إقليم سدير ملتقى قوافل الماضي وطرق الحاضر 3/6
المجمعة مدينة «الستمائة» عام .. وقوعها على ملتقى الطرق الدولية ساهم في تطورها

  حلقات أعدها : حمود بن عبدالعزيز المزيني
إحدى رياض المجمعة مدرج حسنانة
نتحدث في حلقة اليوم عن عاصمة إقليم سدير وهي مدينة المجمعة ذات التاريخ التليد الذي يمتد لعام 820هـ حيث تاريخ إنشائها الذي نتطرق إليه اليوم إضافة لبعض المعلومات التاريخية الأخرى.
مدينة المجمعة
تأسست هذه المدينة عام 820هـ بعد انشاء بلدة حرمة الملاصقة لها بخمسين عاماً.. وكلا البلدين قاما على اطلال قرى سابقة لبني عائذ وغيرهم. وكان أول من بدأ العمارة بها عبدالله الشمري. ومن ثم تقاطر عليه أفراد من مختلف القبائل وعمروا واستقروا فنمت هذه المدينة شيئا فشيئا على مر الزمن حتى أصبح لها شأن في تاريخ المنطقة على ما سيأتي ذكره...
هذا وقد استمرت الامارة في ذرية عبدالله الشمري حتى عام 1193هـ حيث عزل الإمام عبدالعزيز بن محمد آل سعود رحمة بن عثمان الشمري أمير المجمعة، وعين بدلاً عنه عبدالله بن معيقل أميراً عليها وبذلك انتهت الزعامة المحلية واصبح أمراء المجمعة بالتعيين من آل سعود - مناصيب- منذ ذلك التاريخ.
مدينة المجمعة أصبحت قاعدة لمنطقة سدير - محافظة المجمعة حالياً منذ عهد الدولة السعودية الأولى فهي مقر قضاة سدير وهي مقر بيت مال سدير وكان لبيوت المال في الماضي أهمية كبيرة بالنسبة لموارد الدول وهي مركز الإدارة الطبيعي لمنطقة سدير. وكما قال لوريمر في كتابه: دليل الخليج العربي «هي المدينة الرئيسية ومركز الإدارة الطبيعي لمنطقة سدير في نجد».
وكما كانت المجمعة في الماضي ملتقى للقوافل التجارية المتجهة بعد نجد إلى العراق والكويت والقادمة منهما .. فهي في الوقت الحاضر ملتقى للطرق الدولية التي تخترق المملكة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.. ففي وسط مدينة المجمعة يلتقي طريق الكويت والشمال المتجه إلى الأماكن المقدسة بطريق الرياض - سدير - القصيم- المدينة المنورة السريع والمرتبط بالطرق الدولية مع المملكة.
أما سبب تسميتها بالمجمعة فقيل لكونها تجمع أسرا عديدة من قبائل متفرقة. على خلاف المعهود في ذلك الزمن.. وقيل وهو الأقرب إلى الصواب أن هذه التسمية بسبب كونها تقع في ملتقى عدد من الأودية تجتمع إلى جوارها أكبرها وادي المشقر الذي تقع المجمعة على ضفته اليمنى. وبعد ذلك يتجه منطلقا إلى الخفيسة شرق المجمعة ب 50 كم.
هذا ويتربع جبل منيخ وقلعته التاريخية إلى الغرب من المدينة حيث يطل عليها.
ومدينة المجمعة بطبيعتها هي المركز الإداري والتجاري: لمنطقة سدير حيث تتركز فيها الدوائر والمصالح الحكومية التي تشرف على مدن وقرى المحافظة ولها فروع في معظمها.
الموقع
تقع مدينة المجمعة على خط العرض 25 شمالاً على خط العرض 46 شرقاً على وجه التقريب وهي إلى الشمال الغربي من مدينة الرياض بمسافة 180 كم على الطريق السريع.
وهي في أرض سهلية يجري في شمالها واد المشقر بفروعه المتعددة منحدراً من جبال طويق غرباً وإلى الغرب منها والجنوب الغربي جبال وهضاب قليلة الارتفاع تعتبر امتداداً من جهة الشرق لسلسلة جبال طويق التي تمتد من جنوب نجد إلى أقصى شمال منطقة سدير حيث تختفي في نفود الثويرات وإلى الشرق والجنوب الشرقي من الجهة تمتد السهول بمساحات كبيرة حتى جبال المجزل.
معالمها الأثرية
1 - مدرسة الشيخ أحمد بن صالح الصانع.
2 - المقصورات الشرقية.
3 - جزء من سور البلد القديم.
4 - جامع الملك عبدالعزيز والدكاكين التابعة له.
5 الفصلة وهو جبل صلة اسود عليها كتابات قديمة.
6- غار علية وابا زيد.
7- مسجد ركبة إبراهيم وهو والد الشيخ/ عبدالله بن سيف احد المشايخ الذين درس عليهم مجدد الدعوة السلفية الشيخ محمد عبدالوهاب.
8- بعض المساجد والبيوت الطينية القديمة.
الزراعة بالمجمعة
تنتج مزارع المجمعة الحبوب بأنواعها والاعلاف والخضار والفواكه والبطيخ.
كما تنتج كميات ضخمة من القمح وخاصة مزارع الحمادة ذات المياه الوفيرة.
ولكن الشهرة الغالبة على المجمعة هي كثرة اشجار النخيل ومن ثم انتاج التمور حتى لقد وصفها الدكتور/ محمد عبده يماني عند زيارته لها في التسعينات قبل توليه وزارة الاعلام بمدينة المليون نخلة وتعتمد مزارع المجمعة القديمة على الآبار السحطية التي عمقها في العادة من عشرين الى ثلاثين متراً.
وتنحت في الصخور بالمعاول .. ثم تطوى بالحجر لحفظها من الانهيار وقد اوجد اهل المجمعة عددا كبيرا من السدود- المداريج- في اوديتهم لتنظيم السيول وتقسيمها على المزارع.. والاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من المياه في الاودية كمخزن يغذي الآبار.. وهذه السدود معمولة بالحجارة بطريقة الطي، كما توجد الزراعة البعلية للقمح في الرياض القريبة من البلد عند تكاثر السيول شتاء.
وسبق ان انشأت وزارة الزراعة سداً على وادي المشقر في التسعينات من القرن الماضي.. وهو الان سد قديم لايفي بالاحتياج والمجمعة في امس الحاجة الى انشاء سد كبير تناسب مع ضخامة الوادي والمزارع القائمة عليه... كما انها في امس الحاجة إلى انشاء آخر على وادي الكلبي الضخم ذي المزارع الكثيرة.. والأمل الان معقود بعد الله تعالى على وزارة المياه.
من رجالات المجمعة
1- عبدالله بن إبراهيم العسكر.. تولى بعد ابيه امارة المجمعة عام 1315هـ واستمر في الامارة أكثر من ثلاثين عاماً.
عرف برجاحة العقل والحكمة والدهاء.. عينه جلالة الملك عبدالعزيز بعد ذلك اميراً على منطقة عسير. ومقر الامارة في عاصمتها مدينة ابها فقام بمهمته خير قيام فوطن الامن وضبط الامور في تلك المنطقة المضطربة.
2- عبدالعزيز بن عبدالله العسكر: وتولى الامارة بالمجمعة بعد والده.
3- الشيخ/ عبدالمحسن بن حمد التويجري احد رجالات الملك عبدالعزيز.
4- الشيخ/ حمد بن عبدالمحسن التويجري: وكيل بيت مال سدير في عهد الملك عبدالعزيز ثم نقله جلالته عام 1356هـ وكيلا لبيت مال منطقة القصيم.
5- الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري: كان وكيلاً لبيت مال سدير بالمجمعة بعد انتقال اخيه عام 1356هـ ثم رشح من ولاة الامر وكيلاً للحرس الوطني عام 1381هـ ويشغل الآن منصب نائب رئيس الحرس الوطني المساعد ولأبي عبدالمحسن اعمال عظيمة واياد بيضاء يشهد لها الجميع.. وهو الى جانب مسؤولياته الكبيرة رجل علم وادب وله العديد من المؤلفات.
كما انه له اعمالاً خيرية رائدة منها بناؤه مع اخيه عبدالله التويجري مجمعاً تعليمياً بالمجمعة من ثلاث مراحل ومنها ذلك المشروع العملاق وهو المركز الشامل لتأهيل المعاقين بالمنطقة جار العمل فيه وتقدر تكلفته بحوالي ثلاثين مليوناً.
6- الاستاذ/ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري المستشار بديوان ولي العهد.
7- الشيخ/ محمد بن إبراهيم بن جبير: وزير العدل ثم رئيس مجلس الشورى حتى وفاته العام الماضي رحمه الله.
8- الشيخ عثمان بن ناصر الصالح المربي المعروف وأحد رواد التعليم ومدير معهد الانجال في الماضي.
9- الشيخ/ عبدالعزيز بن محمد العتيقي: عضو مجلس الشورى بمكة المكرمة في عهد الملك عبدالعزيز ونائب الملك فيصل بالحجاز آنذاك.
10- أحمد بن حمد اليحيى سفير المملكة في الكويت .
11- الدكتور/ محمد الاحمد الرشيد: وزير المعارف.
12 - الشيخ صالح بن ناصر الصالح: أحد رواد التعليم بالقصيم وقد وضع مركز ثقافي باسمه هو مركز بن صالح الثقافي بعنيزة.
13 - الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله التويجري: رئيس الشئون السياسية بالديوان الملكي في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز.
14 - الشيخ أحمد بن ناصر الصانع: وكيل بيت مال ثم أمير مدينة المجمعة في عهد الإمام تركي بن عبدالله والإمام فيصل بن تركي.
15 - الشيخ أحمد باشا الصانع: متصرف بالبصرة في أواخر العهد العثماني .
16- الشيخ/ بدر بن عبدالعزيز العسكر أمير وادي الدواسر ثم أمير القويعية رحمه الله.
