Thursday 12th December,200211022العددالخميس 8 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

يُمَّه يُمَّه
سارة عبدالعزيز

في الديرة في قريتي القديمة موطن آبائي وأجدادي سكنت في حارة الطين بطفولتك وأول شبابك ويوم نضجت واكتملت أنوثتك قطفك أبوي من بيت أهلك كنت بريئة بنظراتك وخديك، متوردة من الحياء وضفايرك طويلة، زفَّتكِ دقات الدفوف وأهازيج الفرح من أهلك وجيرانك وأحبابك وصَّلُوكِ لبيتك ترعاك دعواتهم لك بالتوفيق والسعادة والذرية الصالحة،
يُمَّه ليتني كنت معكم عشت فرحتكم ذقت أيامكم ببساطتها وطيبها ليته يمه كانت حياتك جميله مع أنك ياما حرقت غداك وماعرفتِ تخيطين ثوبك بس عشت سعيدة مع أبوي كان طيبا وحنونا .وبيوم تعبت وتألمت وأخفيت أمرك وزرت جدتي وسألتها يمه أشكي معدتي والأكل ماأقبله ضمتك أمك بقوه وضحكت وهي تبشرك يا بنيتي هذا الحمل يمه أوله صعب وتاليه صعب بس اخره فرحه وسعد لاتخافين.
تدرين من حملتي؟
أنا حملك جنين ببطنك أسبح داخل رحمك أتغذى من دمك وأدفى بضمة أحشائك وكبرت وتعبت أكثر ياليتني ماتعبتك ولا سهرتك ولا آلمتك بس هذا قدرك يمه
تسعة شهور تزيد أياما كنتِ عند النار تخبزين حتى بتعبك ما ترتاحين صرختِ وارتفع صوتك وفزعت جارتك وأخذتك لغرفه بأقصى الدار وطمنتك هذي أعراض الولادة تصبري وناأختك بيفرجها ربك تألمت كثيراً وساعات وأنت تعانين وبلحظه فرجهاالرحمن وطلعت روحي من أغلى روح منك يايمه كنت تبكين وكنت أبكي تبكين فرحة وألم وأبكي خوفا من الدنيا.
ضممتني لصدرك وأسقيتني أعذب شراب منه ماتشيع روحي . وكبرت شوي وصرت تلاعبيني تناغيني تحرضيني على الكلام ونطق فمي بأعظم اسم ماما تبسمت وضحكت وحضنتني بقوه أكثر وبكيت من حبك يايمه .
عودتني إذا أظلم الليل بدفى حضنك تاخذيني وعلى لحن صوتك تنوميني كبرت وعيونك تراعيني ومشيت أول خطواتي ويدينك بيديني علي كنتي تخافين وتسهرين وماتنامين اه يمه كيف أجازيك؟كبرت وأتلفت أعصابك وبأول أيام المدرسه تعلقت بثوبك مابغى أفارقك أبي دنياك مابي غيرها.وبالقوة درست وسنه تجر سنه والصغيرة كبرت تذكرين يمه سألتيني مرة فلانة خطبتك لولدها شرايك يابنتي خنقتني عبرتي وتلعثم الحرف وما قويت أطالعك وتكلمت روحي أنا أتزوج أتركك ؟كيف؟وبسرعة تدور الأيام وبليلة زواجي أخفيت دموعك عني وأظهرت البسمة لجل فرحتي تكمل كنت أداري دموعي وأشغل خاطري يمه فستاني زين؟ مكياجي مناسب؟
آه يُمَّه بعد ساعة زفتني عيونك وصوتك الحنون داعب أسماعي تدعين بقلبك وتودعيني تدرين يمه شعوري بها لحظه ودي أني صغيرة ما فارق حضنك ولا دفى روحك أنا راحتي بقربك، ودَّعتك ونا خافقي يصرخ آه يُمَّه، كيف أجازيك؟

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved