Friday 3rd January,2003 11054العدد الجمعة 30 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نقاط فوق الحروف نقاط فوق الحروف
إحياء وظيفة الحسبة «15-15»
مرزوق العشير(*)

ان هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، الى جانب كونها الجهة المعنية بتطبيق واجب شرعي، تعتبر من ابرز العوامل التي ساهمت في حفظ خصوصية المجتمع السعودي وتميزه على غيره من المجتمعات، هذه الخصوصية التي يجب ان نحرص عليها ونحافظ عليها بكل ما أوتينا من قوة لانها مصدر قوتنا وسبب مانحن فيه من امن ورخاء واستقرار في وقت يشهد فيه العالم مزيداً من الفوضى والاضطراب وانعدام الامن ولاسيما في المجال العقدي والفكري والاخلاقي وهو المجال الذي تتركز فيه اغلب اعمال الحسبة التي تقوم بها الهيئة الى جانب مجال العبادة وحث الناس على اداء الصلاة في اوقاتها جماعة في المسجد.
ولذلك فان الضرورة تستدعي دعم الهيئة مادياً ومعنوياً بما يمكنها من اداء مهمتها الشرعية الجليلة خدمة للدين وحفاظاً على المجتمع المسلم من المفاسد والشرور، فنحن اليوم احوج ما نكون لتفعيل دور الهيئة وتطوير اعمالها لتستطيع مواجهة التحديات المعاصرة في مجال اختصاصها بكل قوة واقتدار وبوسائل عملية واساليب عصرية مناسبة ومؤثرة. ومن اهم وسائل التطوير التي يمكن اقتراحها في هذه العجالة: انشاء معهد للحسبة يعنى بتأهيل المحتسبين وتدريبهم، ويلحق به مركز لابحاث الحسبة يكون في مقدمة اولوياته البحثية اجراء الدراسات اللازمة لتطوير الحسبة وتفعيل علاقة الهيئة وتوثيقها بأجهزة الدولة الاخرى ومؤسسات المجتمع المختلفة وفق اسس شرعية وتنظيمية وادارية واضحة ومحددة.
والحقيقة غير الخافية على احد ان دعم ولاة الامر - بعد توفيق الله عز وجل - وعنايتهم الفائقة بجانب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، كان العامل الحاسم في ظهور هذا الجهاز وتمكينه من اداء اعماله وممارسة وظيفته في المجتمع، ومما يدل على ذلك حرص ولي الامر في هذه البلاد المباركة على جعل جهاز الحسبة مستقلاً عن بقية الاجهزة ويرتبط به مباشرة ويحظى بدعمه ومساندته الشخصية، وهو بذلك يقوم بوظيفة اهل التمكين في البلاد وينطبق عليه وصف الله عز وجل في قوله:{الذٌينّ إن مَّكَّنَّاهٍمً فٌي الأّرًضٌ أّقّامٍوا الصَّلاةّ وّآتّوٍا الزّكّاةّ وّأّمّرٍوا بٌالًمّعًرٍوفٌ وّنّهّوًا عّنٌ المٍنكّرٌ وّلٌلَّهٌ عّاقٌبّةٍ الأٍمٍورٌ } .
فالهيئة تقوم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر نيابة عن ولي الامر الذي كلفه الشرع بالقيام بهذه المهمة، ولذلك حظيت الهيئة باهتمام الدولة والمسئولين فيها، غير ان ظروف العصر تتطلب مزيداً من الدعم لانشطة الحسبة وتكريس وظيفتها في المجتمع وتفعيل اجهزتها المختلفة بما يمكنها من اداء مهمتها الجليلة.
ولا ينبغي الالتفات الى تلك الاصوات التي تنادي بتقليص دور الهيئة والحد من نشاطاتها، فان الاخذ بمثل هذه الاقتراحات سيفقدنا عوامل قوتنا ونقاط تميزنا شيئاً فشيئاً، وسيؤدي في نهاية المطاف الى هدم الاسس الشرعية المتينة التي قامت عليها الدولة، وفقدان الخصوصية التي تميز بها مجتمعنا السعودي على غيره من المجتمعات المعاصرة.
الخلاصة: ان احياء وظيفة الحسبة في المجتمع المسلم المعاصر مطلب شرعي وضرورة اجتماعية، فهي من ابرز الوسائل المعول عليها في مواجهة الاخطار التي تواجه الامة وتهدد كيانها العقدي والاخلاقي والاجتماعي. واحياء هذه الوظيفة وتحقيقها للاهداف المرجوة يتطلب الى جانب الدعم الرسمي، والتطوير الداخلي لأجهزتها، ان تتضافر الجهود وتتعاون قطاعات المجتمع وافراده ومؤسساته المختلفة.
ملاحظة: من اجل تطوير هذا الموضوع مستقبلاً - ان شاء الله - يأمل كاتب هذه الحلقات ممن لديه فكرة او اقتراح او دراسة في هذا المجال تزويده بها على عنوانه ادناه.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(*)ص.ب: 61647 الرياض: 11575
ناسوخ 4415187

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved