|
|
طبيعة أغلب البشر هي البحث أوالنبش عن سلبيات الآخرين وفوضويتهم وأفعالهم وردودها ونادرا ما يثنون أو يذكرون الايجابيات. ومن خلال ما نلاحظه على مجتمعنا أنه حينما يصدر من شخص معين سلوك سلبي يبادرون بالسؤال عن ماذا يعمل هذا الشخص «وظيفته» فحين يقال لهم إنه معلم أو معلمة يكون النقد حاداً ولاذعاً وأحياناً قاسياً وقد يصل الى رمة العملية التربوية والتشكيك فيها وبالعامية «الله يخلف على عيالنا اللي هذولا هم مربي الأجيال..» لماذا هذا النقد القاسي؟؟ إنني أجيب ببساطة: لأن المعلم والمعلمة هما مربيا الأجيال ويقع على عاتقهما بناء جيل قادم فإذا صلحت التربية أو التنشئة ومن يقوم بها صلح المجتمع وأصبح بناءً قوياً متماسكاً فالأجيال الصالحة تبني الشعوب والحضارات وبالتالي فإن المعلم والمعلمة هما من يغرس نبتة ويسقي غرسة بالتالي حين يكبر نجني غرس وثمار المربين التربويين ولذا على المعلم والمعلمة ان يكونا قدوة حسنة وشخصية نموذجية مثالية «قدر الامكان» يحتذى بها.. روى لي زميل انه عانى من موقف حرج بقوله: بينما كنت أنصح أبنائي الطلاب في الصف الثالث عن أضرار التدخين قاطعني أحد الطلاب وقال لي: أستاذ لماذا تنصح عن التدخين وأنت في جيبك دخان!!.. فيواصل حديثه إنني دهشت من مقاطعة وسؤال الطالب بماذا أجيبه وبماذا أبرر له؟ فيقول: رددت على الطالب فقلت له: سأتلفه من هذا اليوم ولن أعود له ولا أريدكم أن تصبحوا مثلي يوماً من الأيام.. ويواصل حديثه إنني في تلك اللحظات أنبت نفسي وطرحت عليها تساؤلات: هل أنا بالفعل قدوة حسنة لأبنائي الطلاب؟ هل فقدوا الثقة بي؟ بماذا سيتحدثون عني مستقبلا كنموذج للمعلم الفاشل؟ إنني لست قدوة لهم بل سيىء في نظرهم!!. إذاً المعلم والمعلمة ليسا ملقنين للمعلومة ولكنهما مربيان وعليهما دور تربوي كبير في بناء وصنع الأجيال.. ولا أنسى أن أشيد بالمبدأ الذي أطلقه معالي وزير المعارف د. محمد الرشيد حين تولى الوزارة فقال: «وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة» ولذا فإن عظمة ونهضة الشعوب وتطور الأمم وبناء الحضارة إنما التربية هي قاعدتها الأساسية والمعلم والمعلمة هما من يصنعان ويكونان هذه القاعدة فمتى ما كانت صلبة وقوية تحقق البناء الحقيقي للإنسان والذي بدوره يكمل ويبني كافة أعمدة الحضارة أما إذا كان البناء وفق قاعدة هشة فسرعان ما ينهار البناء أو يبقى شكله مشوها يحدث ألماً ونزيفاً لا يندمل عبر عصور عديدة، وكما نلحظ ذلك في كثير من المجتمعات التي أقيمت تربيتها وفق أساس ضعيف بأنها أصبحت خاوية هامشية من خريطة العالم السكانية. |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |