أول ما عرفت «شقراء» من قصيدة جميلة للشاعر الكبير سعد البواردي اسمها «شقراء» قالها عن مدينته الجميلة عندما خاطب أول رائدة فضاء روسية زارت الفضاء فقال في قصيدة جميلة:
«فلنتينا
يا زهرة الفولقا
يا بعثة الأرض إلى الفضاء
وأنت تعبرين الكون في مركبة السماء
هل أبصرت عيناك
يا «فلنتينا»
شيئاً اسمه الصحراء
كثبان رمل احمر يدعونه الدهناء
وبلدة ناعسة الجفنين اسمها «شقراء»
ثم عرفتها عندما كان طريق الرياض - القصيم يمر بها، وكنا نرتاح ونجلس وقتاً طويلاً في مقاهيها الجميلة، ونتناولٍ فيها عشاءنا بعد أن نكون قد لقينا من سفرنا نصبا بسبب الطريق الذي كان ذا اتجاه واحد، والسيارة التي كنا نركب فيها مستأجرين لها تمتلئ مقاعدها بالركاب حتى لا يكاد المرء يمد قدمه فيها، وكم كان لنا في «مقاهيها الصيفية» من احاديث سمر، وذكريات تتجلى عادة في مثل هذه الجلسات، وبخاصة لحظات السفر، وكنا أحيانا ندخل الى سوق المدينة او يذهب احدنا بورقنا ليبتاع لنا شيئاً من سوقها.
* * *
** ثم عرفت هذه «الشقراء» أكثر عندما استوطنت «الرياض» فتعرفت على عدد كبير من أهل المدينة الكرام رأيت فيهم حسن التعامل وسماحة الخلق والانفتاح المتزن، وعرفت فيهم حب دينهم، واخلاصهم لوطنهم.. من هؤلاء علماء اجلاء كفضيلة الشيخ عبدالله بن منيع، وزملاء عمل فضلاء كالأستاذ الكريم عبدالله بن عبدالعزيز الجاسر، والاستاذ عبدالرحمن بن محمد الجاسر، ومنهم زملاء أعزة في مهنة الحرف، ومنهم أصدقاء تستمطر السماء بطيب اخلاقهم مثل د. ابراهيم ابو عباة، وأ. عبدالرحمن العليق، ود. محمد الفاضل وغيرهم، ومنهم رجال أعمال اشتهروا بخدمة وطنهم، وحسن تعاملهم كآل الجميح الأخيار، ومنهم كرام ارتبطت بهم اسرتي نسباً وصهراً - ومنهم - أخيراً - زملاء غالون في مجلس الشورى، وغيرهم كثير وما هؤلاء الا نماذج منهم ومنهم أعزة قضوا نحبهم وما بدلوا تبديلا.. حفظ الله الاحياء، ورحم الأموات..!.
* * *
** ولكم أسعدني عندما كرم أهالي «شقراء» رجالاً من أبناء مدينتهم، أوفياء لمسقط رأسهم ولوطنهم الكبير «آل الجميح» الذين لم ينسوا مدينتهم وأهلها، فبذلوا من اجلها المال الكثير، وقدموا من أجلها المشاريع التنموية التي اسهمت في نهضتها وخدمة أهلها، وهو تكريم مستحق من أهل شقراء للأوفياء «آل الجميح» بوصفهم اهلاً لهذا التقدير عطاء وخلقا وبذلا في المال. وكم كنت أتطلع حضور مناسبة تكريم أهالي «شقراء» لآل الجميح والاستجابة لدعوتهم الكريمة لولا ارتباطي بمهمة سفر سابقة.. ولكن إن لم أحضر معهم جسداً فأنا احضر معهم روحا ومشاعر ومشاركة وجدانية!.
* * *
** تحية لهذه المدينة التي ايقظت هذه المناسبة مكامن معرفتي لها، وذكرياتي معها، وتحية لاهالي شقراء بهذه اللمسة الوفائية في تكريمهم لرجال اخيار من مدينتهم، وتحية «لآل الجميح» القدوة في الاسهام في تطوير المشروعات النافعة وإقامتها في مسقط رأسهم.. اول مكان «حلت فيه تمائمهم». وكم استشرف - كما كتبت ذات مرة - الا ينسى المواطنون.. مواطن جذورهم عندما يذهبون الى المدن الكبرى، وينشغلون بالمال والأعمال.. ان من أجمل الوفاء: الوفاء «لأول أرض مست جلودهم ترابها» وبخاصة ان حبا لها كامنا في أعماق نفوسهم.. ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام عندما غادر مكة المكرمة إلى المدينة المنورة معبراً عن حبه لمكة المكرمة ومتأسفاً على فراقها: «والله انك خير أرض الله ولولا أني اخرجت منك ما خرجت»!.
(*) عضو مجلس الشورى رئيس تحرير المجلة العربية
|