* الرياض - صالح العيد:
أكد الدكتور خالد بن عبدالله بن دهيش وكيل الشؤون التنفيذية بوزارة المعارف - شؤون تعليم البنات - ان حكومة المملكة العربية السعودية قد استشعرت متطلبات المرحلة الجديدة فأولت عملية تنمية وتوظيف الموارد البشرية جل اهتمامها. مبينا ان ذلك يتضح جلياً من تبني سلسلة من السياسات الجديدة ذات العلاقة بالموارد البشرية، اضافة الى إعادة النظر في بعض السياسات القائمة والبدء في الاصلاحات الاقتصادية والإدارية، ويضيف: ولعل من زبرز السياسات المتبناة في هذا المجال والتي سوف يكون لها أثر على الموارد البشرية تنمية واستيعاباً، هي السياسات الخاصة بالتعليم والتدريب جاء ذلك ضمن ورقة العمل التي تقدم بها لندوة «الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440هـ الموافق 2020م» والتي رعاها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحري الوطني - حفظه الله- بالرياض خلال الفترة من 13 - 17/8/1423هـ الموافق 19- 23/10/2002م ونفذتها وزارة التخطيط بالتعاون مع البنك الدولي وأكد فيها انه رغم ما توفره السياسات الجديدة من ظروف افضل لتأهيل واستيعاب الأيدي العاملة في الأجل القصير، إلا انها لا تكفي في هذا المجال على الأمد الطويل، فهناك حاجة ماسة الى اجتذاب قدر أكبر من الاهتمام بتخطيط وتنمية وإدارة الموارد البشرية، ومع الإشادة بما حققه تعليم المرأة في المملكة العربية السعودية من إنجازات كمية ونوعية في مختلف المجالات، وفي وقت قصير نسبياً، إلا ان مشكلة مدخلات ومخرجات النظام التعليمي بدأت تأخذ منعطفاً جديداً في السنوات الأخيرة يتمثل في زيادة الضغوط المجتمعية وتزايد الطلب الأسري والفردي على التعليم من ناحية، وعدم توافق معظم مخرجات النظام التعليمي لا سيما في مؤسسات التعليم العالي للبنات مع الاحتياجات المجتمعية والعمل الملائم، من ناحية أخرى، ومع التسليم بأن حل اشكاليات التوظيف الكامل لقوة العمل النسوية او حتى غير النسوية يعتبر امراً صعباً حيث تتجاوز مسؤولية حدود النظام التعليمي لتشمل الأنظمة الإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا ان عملية مراجعة النظام التعليمي بشكل عام وتعليم المرأة بشكل خاص من حين لآخر تبقي من أخص مسؤوليات الجهة المختصة، وبرصد الاتجاهات والمؤشرات لسياسة تعليم البنات في الفترة السابقة، نجد ان التركيز منصب على استراتيجية التوسع من اجمل مقابلة زيادة الطلب الفردي والمجتمعي على التعليم بشقيه العام والجامعي، دون التركيز الكافي والموازي بنوعيه وجودة التعليم في مراحله المختلفة. وهذا الأمر يتطلب إعادة النظر عند توجهنا نحو المستقبل، واستعرض د. ابن دهيش أهم ملامح الانجازات التي حققها تعليم البنات بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل الدعم اللا محدود من الحكومة الرشيدة ولذلك تحديدا للرؤية المستقبلية لتعليم البنات في المملكة العربية السعودية والسياسات اللازمة حتى عام 1440هـ الموافق «2020م» واعتبرها الهدف الرئيس لهذه الورقة، والمحور الأول، ثم تحليل الوضع الراهن تمهيداً للقيام باسقاطات لأهم المؤشرات المستقبلية بمختلف أبعادها ومراحلها في التعليم العام والجامعي. وهذا ما جاء في المحور الثاني، أما المحور الثالث فقد تم عرض وتحليل أهم التحديات والقضايا التي تواجه تعليم البنات في المستقبل، وأخيراً افترح السياسات اللازمة لمعالجتها، وحاول الوكيل للشؤون التنفيذية بشؤون تعليم البنات ان يعرض الملخص بدمج المحور الأول والثاني معا وفق الوضع الراهن لشؤون تعليم البنات وأهم الإنجازات حيث اعتبر عام 1379هـ الموافق 1960 علامة مضيئة في تاريخ الحركة التعليمية بالمملكة لصدور الأمر السامي بإنشاء الرئاسة العامة للتعليم، ومن ثم فقد انفرد هذا الجهاز بإدارة جميع مدارس ومراكز ومعاهد وكليات البنات بالمملكة، كما اعتبر العام الحالي 1423هـ نقطة تحول أخرى وما بين التاريخ الأول والثاني فهناك رحلة عمل وإنجاز كان من أهم نتائجها كما هو موضح بالجدول:
- انتشار الخدمة التعليمية في مدن وقرى وهجر المملكة.
