لقد قامت الدولة السعودية منذ البداية على أساس شرعي ومن أجل تحقيق غاية شرعية: قامت من أجل حفظ الدين وتطبيق شرائعه السمحة؛ فكانت بحق دولة إسلامية شرعية: التوحيد عقيدتها والدعوة إلى الله رسالتها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفتها. وقد حظيت هذه الوظيفة باهتمام ولاة الأمر في هذه الدولة منذ تأسيسها فتم إنشاء جهاز مختص بالحسبة وشؤونها انفردت به دون غيرها من الدول الاسلامية.
وقد استمر اهتمام ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة بالحسبة وشؤونها والقائمين عليها انطلاقا من تمسكهم بالكتاب والسنة، والتزامهم بتطبيق أحكام الشريعة، وإدراكا منهم لما في إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مصلحة للأمة ووقايتها من البدع والمنكرات العقدية والأخلاقية والمؤثرات السلوكية التي يموج بها العالم اليوم إنهم يعتبرون إقامة هذه الشعيرة وظيفة للدولة ومن أسسها التي تفتخر بها وبزّت بها غيرها من الدول.
يقول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد حفظه الله: (إن الحكم في هذا البلد بني على أسس وقواعد من مئات السنين وليس بشيء جديد، وأهم شيء من الأمور التي تفتخر بها البلاد والمسؤولون فيها هي أنها البلد الوحيد الذي تطبق فيه شريعة الله ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر).
وقد كرس النظام الأساسي للحكم الذي صدر في عهده حفظه الله هذه الوظيفة وأكد عليها فجعلها إحدى الوظائف الأساسية للدولة فنصت مادته رقم (23) على ما يلي:
(تحمي الدولة عقيدة الإسلام وتطبق شريعته وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بواجب الدعوة إلى الله).
والجهة المسؤولة عن القيام بهذه الوظيفة وأداء أعمالها هي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما سبقت الإشارة إلى جانب أجهزة الدولة ومؤسساتها الأخرى ذات العلاقة. وقد مرت الهيئة بمراحل وشهدت تطورات عديدة كان أبرزها صدور نظامها بمرسوم ملكي عام 1400ه حدد اختصاصاتها وصلاحياتها وواجباتها وأكد على أن رئاستها جهاز مستقل يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء؛ الأمر الذي قوّى من شأنها وزودها بالسلطة التي تحتاجها في أداء عملها والاضطلاع بمسؤولياتها الجسيمة التي حددها النظام.
وقد أشارت المادة التاسعة من ذلك النظام إلى أن من أهم واجبات هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إرشاد الناس، ونصحهم لاتباع الواجبات الدينية المقررة في الشريعة الاسلامية، وحملهم على أدائها، وكذا النهي عن المنكر بما يحول دون ارتكاب المحرمات والممنوعات شرعاً، واتباع العادات والتقاليد السيئة أو البدع المنكرة.
وقد قامت الهيئة بهذا الواجب خير قيام فساهمت بجهود كبيرة في حماية العقيدة وحراسة الفضيلة في المجتمع السعودي والمحافظة على الأخلاق الإسلامية والآداب العامة فيه. ومن يطلع على سجل أعمال الهيئة وإحصائياتها سيدرك حجم دورها الفعال في حفظ الدين وإقامة شعائر الملة وحماية مصالح الأمة، وإسهامها الحقيقي في تحقيق الأمن ومكافحة الجريمة وحماية أعراض الناس وأنفسهم وأموالهم وعقولهم، هذا بالإضافة الى ما تقوم به من جهود ملموسة في التوعية والتوجيه وإرشاد الناس إلى الخير وطرقه وتحذيرهم من الشر ومسالكه وأهله. وما تقوم به كذلك من جهود في محاربة السحر والشعوذة وقمع أهل الفساد ومروجي المخدرات والرذيلة وأهل السكر والعربدة وصيانة المجتمع وأبنائه من شرورهم وعبثهم.
ص. ب: 61647 الرياض: 11575 |