كنا قد نشرنا بطريق الخطأ الحلقة الثانية من هذا المقال قبل نشر الحلقة الأولى ، وهانحن ننشر الحلقة الاولى مع التنويه بما حدث من خطأ نأسف له .
في المراحل المبكرة للاستشراق كان هدف جل المستشرقين الحض على كراهية الإسلام وتشويه تاريخه وتعاليمه من خلال بث الأكاذيب والاعتماد على الروايات المدسوسة والمختلفة، وحينما تجاوز الاستشراق هذه المرحلة وظهر بين المستشرقين بعض العقلاء والمنصفين ، ظهر لنا من بين ظهورنا ومن جلدتنا ممن يدينون بديننا ويتكلمون لغتنا ، من أعادونا إلى الوراء عقوداً وأحيوا خطاباً ثم تجاوزوه وقدموا لنا خطاباً لم يخل من العلم فحسب ولكنه خلا من الأدب والأخلاق أيضا الأمر الذي أثار ويثير أسئلة حول القيمة المعرفية إن وجدت والمقاصد والمصالح المرجوة في نهاية المطاف ، وليت الأمر توقف عند ذلك فحسب بل قد أطلق على هؤلاء أو بعضهم كلمة مفكري الإسلام اليساري وهكذا قسموا الإسلام إلى يمين ويسار وليتهم قالوا مفكري اليسار العربي كما هو في الفكر الغربي يميني ويساري ولاشك أن هؤلاء أعظم خطراً من أولئك المستشرقين لأن المستشرقين على الأقل على غير ديننا أما أولئك فهم منا وفينا ولعمري فأولئك هم منافقو هذا العصر الذين يتظاهرون بالدين ويبطنون الكفر فهم والله أخطر من أولئك، على أي حال أنا لست في مجال الحديث عن تلك الشرذمة من البشر وأذناب المستشرقين وإنما سأقتصر في مقالتي تلك على واحد منهم يخيل إليك حينما تراه للمرة الأولى أنه ملتزم محب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام إضافة إلى أنه يدعي كذباً أنه باحث إسلامي مخضرم يدعى خليل عبدالكريم- ليس له من اسمه نصيب - هذا الكاتب لا هم له ولا شغل إلا الإساءة إلى الإسلام ورسوله آخرها كتاب «النص المؤسس ومجتمعه» جزآن .. وقد كفاني الأديبان الكبيران الأستاذ حمد بن عبدالله القاضي، الذي تحدث عن هذا الكتاب وبعض الكتب الأخرى في هذه الجريدة خلال حلقتين والأستاذ الدكتور عبدالعظيم المطعني الذي كتب عنه عدة حلقات في جزيرة الوطن ولقد أجادا وأفادا ولذلك ستقتصر دراستي على كتب الكاتب الأخرى التي وتدور حول الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته وتدل عناوينها على بضاعة صاحبها الفاسدة، منها «مجتمع المدينة والعصر النبوي والراشدي» «شدو الربابة بأحوال الصحابة» «محمد والصحابة» «الصحابة والصحابة» «مجتمع يثرب» وكتاب «فترة التكوين» وأول ما يلاحظه القارئ بعد تصفح كتبه هو غمزه ولمزه برسول صلى الله عليه وسلم وصحابته إذا أن خلاصة كتبه تدور حول «الجنس والفحش» وهي الرسالة التي أراد ان يوصلها للناس وحشد من أجلها ما استطاع حشده من الأدلة والبراهين فهو يسمي بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ثورة والهجرة نزوحاً والمدينة أثرب أو يثرب هكذا من دون خجل أو وجل كما أنه يستنكف في كتبه من الاعتراف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويصفه بأنه زعيم له طموح سياسي«ليس مبشراً ولا نذيراً ولا هادياً» ولقد كفرت جبهة علماء الأزهر الرجل عن كتابه«فترة التكوين» وأمرت بمصادرته من المكتبات ، أما فيما يتعلق بكتابه «شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة» بسفريه الأول والثاني فالمؤلف في سفره الأول «محمد والصحابة» تحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأسلوب غير مؤدب وكأنه يتحدث عن شخصية عامة مجرداً الرسول صلى الله عليه وسلم من صفة النبوة مركزاً على العبقرية.. يقول: «الاجماع منعقد على أن محمداً عبقرية فذة» يؤمن كاتب هذه السطور إيماناً عميقاً بعد تدقيق وتمحيص بالغين أن جزيرة العرب لم تنجب مثله. هكذا وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبقرية دون النبوة كأي عبقري آخر وقصر هذه العبقرية على جزيرة العرب بمعنى أن هناك عباقرة آخرين لا يقلون عنه في مناطق قارات أخرى.
