* تحقيق - محمد بن راكد العنزي
محافظة طريف:
يبقى الهاجس السنوي لدى العديد من الأسر وأولياء الأمور بمحافظة طريف ومعاناة سنوية مستمرة يتمنون البحث لها عن علاج، فهي تبدأ دائماً مع فرحة الآباء بنجاح بناتهم واستلامهن لشهادات الثانوية العامة وعندها تبدأ رحلتهم المعتادة ذهاباً وإياباً في سفر متواصل وتنقل دائم بحثاً لها عن قبول في إحدى الكليات القريبة بالمنطقة، والتي بعد أن يتحقق للبعض منهن القبول فإنه يبدأ معها معاناة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها.
انقسام الأسرة
عن ذلك يقول الشيخ زعل مشاري الشعلان: إن الكثير من الأسر تضطر للانقسام فيما بينها للذهاب مع الطالبة حينما يتم قبولها بالكلية وخاصة عندما لا يتوفر لها السكن هناك، حيث تذهب الأسرة بأكملها فتترك منزلها الذي تملكه ومصالحها من خلفها وقد تنقل الأبناء من مدارسهم التي اعتادوا عليها منذ سنين لتعيش ابنتهم معهم وتحت أنظارهم ورعايتهم، وقد ترحل الزوجة والأبناء تاركين وراءهم الأب لوحده وذلك لارتباطه بعمله حيث لا يستطيع بعد ذلك زيارتهم إلا في عطلة نهاية الأسبوع حيث يأتي إليهم قاطعاً مسافة 500كلم ذهابا وإيابا في يومين وعلى مدى أربع سنوات لقضاء حاجياتهم وتفقد أحوالهم والاطمئنان عليهم، فيما يضطر البعض أحيانا إلى ترك ابنته تسكن مع ابنة قريبة أو جارة لانه لا يستطيع الاستغناء عن العائلة والزوجة، فتصبح بذلك هذه الطالبات عالة على غيرهن من الناس في كل عام لعدم وجود كلية تحتضنهن في مدينتهن وبين أهاليهن.
ويؤكد إسماعيل أحمد العقيل إن ولاة الأمر حفظهم الله ورعاهم لم يقصروا أبداً في تأمين كافة الاحتياجات الضرورية للمواطنين في كل مكان حيث يسارعون دائماً لما فيه خير هذه البلاد والعباد وكل ما من شأنه توفير كل السبل التي تريح المواطن وتسهل عمله وتنهي معاناته في أي مسألة أو ظرف يمر به، وقد أولت الدولة التعليم الكثير من دعمها واهتمامها حيث نشرت المدارس والمعاهد والكليات في كل مكان بالمملكة لتسهل على الطالب تلقي تعليمه بالقرب من أسرته وسكنه، وقد كان لسيدي صاحب السمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة الحدود الشمالية - حفظه الله- جهود كبيرة وملموسة في خدمة التعليم في المنطقة وتوفير كل متطلباته، ونتمنى دائما وأبداً أن يتم افتتاح ولو فرع للكلية في محافظة طريف حتى تسهم في التسهيل على بناتنا باكمال تعليمهن بين أسرهن وتحت متابعتهن ورعايتهن.
إلى عرعر
ويقول الشيخ محمد فرحان المعجل: إن أقرب كلية للمحافظة تبعد 150كلم وتقع في محافظة القريات ولكن نظراً لانها تتبع لمنطقة الجوف فإننا نصطدم في كل عام نحاول فيه ارسال بناتنا للدراسة فيها لقربها منا بأنها تقتصر على سكان محافظة القريات والهجر التابعة لها مما يضطرنا لقبول الأمر الواقع وتقديم أوراقهن لكلية التربية بمدينة عرعر التي تبعد عنها بمسافة 250كلم في طريق تكثر به المنعطفات والمنخفضات وقد شهد كثيراً من الحوادث المأساوية التي ذهبت نتيجتها أرواح بريئة، ويسافر البعض أسبوعيا لاحضار بناتهم في عطلة نهاية الأسبوع حيث يقطعون 500كلم كل أسبوع وهي مشقة كبيرة على المرضى وكبار السن كما أن بعض الموظفين يضطر للاستئذان صباحا في يوم الأربعاء لاحضار زوجته أو أخته أو ابنته في موعد خروجها من الكلية ظهراً.
ويوضح عبدالعزيز عبدالله الزمام أن لكل كلية عدداً محدداً للقبول، وفي كل عام تشهد هذه الكليات تزاحماً للقبول من قبل المتقدمات من بنات المنطقة التي بها عدد كثير من المدارس الثانوية التي يتخرج منها سنويا أعداد كبيرة من حملة شهادات الثانوية العامة اللواتي تزداد أعدادهن كل عام نتيجة للتوسع السكاني والعمراني الذي تشهده المنطقة، وتبعاً لذلك فإن البعض من الطالبات لا يتم قبولهن فيها مما يرهق ولي الأمر بالتنقل بها بين مدن المملكة بحثاً لها عن قبول في الكليات والجامعات الأخرى، وقد يكون مصيرها في نهاية المطاف عدم قبولها وبقائها في المنزل وكلما مرت السنوات أصبحت شهادتها قديمة وبدون جدوى بحيث لا تقبل في أي كلية مما يصيبها بالاحباط ومعاناة نفسية عندما ترى صديقاتها وقريباتها قد أنهين دراستهن بنجاح.
ويذكر عبدالله نازل الخطيب ان بعض الأسر ضعيفة مادياً وتضع كل أمانيها وطموحاتها في قبول الطالبة في الكلية لتصرف على نفسها واشقائها من خلال ما تحصل عليه أثناء الدراسة من مكافآت وكذلك مساعدة الأسرة مادياً بعد تخرجها وتعيينها ولكن لبعد اقرب كلية للمحافظة التي تقع على مسافة 250كلم فإن العديد من الأسر تضطر بعد قبول ابنتهم في الكلية الى استئجار منزل هناك وتأثيثه للإقامة فيه مع الطالبة وتحمل نفقات السكن والمعيشة وشراء مستلزمات الدراسة وهي مصاريف بلا شك مرهقة وتزيد الأعباء المادية على ميزانية الأسرة وخاصة ان المكافآت الآن تتأخر عن موعد صرفها.
ويشير شبيب عبدالله البلوي ان العديد من الآباء يقوم بسبب عدم قبول كلية القريات لبناتهم رغم قربها من طريف 150 كلم الى استخراج عقود ايجار وهمية من مكاتب العقار او تعريف بالعمل لدى إحدى المؤسسات الأهلية في المحافظة على أمل ان يتم قبول ابنته للدراسة في الكلية التي لا تقبل إلا بنات المنطقة وهجرها، بينما يرفضون طالبات محافظة طريف لانها تتبع لمنطقة الحدود الشمالية وذلك على الرغم ان هذه الكليات تتبع وزارة واحدة وفي بلاد ولله الحمد لا تفرق بالتعامل بين المواطنين، فالمناطق والمدن كذلك واحدة، وكلية التربية بالقريات بالكاد تستطيع تحمل الطالبات المتقدمات لها بسبب الأعداد الكبيرة التي تتقدم لها كل عام ولذا فإننا نتمنى ان يتم ايجاد حل مناسب ينهي معاناة الكثير من الأسر بمحافظة طريف.
|