* القسم الثقافي - محمد الدبيسي:
مساء شتوي بارد.. ذلك الذي حوله الشاعر/ أحمد الصالح «مسافر» الى وهج من الدفء والاشتعال.. عندما تلا قصيدته «ليل الفجاءات» وأرهف «المسافر» الصوت الشعري الأصيل.. وهو يتلو،:
حنانيك هذا القلب بالحب يعمر
ويورق من بين الضلوع ويزهر
ويستعجل الأيام شوق ويثرب
بعينيه حسناء لها الحب يكبر
حنانيك ما ملت حديثك أمة
تطيب لها ذكراك أنَّى تذكر
«ستنشر القصيدة كاملة لاحقا »
ليصمت الحضور الذي تجاوز مائتي شخص.. ويتأمل مقطوعة «مسافر» وبعضه يعي ذلك الرصيد المختلف الذي تمثله شعرية «مسافر» في سياق القصيدة المعاصرة في بلادنا..لتطول القصيدة.. ويمنحها الشاعر.. وهج التأمل والشجن عندما قال:
أحبتنا ليل الفجاءات موجع
ونحن على ليل الملذات نسهر
وليكرس «مسافر» في هذا النص مزج الذاتي الصادق بالهم الجمعي وأطيافه في الحاضرين.. معبراً عن شوقه لهذه المدينة الطاهرة.. وهو يكتحل بوجودها في ذاته.. ووجوده في ضميرها.. بعد انقطاع زمني تجاوز الثلاثين عاماً.
وليصغي المكان للمسافر.. وهو يتلو مجدداً «من دفتر السفر» المطولة التفعيلية.. الذي يجسد فيها تمكنه من اختراق صمت القاعدة:
«إذا ما اختال هذا الحسن في شعري
حروف قصيدتي احتفلت
ومدَّ القلب مزن الشوق هتان
وعين أفقها ينداح ممتد
ينوء بمده بصري...»
فينداح أفق الغناء المرهف لشاعر انتظره الحاضرون كثيرا.. ليأتي فيملأ الأرواح والمكان بحضور قصيدته الجذلى... التي تعيد لشاعر الثمانينيات التألق.. ألق الشعر/ والشاعر..
ويتلو سطولة «القاسط» والتي اختزل طولها انصات الحضور وتفاعلهم.. ومفاجآت بنائها الدلالي.. وموسيقى إيقاعها الأخاذ..
«يا نبتة أرض أتعبها المرتدون..
يا أنت الكامن لحمة هذا البيت..
ومضغة هذا الحمأ المسنون..
ثقات ملاذ الصبر الفاحش..
يا مرتاد ليل الصمت..»
لتستديم الأمسية.. وقد أوقد «مسافر» في خيالات حضورها وذاكراتهم المعنى الأسمى للشعرية الصادقة والأصيلة.. فيقدم للحضور استجابة لطلبهم قصيدة «مفاتن الحلم»..
وكان شريكه في مساء الشعر ذلك الدكتور عبدالله العثيمين.. قد استهل الأمسية بقصيدة «تراثية» أرهص لها بمقدمة سببية.. ومنها قوله:
كفاني من جور الهوى ما أغالب
ومن كأسه ما كدرته الشوائب
وقلب أذابته صواحب يوسف
وأرهقه من كيدهن تجارب
فهذي تمنيه بمعسول قولها
وأحلى كلام الغيد ما هو كاذب
كما ألقى قصيدة أخرى بعنوان «أساطير» كتبها في نصر 73 - ومنها قوله:
حينما كنت صبياً
كنت أصغي للأساطير فأطرب
لم أكن وحدي الذي يصغي فيطرب
كل طفل في بلادي كان مثلي
يسمع الجدة تجتر أساطير عجيبة
فيصدق»
وألقى قصيدة أخرى بعنوان «أنشودة المجد»..
وفي نهاية الأمسية التي نظمها نادي المدينة المنورة الأدبي مساء الثلاثاء الماضي ضمن موسمه الثقافي لهذا العام.. أتيحت الفرصة لبعض المداخلات.. وودع الجمهور مساء الشعر.. الذي كان «مسافر» جديراً بأن يحوّله من العادي الى المختلف..
ويعيد لمتابعيه نضارة صوته الشعري الأصيل..
لقطات:
- قدم الأمسية رئيس النادي الدكتور عبدالله عسيلان.
- لم يستطع الشعر الشعبي الذي تطفل على مساء الفصيح من اختراق جماليات النص الشعري الفصيح..
وذلك فيما قدمه أخيراً الدكتور عبدالله العثيمين.. بناءً على رغبة أحد الحضور.