17- الاستاذ/ عبدالله بن بدر العسكر: محافظ الافلاج.
18- الشيخ/ عبدالله بن محمد الحقيل: عضو مجلس منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة البنك السعودي البريطاني.
ومن اعيان مدينة المجمعة:
1- الشيخ/ عبدالله بن عبدالجبار.
2- الشيخ/ عبدالرحمن بن عبدالله بن ربيعة.
3- الشيخ/ حمد بن عبدالله السناني.
4- الشيخ/ عبدالعزيز بن ناصر المزيني.
5- الشيخ/ محمد بن عبدالرحمن الربيعة.
6- الشيخ/ عبدالله بن عبدالعزيز بن شبانة.
7- الشيخ/ عثمان بن عبدالله الجبير.
8- الشيخ/ عبدالله بن محمد الصالح.
9- الشيخ/ حمد بن ناصر التويجري.
10- الشيخ/ عبدالعزيز الثميري.
11- الشيخ/ أحمد بن محرج.
12- محمد بن دهش.
البرقية
كان جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله بسياسته الحكيمة يجمع بين المحافظة على الثوابت والاخذ بأساليب ومنجزات الحضارة الحديثة.
وقد عانى في هذا الطريق أشد المعاناة وواجه الكثير من الصعوبات فتغلب عليها بعون الله ثم بحنكته وسياسته وبعد نظرته وقد كانت مدينة المجمعة لأهميتها نالت محطة توضع فيها البرقية بعد الحجاز والرياض وذلك لموقعها الاستراتيجي وكونها على طريق الكويت والعراق والشمال.. ولكثرة القبائل المحيطة بها. ولتقبل اهلها بطبيعتهم لمتطلبات العصر وقد افتى الشيخ عبدالله العنقري بجوازها والعنقري له مكانته عند الملك عبدالعزيز وكان من الذين حضروا الجمعية العمومية التي عقدها الملك عبدالعزيز بالرياض عام 1347هـ لمناقشة ما يحتج به الاخوان على الملك من امور كان من ضمنها ادخاله البرقية للمملكة.
فلما لم يفلح هذا اللقاء في اقناعهم كان لابد من المواجهة معهم. حيث التقى بهم الملك عبدالعزيز بقواته في روضة السبلة شمال سدير قرب الزلفي وكان جلالته رحمه الله يكره اراقة الدماء لذا فقد كلف قاضي المجمعة عبدالله العنقري وابن زاحم بمراجعتهم في السبلة ومحاولة اقناعهم لعلهم يرعووا ويرجعوا إلى جادة الصواب ولكن بدون جدوى فكان لابد من الصدام في تلك المعركة الفاصلة التي انتصر فيها الملك عبدالعزيز وانتصرت فيها مسيرة التقدم التي يقودها في 19/10/1347هـ وكان لأهل المجمعة دور معروف في امداد قوات الملك عبدالعزيز بالمؤن وبالرجال.
الأمير/ إبراهيم بن عبدالله بن عرفج:
بعد انتهاء تلك المعارك الفاصلة في مسيرة توحيد هذا الكيان الشامخ وخصوصا معركتي السبلة وام رضمة على ارض سدير قام الملك عبدالعزيز بتعيين/ إبراهيم بن عرفج أميراً على المجمعة وبقية سدير واعطاه صلاحيات واسعة.. وكان رجلاً قوياً حازماً حكيماً عاقلاً امسك بزمام الامور في منطقة سدير وحتى حفر الباطن والشمال.. وكانت له هيبة عند الحاضرة والبادية.. ويروى عنه الكثير من المواقف البطولية التي تشهد لجلالة الملك عبدالعزيز في حسن اختيار رجاله..
زيارات قادة هذه البلاد للمجمعة:
1- في عام 1347هـ زار الملك عبدالعزيز المجمعة وذلك بعد حرب مطير.
2- كما زار جلالته المجمعة قبل حرب جراي عام 1333هـ.
3- وبعد حرب السبلة عام 1347هـ زار جلالته المجمعة وكان لأهل المجمعة مواقف معروفة مع الملك عبدالعزيز في هذه الحروب حيث شاركوا بالامدادات والرجال.
4- في عام 1373هـ زار الملك سعود مدينة المجمعة.
5- في عام 1378هـ زار الملك سعود مدينة المجمعة مرة أخرى وقد لقي من اهل المجمعة الحب الصادق وحفاوة الاستقبال .
5- في عام 1401هـ زار الملك خالد مدينة المجمعة وكان في معيته ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز- خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- والنائب الثاني رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ووزير الدفاع والمفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز وعدد من أصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء ورجال الدولة.. وقد اقيم احتفال مهيب بهذه المناسبة يتناسب ومقام المحتفى بهم دام عزهم.
6- في عام 1418هـ قام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بزيارة المجمعة حيث استقبل من اهل المجمعة ومنطقة سدير بما يليق به.
وهذه القصيدة لإبراهيم بن مزيد. وقد شيلت في عرضة أهل المجمعة عند زيارة جلالة الملك سعود لهذه المدينة عام 1378هـ. ومنها: