ما أصعب فراق الرجل على امرأته التي تحبه وتريد ما تريده المرأة من الرجل تلك المرأة التي اضطرتها الظروف ان تتقدم الى القضاء ليقول كلمة الفصل في زوج غاب عنها سنين عدداً وتركها بلا نفقة تقتات على نفقات المحسنين واحسانهم وفي ليلها اذا أدلهم فحالها حال الشاعر الذي يقول:
وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي فقلت ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل
|
المرأة تقدمت الى القضاء الشرعي مخبرة ان زوجها غاب عنها فطلبت المحكمة منها ان تعلن ليكون هذا الاعلان فاتحة خير لعلها ان تجد له ذكرا، وينشر الاعلان في مكان بارز في احدى الصحف السيارة وتوزع صورا من هذا الاعلان على الجهات المختصة لعل وعسى ان يكون لهذا الزوج طريق، وتمضي ثلاثة اشهر هي مدة الاعلان ولم يحدث لها اي شيء او خبر ولكن ذات يوم وقبل نهاية المدة جاءت الى القاضي تقول ايها الشيخ ارجو ان تمهلني في مراجعتك أشهرا لأن هذا الاعلان الذي نشرته بعث الله به الي اهلي وقد كنت فقدتهم وفقدوني ولا اعلم مكانهم ولا يعلمون مكاني بعد زواجي بسنة واليوم هاتفني رجل يزعم انه اخي من المدينة ويريد ان يأتي الي ليأخذني لأهلي ثم تعود ادراجها ودموع الفرح على وجنتيها وصوتها يتهدج من بكائها ثم تعود للقاضي بعد اشهر لتخبره بأنها لقيت امها وأباها وسرت بهم وكان أبوها مريضا فمات وكانت على اتصال باخوانها واخواتها وسُرَّت لهذه المعرفة بعد فراق دام ثلاثين عاما يزيد دون ان تنقص وذلك من فضل الله ورحمته وعادت الى الرياض لتكمل مشوارها في فسخ نكاحها من زوجها وتم لها ما أرادت وكانت هذه المرأة تدرك تماما ان مصلحتها في اثبات فراقها من زوجها ليرزقها الله عز وجل بديلا عنه لانه تركها سنين عددا دون ان تعرف من يكون وما حاله ومآله، لجأت الى القضاء في هذه البلاد الطاهرة ولم تلجأ الى محامين ولم تنفق ريالا واحدا تخسر به لعلمها ان القضاء مكفول للجميع وانه حق مشاع ولعلمها ان القضاء الشرعي نصير لكل مظلوم ولادراكها ان في الشريعة الاسلامية حلاً جذريا لجميع مشاكل العباد فلله الحمد على نعمة الايمان، ولله الحمد على نعمة القضاء الشرعي، ولله الحمد على نعمة ولاة الأمور المؤمنين بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً ولله الحمد على نعمة التوفيق للقضاة بأن يحكموا بالعدل ولله الحمد على نعمة الايمان.
( * ) القاضي بالمحكمة الكبرى في الرياض
|