- سعودة الهيئة التعليمية والإدارية المؤهلة حتى وصلت في مجملها الى نسبة 5 ،98%.
- تطورات نوعية شملت المناهج الدراسية وتجهيزات مدرسية متطورة.
- تطوير الخدمات الطلابية من نقل وعلاج.
- تطوير المباني المدرسية وتجهيزاتها.
وكان من نتيجة كل هذا أن انخفضت نسبة أمية الإناث حتى وصلت إلى 10 ،27% للعام الدراسي 1422/1423ه . وتناول الواقع التعليمي للبنات من خلال الاستفادة بمدخل تحليل النظم لمدخلات العملية التعليمية ومخرجاتها والعمليات القائمة سواء في مرحلة التعليم العام أو التعليم العالي حيث تعتبر المناهج من أهم مدخلات العملية التعليمية وهي الوسيلة الرئيسة لتحقيق أهداف التربية ووضعها في أطر محددة لتحقيق الأهداف المبتغاة التي نصت عليها السياسة التعليمية للمملكة، وأكد الدكتور خالد بن دهيش أنه يوجد خطط لتطوير وتعديل دائمة للمناهج تشارك فيها كافة الإدارات التعليمية بحيث تقوم كل إدارة من خلال المشرفات التربويات والمعلمات لتطوير مجموعة من المقررات الدراسية وتحديث معلوماتها، كما يشمل التطوير عمليات الإخراج والتنظيم للكتب وتوفير كافة المعينات التعليمية، ويقترب عدد الطالبات من مليونين ونصف المليون طالبة، وهذا العدد يضم ذوات الاحتياجات الخاصة من الطالبات حيث لهن رعاية خاصة، إضافة إلى الإهتمام بتعليم الكبيرات، وتشهد المرحلة الحالية الاهتمام بمرحلة رياض الأطفال كمرحلة تهيئة للطفل للمدرسة الابتدائية بعد صدور الأمر السامي الكريم بفصل هذه المرحلة عن المدرسة الابتدائية، وقد أصبح عدد شاغلات الوظائف التعليمية ما يقرب «223 ،213» معلمة وتكاد تقترب نسبة السعوديات من «100%» منهن، إضافة إلى العمل على تطوير الأداء لهن من خلال الاهتمام بتدريبهن، وتلبية رغبات معظمهن في النقل إلى حيث يرغبن، كما تتاح لهن فرص الابتعاث الداخلي، والاهتمام بإعدادهن من خلال نشر كليات التربية وكليات إعداد المعلمات في معظم مدن المملكة، وتطرق إلى المدارس والتي هي عصب العملية التعليمية موضحاً أنه رغم الزيادة الكبيرة في أعدادها إلا أن هناك بعض المناطق خاصة في المدن الكبيرة يصعب إيجاد المبنى المدرسي المناسب، كما أن هناك نسبة كبيرة من المباني مستأجرة مشيرا إلى أن ميزانية قطاع تعليم البنات تبلغ «22» مليار ريال سعودي، إلا أن المهم أن المخصص للرواتب والأجور والبدلات يستحوذ على «90%» من الميزانية بما يعني أن «10%» هي المخصصة للمصروفات الجارية وكافة الأنشطة مما يؤدي إلى وجود العديد من المشاكل كعدم القدرة على إنشاء المباني وتنفيذ البرامج التطويرية. الخ..، وعن التعليم الجامعي بين الدكتور خالد بن دهيش أن أعداد الكليات يبلغ ما يقارب من المائة كلية إضافة إلى برامج الدراسات العليا، وتبلغ أعداد الطالبات ما يقارب «200» ألف طالبة، إلا أن أهم السلبيات هو ارتفاع نسب الرسوب مما يعني انخفاض الكفاءة الداخلية، كما أن الميزانية المخصصة لهذه الكليات تعتبر ضعيفة لاسيما عند مقارنتها بالميزانيات المخصصة للجامعات.
كذلك يعاني التعليم العالي بارتفاع معدل أستاذ/ طالب مما يضعف من خدمة عضو هيئة التدريس وينعكس على الأداء ولعل أهم ملحوظة في مخرجات التعليم الجامعي للبنات هو انخفاض مستوى مخرجاته وخاصة في بعض الكفايات والمهارات والتركيز على التخصصات النظرية التي لا تتواءم مع الاحتياجات الحالية والمستقبلية للمجتمع مع وجود عجز في التخصصات العملية ويزاد الأمر في كليات البنات نظراً لعدم وجود كليات طبية وتطبيقية أسوة بما هو موجود بالجامعات.
