* الجزيرة - مكتب القاهرة - عاطف عوض:
أكدت دراسة قام بها المرصد الإعلامي الفلسطيني أن صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تتعمد إبراز وجهة النظر الاسرائيلية في الصراع في نفس الوقت الذي تتجاهل فيه وجهة النظر الفلسطينية كما أنها تتغاضى عن تغطية الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على القرى والشعب الفلسطيني حتى تلك الاعتداءات الصارخة التي لم تستطع وسائل الاعلام العالمية الأخري تجاهلها.
وقد قام المرصد بدراسة 11 مقالاً حول تغطية الصراع العربي الاسرائيلي في صفحات الرأي بالصحيفة في الفترة من يونيو وحتى سبتمبر 2002 تمثل جميع المقالات المتعلقة مباشرة بالقضية الفلسطينية التي وردت في تلك الفترة!
وقد راعى المرصد في دراسة المقالات الأحداث الحقيقية من اعتداءات اسرائيلية وتطورات عملية السلام والتي كانت تجري قبل نشر هذه المقالات حتى يستطيع الحكم علي مدى مصداقية الصحيفة في التعبير عن الأحداث الجارية وقد انتهى التقرير الى عدة نتائج منها أن الجريدة تلقي باللوم دوما على الفلسطينين في أي حادث متعلق بالنزاع وقد خرج المرصد بهذه النتيجة لعدة أسباب منها أن ستة مقالات ذكرت ان الارهاب هو أصل النزاع في الشرق الأوسط، ومقالتين أخريين أيدتا هذه الأراء، كما استضافت الجريدة مسئولين إسرائيليين للتعليق على الأحداث بينما - في المقابل - لم تقدم أي وجهة نظر فلسطينية رسمية لسماع الطرف الآخر حتى يستطيع الطرف الفلسطيني مثلا شرح آثار الاحتلال على حياة المواطنين الفلسطينيين البسطاء وبالتالي يحدث توازن في عرض وجهات النظر كما جرى العرف الصحفي ونتيجة لذلك حملت الصحيفة الفلسطينيين مسئولية أي حادث أو تراجع في عملية السلام.
وقد تجلى ذلك في نشر سبعة مقالات مؤيدة للسياسات الإسرائيلية في مقابل اثنين يلقيان باللائمة على إسرائيل واثنين يحملان الفلسطينيين المسئولية، واتهم التقرير الصحيفة بإعاقة صدور قرار سلمي لحل النزاع، عن طريق الانحياز لجانب واحد ثم عدم تحميل كل طرف مسئوليته في الأحداث وما ينجم عن ذلك من عدم توازن القوى وهو أحد الجوانب التي تبعد الطرفين عن مائدة المفاوضات.
ويعد هذا التقرير الثاني من نوعه الذي يصدره المرصد وكان التقرير الأول قد صدر في يونيو من العام الماضي واهتم بتحليل المقال الافتتاحي للجريدة وتوصل الى نتائج مشابهة.
جدير بالذكر أن مرصد مراقبة الإعلام الفلسطيني يضم نخبة من المفكرين والأكاديميين العرب والغربيين بل واليهود المتعاطفين مع القضية الفلسطينية، على رأس تلك الشخصيات حنان عشراوي عضو المجلس التشريعي الفلسطيني والمتحدث الرسمي السابق باسم البعثة الفلسطينية المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام.. نعوم تشومسكي، خبير الدعاية واللغويات والعلاقات الدولية في معهد ماسشوسيتس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية وهو يهودي من أشد معارضي الصهيونية وله كتب عديدة تفضح السياسة الخارجية الأمريكية والدعاية الصهيونية، د. تانيا رينهارت أستاذ بجامعة تل أبيب، د. سليمان أبو ستة، خبير شئون اللاجئين الفلسطينيين، د. مصطفى البرغوثي، رئيس اتحاد لجان الإغاثة الطبية الفلسطينية.
شارون وبيريرز يكتبون
أول هذه المقالات مقال بعنوان «مسار عملية السلام في الشرق الأوسط» كتبه اريل شارون! «9 يونيو» وكان هو المقال الوحيد الذي تم نشره في هذا الأسبوع عن فلسطين برغم تلاحق الأحداث «خمسة أيام من بدء مجزرة جنين وضرب مقر عرفات وعملية استشهادية تؤدي الي مصرع 17 إسرائيليا»، اتهم شارون عرفات بالتحريض على الإرهاب وشن حرب على إسرائيل واتهم أحد مستشاري عرفات بتكوين تحالف بين السلطة الوطنية الفلسطينية وايران والعراق! وبعده مقال آخر لوزير خارجيته السابق شيمون بيريز بعنوان: «لماذا يجب علينا عولمة الأمن» « 16 يونيو» اتهم فيه السلطة الفلسطينية بدعم الإرهاب بسبب فشلها في انتهاء فرصة العرض الإسرائيلي السخي في كامب ديفيد 2 وقال ان مصر والأردن وقعتا اتفاقيات سلام مع إسرائيل حصلتا بموجبها على الأرض والمياه دون اللجوء الى الإرهاب!وثالث ل«دينيس روس» بعنوان «تطبيق رؤية بوش للسلام» «26 يونيو» ويقوم روس بمهمة المعلق السياسي للصحيفة فيما يتعلق بالنزاع في الشرق الأوسط وبنى روس مقاله على أساس وجهة النظر الإسرائيلية: «على الفلسطينيين أن يعملوا جاهدين من أجل الحصول على الدولة» «الارهاب هو أساس النزاع في الشرق الأوسط» - السلام في مقابل الأمن. يقول منسق عملية السلام السابق: «لا تستطيع أي دولة أن تقف صامتة أمام الهجمات الإرهابية لذلك لم يكن أمام إسرائيل الا الرد».
ومقال بعنوان «كيف يمكن إصلاح السياسة الفلسطينية» لخليل شقاقي «9 يوليو» وهو أحد مقالين كتبهما فلسطينيان في محاولة فاشلة من الجريدة لإحداث توازن في عرض وجهات النظر «2 من 11 مقالاً» وهو تعليق علي خطاب الرئيس بوش بخصوص عملية السلام ويبرز وجها إيجابيا للفلسطينيين بالرغم من أنه لا يتحدث عن الاحتلال أو المستوطنات.. كما يوجد مقال بعنوان «وهم السلام المنفرد» ل«ديفيد جروسمان»، «12 يوليو» ويرى الكاتب أن إقامة السور الواقي لن يحقق لاسرائيل الأمان الذي تنشده وحاول الكاتب على استحياء تحميل شارون جزءاً بسيطاً من مسؤولية تدهور الأوضاع.
إسكات صوت فلسطيني معتدل
مقال كتبه «أنتوني لويس» «13 يوليو» وفيه انتقاد لاعتقال إسرائيل لسري نسيبه مسؤول ملف القدس أثناء إلقائه محاضرة في جامعة القدس، ونسيبة هذا - للتذكرة - كان قد دعا الى التنازل عن حق العودة لتحقيق اتفاق سلام مع إسرائيل!
صداقة غلاميين في وادي منقسم
لـ «بن كامين»: بالرغم من اعتدال الكاتب النسبي الا أنه يعود ويلقي باللوم على الفلسطينيين ويصور الاعتداءات الإسرائيلية بانها «رد فعل» على «الأفعال» الفلسطينية.
تكلفة استهداف المدنيين
لـ «كاليب كار» «27 يوليو» ويعد هذا المقال المقال الوحيد الذي تناول بالتعليق ضرب غزة بطائرات الـ f16 ولكنه يتناول الموضوع من زاوية استراتيجية عسكرية وليس من زاوية إنسانية ويري كار خطأ استخدام طائرات ال f16 طالما هناك أسلحة وأساليب أخرى!
أزمة توصيل المعونات
الإنسانية للفلسطينيين
لـ «بيتر هانسون»: يعتبر التقرير هذا المقال منحازاً تماما للفلسطينين ويعرض وجهة النظر الفلسطينية بكفاءة تامة عن طريق عرض المعاناة الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون تحت الحصار والاحتلال.
الموت والحياة في الخليل
لـ «جون ليفيت» «1 أغسطس» جاء هذا المقال بعد يومين فقط من مقال هانسون الرائع عن معاناة الفلسطينيين.
وكأن الجريدة قد شعرت بتأنيب الضمير تجاه إسرائيل فأرادت تحسين وجهها «القبيح» بأسرع ما يمكن فكان مقال ليفيت!
رحلة صعبة ولكن مبشرة
لـ «عزام العراج» «12 أغسطس» أرسل التقرير تحية الى الجريدة لنشرها هذا المقال الذي يشرح معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال في مدينة الخليل من وجهة نظر عربية هي «الاحتلال - وليس الارهاب - هو أصل المشكلة، واستهل عزام مقاله قائلا: «لن أخوض في تفاصيل من قبيل قتل الفلسطينيين، أو الحصار الخانق، أو ما يعانيه الأطفال الفلسطينيون من سوء تغذية، تدمير منازل جيراني، أو الرعب والقلق الذي ينتاب زوجتي يوميا عندما يخرج احد من أبنائنا للعمل أو للدراسة بينما هي تدعو الله أن نعود سالمين، ولكنني سأحكي لكم قصة عن الأمل، عن التغلب على الاحتلال، انها قصة تبدو قصة ضئيلة اذا ما قورنت بكل ما يحدث هنا من مآس».
|