الى شعب يقاتل ضدنا منذ عامين جنود الحاجز هم ابناؤنا، بؤبؤ عيننا، لذلك فان هذا مثير ومؤلم الى حد كبير.
(*) كاتب في صحيفة معاريف الإسرائيلية عمان - الجزيرة - خاص
|