غالباً ما تغمض الدنيا عيونها عنا وتنسانا للحظات وتغفو عن مرضاتنا.. حينها نبتعد عن أحاسيس كثيرة وشاملة كانت محاطة بنا فنشعر أننا في غربة مع أنفسنا، فلقد همشتنا تلك الحياة بعض الوقت ولم تعرنا ذلك الاهتمام..!
إننا نبدأ رحلة معاناة قصيرة للبحث مع النفس عن مأوى للتحنان، عندما نخذل في تحقيق مطلب من مطالبنا، ومنا من يلزم الصمت، إذ يرى فيه الحفاظ على الكرامة، وفي اللحظات التي تستدير فيها نحونا وننال ما نريد، تتلعثم خطانا وتعبيرنا عما نريد أن نفصح عنه ونشعر بنشوة العطاء مثل الطائر الذي بسط جناحيه في الفضاء عند أول رحلة تحليق للعالم الرحب.
فالنفس أمانيها كثيرة وما تطوله قليل.. بل أقل من ذلك..! وتقع الحيرة بين تحقيق المآرب.. والإحباط الذي يشل حركتها حين تنال ما تبتغي!
ربما الكثيرون.. وأعني نحن بني البشر احاطتنا هذه السياج المنيعة يوماً ما وشعرنا وكأننا في سجن ذي قضبان حديدية حين كثرت مطالبنا وأمانينا، ولم يقسم لنا سوى اليسير اليسير منها!
فتتقهقر نفوسنا ويصيبها الإحباط والخذلان.. ونبدأ ننتظر لحظات الفرج القريب، لعله تتاح لنا، أحد المسارات لتكون أول محطة يعلن فيها بارق السعادة عن تجربة مريرة كان مخاضها ليلاً طويلاً، نتج عنه رحلة عصيبة ودرس لقنتنا إياه عجلة الحياة، مفتاحه الصبر، وهو سلاح الصامدين!
وكم من المرات نخذل مع أنفسنا، ولا نستطيع أن نصبو إلى أحلامنا الوردية التي طالما هدهدتنا، فنلقى بكل ما أوتينا في أحضان دوامة اليأس الذي يأكل كل أمانينا ويلون لنا مسارنا بلونه القاتم وتفشل كل محاولة بذل جديدة وننسى كيف أن الأقوياء حطموا تلك القيود بالعزيمة والإرادة، ونستسلم للمحطة القاتمة التي تقضي على آخر بصيص أمل كاد أن يلوح لنا في الغد القادم!
غير أن الصابرين والطامحين، لا يستسلمون للهزيمة بسهولة، لأن عزائمهم أقوى من نفوسهم، وذلك عطاء الإرادة الجادة، ونحن نوقن أن الحياة كبد وعناء، وليس لنا بد من التعامل معها بكل السبل، لكي نصل إلى بر الأمان بزاد هو قدرنا ونصيبنا!
|