تعتبر الابتكارات الاقتصادية والمالية اسلوبا للتعامل مع المستجدات والظروف والمشاكل الاقتصادية التي لا تستجيب لادوات ووسائل التعامل او العلاج التقليدية كما انها في الجانب الآخر اسلوب مناسب لإيجاد ادوات تفي بالاحتياجات المتجددة للمجتمع ويمكن ان تصمم بما يتفق مع طبيعة المجتمع ومعتقداته وقيمه بعيدا عن القوالب مسبقة الصنع التي ربما تؤدي الى تشكيل الاحتياجات وصياغتها وفق قوالب الحلول هذه لا العكس.
واكثر ما تبرز الحاجة الى الابتكارات في اوقات التحولات الاقتصادية التي تستوجب تغيرا جذريا في الفلسفة التي يرتكز عليها الاقتصاد وفي أطر عمله وآلياته وتصبح عندها الادوات والوسائل القديمة عديمة الجدوى او غير مناسبة للاقتصاد الحديث، وتكون الابتكارات مفيدة ايضا عندما لا يتقبل المجتمع المنتجات والادوات الاقتصادية التي نشأت في مجتمعات تختلف عنه من حيث المعتقدات والقيم او من حيث طبيعة الاحتياجات. وهنا تكون الحاجة اكثر إلحاحا الى ابتكار ما يحقق الهدف ويكون مقبولا لدى الافراد، اذ ربما تفقد كثير من الادوات والوسائل الاقتصادية فعاليتها وقدرتها على التعامل مع المشكلات رغم نجاحها في مجتمعات معينة نتيجة لعدم اقتناع المجتمع بها وتقبله لها.
ولاشك ان ابتكار ادوات ووسائل ومنتجات مالية واقتصادية جديدة يحتاج الى فريق عمل متكامل من تخصصات مختلفة والى تضافر الجهود من اجل الوصول الى المنتج الذي يخدم الهدف والقدرة على الابتكار والخروج بأفكار جديدة تتطلب التخلص من القوالب التقليدية التي صيغ داخلها الاقتصاد التقليدي وادواته واستخدام التفكير الابداعي عند مناقشة القضايا والتفكير في الحلول.
والتجديد والابتكار في الاقتصاد امر طبيعي نظرا للتحولات التي تمر بها المجتمعات ولتطور احتياجاتها، ويشهد على ذلك تطور الفكر الاقتصادي وربما ادت الهزات العنيفة الى إحداث هزات اخرى في أنماط التفكير الاقتصادي واسلوب البحث عن الحلول.
وبالنسبة للمسلمين فإنهم يملكون إرثا هائلا من العلم والمعرفة ومن التجارب التي يمكنهم الاستفادة منه والبناء عليه في مسيرتهم وتعاملهم مع قضاياهم المستجدة، وهذا الارث في مجموعه يوفر العديد من الحلول المبتكرة لعلاج العديد من المشاكل الاقتصادية التي تمر بها مجتمعات الدول الإسلامية.
(*)قسم الاقتصاد والعلوم الادارية جامعة الإمام محمد بن سعود
| 