أما سفره الثاني«الصحابة والصحابة» فحدث ولا حرج عن تلك الترهات والإسفاف وعدم التأدب ففي مقدمة الكتاب يقول أولئك الرجال والنسوان«يقصد الصحابة» الذين آزروا محمداً هكذا- مجرداً من النبوة مفصلا عن والصلاة عليه- وهو يقوم بثورته الرائعة في منطقة الحجاز من شبه الجزيرة العربية في القرن السادس.. وهكذا اصبحت البعثة ثورة في مخزون أفكاره الهدامة وفي صفحة أخرى يقول: «إن تمحيص ثورة محمد المجيدة ودراسة معرض حديثه عن الثروات الشخصية يذكر أن عبدالله بن عمر قال ما غرست نخلة منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلق على تلك المقولة بقوله: «ولم يتعب ابن عمر نفسه في الغرس والقلع وعنده العشرات بل المئات من العبيد الذين يتولون عنه العمل وكل ما عليه هو أن يتلقى الاعطيات والمنح والهبات والنفحات» ..
الخ ثم يردف قائلاً: ومن هذا «يتضح» أن ابن عمر وغيره من الصحابة هم الذين استنوا هذه السنة لأحفادهم من أبناء الجزيرة والخليج!!؟.
فهؤلاء يقبضون ربع النفط ويستوردون أبناء الدول الفقيرة العربية والآسيوية ليقوموا بالأعمال الشاقة وغير الشاقة- غمز ولمز في حق الصحابي الجليل عبدالله ابن عمر وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم وكذلك أبناء هذه البلاد انه الحقد الدفين... وفي معرض حديثه عن ازدهار«المدينة المنورة» التي يسميها«يثرب» الاسم الجاهلي للمدينة يقول: ما ان نزحوا إلى أثرب حتى هرولوا إلى السوق ولم يهرولوا إلى حلق علم وذكر -«كبرت كلمة تخرج من فيه المريض»- ثم يسترسل في غمزه ولمزه فيشير إلى أن «أبي قحافة» هكذا ولم يقل الخليفة أو الصديق أبا بكر - عندما تولى الخلافة لم ينس أنه تاجر فخرج في اليوم التالي وعلى كتفه بضاعته متجهاً إلى السوق ليبيعها لولا أن أدركه بعض صحبه! وافهموه أن التجارة لاتليق بمن تولى الخلافة ... الخ وهكذا بدل أن يكون تصرف الصديق رضي الله عنه محموداً صار في عرفه مسبةً ونقداً! ثم يسترسل فيشير إلى حديث«تسعة أعشار الرزق في التجارة» فيأخذ كعادته في شطحاته ويفسر الحديث على هواه ونفسه المريضة الخبيثة فيقول : إن العربي حتى الآن يؤمن بذلك ولعل هذا يفسر لنا عدم قيام صناعات «طبعاً ماعدا النفط وهي عملية استخراجية وليست تصنيعاً!.» في الجزيرة العربية على الرغم من أن الموارد المالية العريضة بالإضافة إلى المواد الخام المتوافرة فيها في حين أن بلداً مثل اليابان لم تسمع عن حديث الرزق والتجارة نجد فيها صناعة متطورة تنافس أقوى صناعات العالم على الرغم من انعدام الموارد الخام في أرضها ، مضيفاً وهذا المثل وليس الحديث كما يقول يؤكد مدى هيمنة «النصوص» وتأثيرها الفعال في خطى المجتمع وضبط حركته مثل حديث التباهي على الأمم بالكثرة التي تنجم من التناسل الذي اصبح بمضي الزمن فلوتاً وأدى بطريق الحتم واللازم إلى معاناة غالبية الدول الإسلامية إلى الانفجار السكاني» !!! فهل بعد هذا الكفر كفر؟.
وفي معرض حديثه عن المغانم لم يستخدم كلمة البلاد المفتوحة بل استعمل بدلاً عنها كلمة الموطوءة أو المقهورة وهو لايرى أن ماسبق البعثة«جاهلية» وإنما هذه التسمية من بنات أفكار المسلمين.. وفي الحلقة القادمة نكمل الحديث عن هذا الدعي وكتبه.
للتواصل فاكس / 4410043 ص.ب : 56165 - الرياض: 11554
|