خلال الاسابيع الماضية وتحديداً في 10/11/2002م، كتبت مقالة بعنوان «شركة توظيف الأموال» وذكرت فيها مخاطر هذا الاستثمار غير الواضح والغامض وغير المنطقي كعائدات عالية وذلك من خلال الأرباح التي توزع بنسب تصل الى 40 ،60% وأكثر وخلال فترة وجيزة.. وحذرنا من ان هذا الاستثمار غير المنطقي أيا كان الاستثمار أن يحقق هذه العوائد الكبيرة وأن يستمر الى ما لا نهاية وقد وقعت الكارثة وما كان متوقع وأصدرت وزارة الداخلية تعليماتها المشددة بإيقاف وحجز جميع حسابات هذه الشركات الخاصة بتوظيف الاموال بأنواعها وهي تتجاوز 25 حساباً ولن نحتاج لذكر الأسماء هنا وهي معروفة بهذا الخصوص.
الآن وبعد الايقاف والحجز على هذه الحسابات لشركات توظيف الأموال السؤال الذي يفرض نفسه الآن: ما هو مصير أموال المودعين الذين استثمروا بهذه الشركات؟ وهي تقدر بمئات الملايين بل وصلت الأرقام الى مليارات الريالات أو كما ينشر حتى ان البعض اقترض او باع منزله ليستثمر بهذه الشركات وأخذ مقابل استثماره شيكاً ولم يعرف هذا المستثمر أن الشيك هو اداة وفاء وليس ضماناً كما يمارسه الكثير.. أموال هؤلاء المودعين من سيعيدها ولو برأس مالها وهم الذين تطلعوا الى الربح والعائد ولكن أصبحت كلها سراب بلا نهاية.
حذرت مؤسسة النقد مراراً وتكراراً بالصحف وبإعلانات مستمرة وكتب الكثير من الكتاب المتخصصين في أغلب الصحف وهناك تجارب توظيف أموال داخليا حققت خسائر كبيرة جدا «قصة الاجهوري» وغيره كذلك بعض الدول العربية كمصر «الريان والسعد» وتوظيف الأموال وما حدث من خسائر وانهيار الكثير، وأقصد بذلك ان نشر الرأي والوعي والتحذير رسميا أو من خلال الصحف بهذا الخصوص قد تم تحقيقه لكل مطلع ومهتم بهذا الشأن والتجارب السابقة لم يستفد منها بل كأن شيئا لم يكن؟! ومع كل ذلك يظل المواطن الذي يستثمر في هذا النوع من الاستثمار الذي يتعلق بتوظيف الأموال لا يقرأ ولا يسمع ولا يشاهد بل ينظر بزاوية وحيدة وهي الربح ولا غيره وحين تحدث المشكلة كما هي الآن يبدأ السؤال: أين مؤسسة النقد؟ وأين وزارة المالية أو التجارة؟ وغيرها من الجهات الحكومية. وشيء مهم يجب توضيحه هو أن هذه الشركات لا تملك أي تصريح أو ترخيص رسمي من أي جهة فهي جهود ذاتية وشخصية حتى لا تلام أي جهة حكومية بهذا الخصوص ولكن من الجانب الآخر كان على الجهات الحكومية حسم أمر هذا النوع من الشركات منذ البداية ولا يترك حتى يتغلغل في المجتمع وتسود الفوضى والخسائر وهو ما تم الآن.
اللوم كل اللوم على المواطن الذي وضع امواله في هذه الشركات من دون وعي منه وهذا المستثمر لم يتعظ من أحداث سابقة وقعت بالسياق والنوع نفسيهما ولا يعرف الآن مقدار الخسائر التي سوف تمس كل مستثمر وضع أمواله في هذه الشركات التي تدور المال نفسه بين المستثمرين وكأنها أرباح ويبدو أن الأفق يشير الى مزيد من الحجز لبعض أموال شركات توظيف الأموال وتشير ايضا الى تصفية لن تحقق اي عوائد كبيرة لأموال المودعين وبالتالي خسائر مؤكدة بحسبان توزيعات الأرباح العالية هي من رؤوس أموال مستثمرين جدد أو سابقين ويسمى «البيع الهرمي»، ان أصول هذا الاستثمار وموجداته منعدمة وهذا يعني أن أي تصفية ستتم للأموال السائلة في الحسابات البنكية ولكن هل سيستفيد الآخرون من هذه الاحداث وهذه الخسارة على الرغم من التحذيرات والإعلانات وتكرارها أشك في ذلك في ظل عدم وجود الوعي الكامل والبحث عن الربحية بأي مخاطرة غير محسوبة وان كانت غير قانونية ولا تخضع لأي مظلة حكومية.
وما ينطبق على شركات نجده يحدث في العقار والاختلاف ان العقار شيء ملموس وموجود ولكن السؤال: متى تتم التصفية والبيع لهذه المساهمات التي تستغرق سنوات طويلة؟ وأموال المساهمين معلقة بلا نهاية قريبة لها حيث نجد إعلانات كثيرة ومتنوعة للعقارات والمساهمة بها ولا أعمم على جميع الشركات لكنها كثيرة ومتعددة حيث نجد ان هناك مساهمات بمئات الملايين ومنذ سنوات ولم تصف ولا يشير المستقبل القريب والبعيد لتصفيتها وأموال المساهمين لا تزال معلقة لا حول ولا قوة لهم، وهي أشبه بخسارة تتم في حال تجاوز أي مساهمة السنة أو السنتين على أبعد تقدير ولكن الواقع لا يعكس ذلك بل نجد خمس وعشر سنوات لهذه العقارات فمن يحمي أموال هؤلاء المساهمين؟ ما هي المظلة القانونية التي تضبط هذه المساهمات وتحدد أطراً لها أو القوانين لها بشكل واضح لا لبس فيه باعتقادي على مؤسسة النقد ايضا والغرف التجارية معالجة المساهمات العقارية المعلقة التي لا يعرف الى أي مدى ستصل؟!
|