الجنادرية بزخمها وقوتها، تمثل نافذة تعكس صورة الحرس الوطني المشرفة، تلك الصورة الناصعة المتمثلة في الجانب الثقافي والتراثي والحضاري لهذا المعلم الحضاري من معالم بلادنا.
لقد كانت الجنادرية - وعلى الدوام - المعبر الحقيقي للواقع الثقافي الذي تحياه الأمة، وعندما تختار اللجنة المنظمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة موضوع «هذا هو الإسلام» ليكون محور النقاش الرئيس للندوات الفكرية لهذا العام، فانما يأتي ذلك لأننا نعيش في ظروف اقليمية ودولية توجب التعريف بالاسلام، فالهجمة على الاسلام شرسة ومن جهات متعددة، وهي انما تستهدف العقيدة والانسان والأرض وكل شيء، وهي هجمة ظالمة باغية، وقد تعود أبناء الامة على هذه الهجمات الباغية الطاغية على مر العصور، وفي كل مرة يخرج الاسلام أشد عوداً، وأقوى والنصر حليفه، لسبب بسيط ألا وهو ان هذا الدين انما هو دين الفطرة، ودين التسامح، ودين المودة، ودين المحبة، ودين العلم، ودين الحضارة، وبالتالي هو الدين الذي يتماشى مع انسانية الانسان وكرامته وعزته وحياته وسعادته، وعندما تأتي الجنادرية في دورتها الثامنة عشرة لتطلقها صرخة مدوية معلنة الاسلام على حقيقته على الملأ، تلك الحقيقة التي لا تشتمل إلا على كل ما من شأنه رفعة الانسان وحضارته التي لا تعرف إلا السير نحو الأمام.
يعتبر عرس التراث والثقافة الذي يقام سنويا في الجنادرية من اهم المناسبات الوطنية التي تعكس ماضي وحاضر التراث والثقافة في المملكة، وهو بالتالي يعد من العلاقات المميزة في التاريخ الثقافي للمملكة خاصة، وفي العالم العربي والاسلامي عامة، لقد اضحت هذه التظاهرة الثقافية الوطنية من المعالم الأساسية للحضارة في منطقتنا وذلك لتواصلها مع عقول ومفكري وباحثي المجتمع في داخل المملكة وخارجها.
لقد حقق المهرجان - ولله الحمد - انجازا عظيما، ونجاحات كبيرة في مجالات دعم الثقافة الأصيلة، والتعريف بالحضارة، وتقديمها بشكلها الأشمل والأوضح، الذي لا يعرف الا خدمة الانسان، وعندما يأتي المهرجان ليقدم الاسلام فانه يأتي ليقدمه بشكله الصادق الصريح، وبوسطيته واعتداله، بعيداً عن اي غلو أو تطرف، وفي نفس الوقت بعيدا عن اي تنازل عن المبادىء او تساهل بها، لقد شكل العرس وبمرور السنين فرصة ذهبية للمبدعين من المثقفين والمفكرين من شتى أنحاء العالم للتعرف عن قرب على واقع الحركة الثقافية الاسلامية في بلادنا خاصة، والثقافة الاسلامية في العالم الاسلامي عامة، وأتاح الفرصة لربط الأجيال المعاصرة من المجتمع السعودي بتراث الآباء والأجداد المجيد بعملية رصد، وتسجيل الممارسات والأعمال اليومية من حرف وصناعات يدوية بسيطة وغيرها من طرق الحياة ووسائل الخدمات في الأيام الغابرة، وانطلاقة نحو الحاضر زمن الكمبيوتر، والانترنت، انما يشكل تنوعا ثقافيا وغنى حضاريا يفتقده العديد من ارجاء العالم.
كما ذكرنا سيكون المحور الأساس لهذا العام هو عنوان عريض: «هذا هو الاسلام»، وسيعالج المناشط التالية، حيث ستكون هناك محاضرة بعنوان: «هذا هو الاسلام»، اما الندوة الأولى فستخصص للاسلام والعالم، والثالثة ستبحث في حقيقة الاسلام، اما الرابعة فانها بحث في احدى ابرز قضايا العصر ولذلك ستكون تحت عنوان: «موقف الاسلام من الارهاب».
لقد اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان كذلك ندوات أخرى خارج اطار الموضوع العام هي: «العرب والمسلمون في الاعلام الغربي»، و«الفضائيات العربية بين النقد والتقويم»، و«المؤسسات الخيرية»، و«دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بناء المجتمع»، ومحاضرة عن: «الاستراتيجيات الغربية في العالم الاسلامي».
لقد عودنا الحرس الوطني في كل عام أن نشهد الجديد والمتطور على أرض الواقع في مهرجان الجنادرية، وأتاح الفرصة للجميع للافادة والاستفادة من كافة الفعاليات المقامة فيه ذكورا واناثا، صغارا وكبارا من ابناء الوطن وضيوفه، كيف لا وهو المؤسسة الحضارية والثقافية والتعليمية الشامخة ضمن مهامه الجسام بحماية امن الوطن والمواطن والمقيم بهذا الوطن، فالأمن مفهوم شامل يشمل القوة ويشمل الثقافة والتربية والأخلاق، وهذا هو المنطلق الذي اعتمد عليه الحرس الوطني ليقدم لنا من خلاله عرسه السنوي.. والله ولي التوفيق.
|