اكتملت الصورة وركبت أجزاؤها المتكاملة ليعرف ويدرك من اشترك في لعبة «الاستفادة» والاسترزاق من أموال الشعب الفلسطيني.
محمدرشيد يحصل على الأموال من ريتشروب، أي من غينوسار وكوهين وكلاهما من أبناء العم اليهود اللذين يحصلان على المال كعمولة من صفقات الوقود والاسمنت في «دولة السلطة الفلسطينية» يدٌ تغسل يداً، والجميع يقوم بتسمين الجميع، غينوسار عرف دائماً متى يفترض أن يحصل محمد رشيد على المال وكم.
ليف يعرف منه الأمر من أجل تخطيط استثمارات محمد رشيد وغينوسار كان يعطي التقرير «سيحصل على المال في الشهر القادم بقيمة 300 400 ألف دولار» وهكذا مرت الأيام والأسابيع والأشهر.
الشركاء أخذوا يثرون بهدوء، محمد رشيد رتَّب لغينوسار خصمية من كل صفقة، وغينوسار يرد عليه بعملية تحويل سرية موازية، عملية السلام واصلت تلاشيها، وغينوسار واصل الإبحار بين المكاتب، مقرَّب من كل جهاز حاكم، وضيف عزيز في كل وزارة، في عهد بارك وصل غينوسار إلى ذروة تأثيره، وتوجه في مهمات ليلية في كل أسبوع تقريباً بين أطراف السلام.
وفي وقت لاحق وصل غينوسار إلى كامب ديفيد، حيث مؤتمر السلام الحاسم من أجل إنهاء الصراع. أطراف مقرَّبة من بارك قالت في هذا الأسبوع إن الأجهزة الأمنية حذرت باراك في مرات عديدة من استخدام غينوسار بسبب تناقض المصالح، إلا أنه تجاهل ذلك، وفي نهاية المطاف عندما قام المستشار القضائي للحكومة بمنع مشاركة غينوسار في الوفد الإسرائيلي إلى كامب ديفيد في ضوء رفض غينوسار المطلق للكشف عن طبيعة صفقاته مع الفلسطينيين، وجد باراك حلاً: غينوسار استدعي إلى هناك كعضو الوفد الأمريكي، المهم أن يصل، وفي كامب ديفيد أدى مهمة حاسمة، قريبة من أذني باراك، يحثه على الحديث مع عرفات، يمارس الضغط على كل الأطراف في محاولة للتقدم والتوسط، من جهة، واضح أن المسيرة السلمية مهمة لغينوسار وليست فقط لاعتبارات اقتصادية، من جهة أخرى واضح بقدر لا يقل أنه أثرى منها.
استمرت الشراكة بين ليف وغينوسار، ولتغيير التخطيط الضريبي أغلقا جرومينكو وفتحا شركة بديلة «فايننشال اكويتيز»، وأدخلا سموخا كشريك، وبعد ذلك نقلا نشاطهما إلى قبرص، ومن هناك إلى هولندا، حيث استأجرا خدمات شركة إدارة أموال محلية «ستيكو» وفي هذه الأثناء تلقى سموخا نصيبه من الكعكة الفلسطينية وفتح ملف استثمارات «نحو 40 مليون دولار وصلت من رام الله ومن بنك لونكرد وسوريتيك، بأمر من رشيد».
في مرحلة معينة فتح غينوسار وليف مكتبا في إسرائيل أيضاً يقع في شارع تيشح في تل أبيب، قرابة ميدان الدولة، وكان المكتب ذمة اقتصادية إسرائيلية خاصة، منفصلة عن النشاط في خارج البلاد، وبدأ الوضع الاقتصادي في إسرائيل يسوء، ولم تكن هناك صفقات ربحية وكان من سارع إلى مساعدتهم بالطبع هو رشيد، ففي لقاء مع ليف في رام الله روى عن عدة «أصدقاء ومقرَّبين» يريدون استثمار المال «هيا نفتح لهم صندوقاً ما في الخارج»، طلب رشيد، وفهم ليف أن الحديث يدور عن كبار في أجهزة الأمن، وربما وزراء في الحكومة أيضاً، أسماء معروفة لكل إسرائيلي، ممن جمعوا الملايين وهم يريدون الاستثمار أيضاً، ولكنه سارع إلى تبريد حماسة رشيد «لا يمكن لنا أن نفتح لهم صندوقاً بشكل مباشر»، قال «تصور أن يفعل كبار رجالات الجيش والوزراء في الحكومة أمراً مشابهاً في سويسرا، هذا لا يمر هكذا، لدي حل آخر، هيا ننقل أموالهم إلى بنك القاهرة عمان، ونعينه وصيا، فيقوم البنك بفتح صندوق، لنفترض في سوريتيك، وهكذا نتجاوز المشكلة» فتحمس رشيد، وفتح الصندوق واستثمر فيه 20 مليون دولار، نقلت إلى البنك، الذي فتح وصاية وأقام صندوقا في سوريتيك، وسمي الصندوق «سوبر الدين».
وعمولة إدارته نقلت إلى صالح وليد النجاب، أحد مقربي ومساعدي رشيد، يملك شركة باسم MCS، وقد نقل نصيب غينوسار وليف في العمولات إلى شركتهما الإسرائيلية، التي حصلت على اسم ARC، والتي هي الأحرف الأولى من كلمات «نحن نريد مالاً»، وهكذا حصل غينوسار وليف على تمويل مريح ونفقات تشغيل الشركة في إسرائيل: شركتهما وقَّعت على اتفاق استشارة مع شركة النجاب وليف وفر الاستشارة، والعمولات دفعت، حسم منها ضريبة حسب القانون وكان الجميع راضون أو بتعبير آخر: ARC حصلت على بدل استشارة من MCS، التي تلقت عمولة إدارة من سوريتيك، على
حساب صندوق الكبار الفلسطينيين «سوبر الدين»، الذي أدير بوصاية بنك القاهرة عمان، الكمال بعينه.
|