وحول الرؤية للمستقبل بين الوكيل للشؤون التنفيذية بوزارة المعارف شؤون تعليم البنات أنه قد تم عمل إسقاطات لاعداد السكان المتوقعة حتى عام 1440ه «2020م» كذلك إسقاطات لإعداد الطالبات والمعلمات والفصول ولطالبات المرحلة الجامعية وقد ظهر أن هناك زيادات متوقعة، وهذه الزيادات تطرح تساؤلين هما: كيف يتم تمويل هذه الزيادات المطلوبة في تكاليف التعليم؟ وهل سنتمكن من مواكبة وملاحقة وتلبية معطيات المستقبل؟.
وحول أهم التحديات والقضايا الواجب مواجهتها عند التعامل مع المستقبل بين ابن دهيش من خلال ورقة العمل أن هناك حاجة إلى رفع الطاقة الاستيعابية للمؤسسات التعليمية والتدريبية للبنات، والاهتمام بتطبيق التعليم الأساسي وكذلك تعليم مرحلة رياض الأطفال، وضعف الموازنة بين خريجي التعليم وحاجات المجتمع، والقصور في الكفاءة الداخلية لمؤسسات التعليم وارتفاع نسب الرسوب والتسرب، والقصور في استخدام المعايير والمؤشرات التي تساعد في رؤية حركة التعليم كالجودة الشاملة والمحاسبية، ونقص التمويل واعتماده على القطاع الحكومي، وضعف مشاركة القطاع الأهلي، بالإضافة إلى القصور في الأخذ بالصيغ التربوية الحديثة، وضعف الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
أما الأسس والمنطلقات فقد أشار إلى الاهتمام بالمواءمة بين الكم والكيف عند التعامل مع تعليم البنات، فإذا كان من المهم أن ترتفع نسبة المتعلمات فالأكثر أهمية مستوى تعليمهن ملبياً الحاجات المجتمعية ومناسباً للظروف العالمية.
وضرورة الفصل بين الحصول على الشهادة من ناحية وبين الحصول على فرصة عمل من ناحية أخرى، فالتعليم حق شرعي للفتاة أما الحصول على فرصة عمل فهو يرتبط بظروف بعضها يمكن التحكم فيه والكثير من هذه العوامل لا يمكن السيطرة عليها، الاهتمام بإدخال صيغ تمويلية مختلفة وجديدة، الاهتمام بالتكامل بين مؤسسات التعليم من ناحية، وبينها وبين مؤسسات المجتمع من ناحية أخرى، والأخذ بمبدأ المرونة في التعامل مع تعليم البنات وإذا لم يكن في الاستطاعة الآن إلحاق جميع البنات برياض الأطفال على سبيل المثال فيمكن أن يتم تهيئتهن في فترة الصيف، وإذا كان من الصعب بناء مدرسة في أحد المناطق النائية فمن السهل بناء فصول عدة تقوم بنفس الغرض.
وأما السياسات المستقبلية فأشار إلى الإفادة من نتائج دراسة التقويم الشامل للنظام التعليمي لإعداد خطة تطويرية في كل من قطاع التعليم العام والتعليم العالي، وضرورة تضمين الخطة التطويرية لشؤون تعليم البنات احتياجات التعليم الفني والتقني والتدريب المهني للبنات، ووضع خطة علمية طويلة المدى لإنشاء المباني المدرسية الحكومية للبنات، الحاجة إلى وضع تصور مستقبلي من قبل مجلس القوى العاملة « بحكم الاختصاص» يتحدد فيه مجالات عمل جديدة وتوسيع نطاق عمل المرأة وزيادة الفرص الوظيفية المتاحة لها بما يتفق مع تعاليم الشريعة الإسلامية، ومبادرة الجهات المعنية بشؤون تعليم البنات التنسيق مع الغرف التجارية والصناعية لتحفيز رجال الأعمال على الاستثمار في المشاريع الهادفة إلى توظيف النساء في جو من الحشمة والستر وعدم الاختلاط بالرجال وعلى ضوء ضوابط الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى إعداد دراسة شاملة عن العوامل التربوية والاقتصادية والاجتماعية للرسوب والتسرب حسب كل من المراحل والمناطق التعليمية.
الدكتور خالد بن عبدالله بن دهيش الوكيل للشؤون التنفيذية بتعليم البنات |