يأتي مشروع طرح حكومة المملكة 30% من أسهمها في شركة الاتصالات للاكتتاب العام، كدليل قوي على عزم الحكومة السعودية ومضيها بدون تردد في تطوير الاقتصاد وإعادة هيكلته.
وشركة الاتصالات في الوقت الحاضر.. هي شركة رابحة وتدر على الحكومة مبالغ كبيرة.. وربما ورد التساؤل: كيف تبيع الحكومة أسهمها وتفرط في دخل سنوي متصاعد في حين أنها في حاجة لمصادر دخل إضافية إلى جانب النفط؟
والجواب هو أن الحكومة تهدف إلى ما هو أبعد من الحصول على المبالغ أو سداد جزء من دينها.. أنها تهدف أن تستقل الشركة في إدارتها وأن تدار وفق المعايير والأسس الاقتصادية للسوق التي تحقق كفاءة في الأداء ومداخيل أفضل.. بهذا تكون الحكومة قد أبعدت عن كاهلها مسؤوليات وتكاليف الإدارة وفي نفس الوقت ضمنت دخلاً أفضل.. وبإعطاء المواطنين الفرصة للمساهمة في الشركة ضمنت مشاركتهم في الإدارة ومراقبة الأداء والأرباح.
وفي واقع الأمر.. نحن الآن نجني ثمار غرس مبارك.. حيث وفق الله سبحانه وتعالى ولاة أمرنا الكرام بالالتزام بمبدأ الاقتصاد الحر.. واستعدت الحكومة الرشيدة بالبنى التحتية الأساسية للاقتصاد.. ناهيك عن تأهيل القوى البشرية الوطنية.. بهذا هيأت الدولة قطاعاً خاصاً يستطيع أن يقف على قدميه بعيداً عن تدخلها أو حمايتها. كل فرد سعودي مطالب الآن بأن يقف إلى جانب حكومته في إنجاح برنامجها الاقتصادي.
ومن هذا المنطلق.. ولأن طرح أسهم الاتصالات السعودية هو أكبر عملية اكتتاب منذ الاكتتاب في شركة سابك قبل 19 عاماً.. ولأنها أول عملية تخصيص في الجدول الذي صدر به قرار مجلس الوزراء.. فإن بعض الاقتصاديين ورجال الأعمال يخشون من الآثار التي ستنجم عن عدم اكتمال الاكتتاب وتأثير ذلك على برنامج الخصخصة ككل.. ومن هنا طرح اقتراح تأجيل الاكتتاب إلى نهاية شهر فبراير للأسباب والأهداف التالية:
1- إعطاء القائمين على عملية الاكتتاب الفرصة لتقديم مزيد من الشفافية ومنحهم الوقت لمزيد من التسويق والترويج والرد على الإشاعات التي تشكك في قوة الشركة وقدرتها على المنافسة مستقبلاً عند فتح السوق للشركات العالمية.
2- إنهاء جميع الأمور المعلقة وخاصة مسألة الحصول على الرخصة.. ونقل ملكية جميع الممتلكات الى ملكية الشركة.. وتقديم ما يثبت إنجاز كل ذلك للمواطنين قبل بدء الاكتتاب.. حيث إن هذه من الأمور الأساسية التي لا أظن أنه يجوز فتح باب الاكتتاب قبل إنجازها.
3- دراسة إمكانية تخفيض سعر السهم تشجيعاً للمواطن للإقبال على الاكتتاب.. باعتبار أن سعر 170 ريال للسهم وإن كان سعراً عادلاً لا ينظر إليه كسعر مغر للمساهمة.
4- معظم الشركات المساهمة والخاصة تقفل حساباتها في نهاية شهر ديسمبر ولا تبدأ عملية صرف الأرباح في الغالب إلا بنهاية يناير.. وبالتالي فإنه يتوقع توفير سيولة أكبر لدى المواطنين في شهر فبراير مما يتيح لهم فرصاً أكبر للاكتتاب.
هذه الأفكار طرحت في جلسة حوار ضمت بعض أبرز رجال الأعمال الاقتصاديين السعوديين.. أرجو أن تلقى الاهتمام.. ونسأل الله تعالى أن يوفق القائمين على برامج التخصيص ويبارك في جهودهم ويمدهم بعونه.. إنه سميع مجيب.
|